withprophet faceBook withprophet twitter withprophet instagram withprophet youtube withprophet new withprophet pinterest


الهجرة الأولى إلى الحبشة_1137

الهجرة الأولى إلى الحبشة من كتاب إمتاع الأسماع بما للنبي من أحوال ومتاع

اسم الكتاب:
إمتاع الأسماع بما للنبي من أحوال ومتاع

الهجرة الأولى إلى الحبشة

فلما اشتد البلاء أذن اللَّه لهم في الهجرة إلى الحبشة، فكان أول من خرج من مكة فارا بدينه إلى الحبشة: عثمان بن عفان ومعه زوجته رقية بنت رسول اللَّه صلّى اللَّه عليه وسلّم، وتبعه الناس.

فخرج أحد عشر رجلا وأربع نسوة متسللين حتى انتهوا إلى الشعيبة [ (1) ] ، منهم الراكب والماشي، فوفّق لهم ساعة جاءوا سفينتين للتجار حملوهم فيهما إلى أرض الحبشة بنصف دينار. وخرجت قريش في آثارهم حتى جاءوا البحر حيث ركبوا فلم يدركوا منهم أحدا، وذكر أبو بكر بن أبي شيبة في مصنفه: عن قبيصة بن ذؤيب أن أبا سلمة ابن عمة رسول اللَّه أول من هاجر بظعينته [ (2) ] إلى أرض الحبشة.

وقيل: أول من هاجر إلى أرض الحبشة أبو حاطب بن عمرو بن عبد شمس بن عبد ودّ بن نصر بن مالك، وذلك في رجب سنة خمس من المبعث، وهي السنة الثانية من إظهار الدعوة، فأقاموا شعبان وشهر رمضان وبلغهم أن قريشا أسلمت، فعاد منهم قوم وتخلف منهم قوم. فلما قدم الذين قدموا إلى مكة بلغهم

__________

[ (1) ] الشعيبة: مرفأ السفن من ساحل بحر الحجاز وهو كان مرفأ مكة ومرسى سفنها قبل جدة.

(معجم البلدان ج 3 ص 351) .

[ (2) ] الظعينة: الراحلة يرتحل عليها. والهودج. والزوجة (المعجم الوسيط ج 2 ص 576) .

أن إسلام أهل مكة كان باطلا، فدخلوا مكة في شوال سنة خمس من النبوة، وما منهم من أحد إلا بجوار أو مستخفيا.

وأقام المسلمون بمكة وهم في بلاء، فخرج جعفر بن أبي طالب رضي اللَّه عنه وجماعات- بلغ عددهم بمن خرج أولا اثنين وثلاثين- فآواهم أصحمة النجاشي ملك الحبشة وأكرمهم.

,

[الهجرة الأولى إلى الحبشة]

وخرج البيهقي من حديث يونس بن بكير عن ابن إسحاق قال: حدثني الزهري عن أبي بكر بن عبد الرحمن بن الحرث بن هشام [المخزوميّ] [ (1) ] ، عن أم سلمة [بنت أبي أمية بن المغيرة] [ (1) ] ، زوج النبي صلّى اللَّه عليه وسلم أنها قالت: لما ضاقت علينا مكة وأوذي أصحاب رسول اللَّه صلّى اللَّه عليه وسلم وفتنوا، ورأوا ما يصيبهم من البلاء والفتنة في دينهم، وإن رسول اللَّه صلّى اللَّه عليه وسلم لا يستطيع دفع ذلك عنهم، وكان رسول اللَّه صلّى اللَّه عليه وسلم في منعة من قومه ومن عمه، لا يصل إليه شيء مما يكره مما ينال أصحابه.

فقال لهم رسول اللَّه صلّى اللَّه عليه وسلم: إن بأرض الحبشة ملكا لا يظلم أحد عنده، فالحقوا ببلاده حتى يجعل اللَّه لكم فرجا ومخرجا مما أنتم فيه،

فخرجنا إليه أرسالا، حتى اجتمعنا بها، فنزلنا خير دار إلى خير جار، أمنا على ديننا ولم نخش منه ظلما.

فلما رأت قريش أنا قد أصبنا دارا وأمنا، اجتمعوا على أن يبعثوا إليه فينا فيخرجونا من بلاده، وليردونا عليهم، فبعثوا عمرو بن العاص، وعبد اللَّه بن أبي ربيعة، فجمعوا له هدايا ولبطارقته، فلم يدعوا منهم رجلا إلا هيئوا له هدية على حدة، وقالوا لهم: ادفعوا إلى كل بطريق هديته قبل أن تكلموا فيهم، ثم ادفعوا إليه هداياه، وإن استطعتما أن يردهم عليكم قبل أن يكلمهم فافعلوا.

فقدما عليه، فلم يبق بطريق من بطارقته إلا قدّموا إليه هديته وكلموه، فقالوا له: إنا قدمنا على هذا الملك في سفهاء من سفهائنا، فارقوا أقوامهم في دينهم، فلم يدخلوا في دينكم، فبعثنا قومهم ليردهم الملك عليهم، فإذا نحن كلمناه فأشيروا عليه بأن يفعل، فقالوا: نفعل.

ثم قدّموا إلى النجاشيّ هداياه، وكانت من أحب ما يهدى إليه من مكة الأذفر [ (2) ] ، فلما أدخلوا عليه هداياه قالوا: أيها الملك، إن فئة منا سفهاء فارقوا

__________

[ (1) ] زيادة في النسب من (دلائل أبي نعيم) .

[ (2) ] في المرجع السابق: «الأدم» .

دين قومهم، ولم يدخلوا في دينك، وجاءوا بدين مبتدع لا نعرفه، وقد لجئوا إلى بلادك، فبعثنا إليك فيهم عشائرهم وآباؤهم وأعمامهم وقومهم، لتردهم عليهم، فهم أعلى بهم عينا [ (1) ] وأعلم بما عابوه عليهم.

فقالت بطارقته: صدقوا أيها الملك، لو رددتهم عليهم كانوا هم أعلى بهم عينا [ (1) ] ، وأعلم بما عابوه عليهم، فإنّهم لم يدخلوا في دينك فتمنعهم بذلك، فغضب ثم قال لعمرو: واللَّه لا أردهم إليهم حتى أدعوهم فأكلمهم وانظر ما أمرهم، قوم لجئوا لبلادي، واختاروا جواري على جوار غيري، فإن كانوا كما تقولون رددتهم عليهم، وإن كانوا على غير ذلك منعتهم، لم أخل ما بينهم وبينهم، ولم أنعمهم عينا.

فأرسل إليهم النجاشي فجمعهم، ولم يكن شيء أبغض إلى عمرو بن العاص وعبد اللَّه بن أبي ربيعة من أن يسمع كلامهم، فلما جاءهم رسول النجاشي اجتمع القوم فقال: ماذا تقولون؟ قالوا: وماذا نقول؟ نقول: واللَّه ما نعرف وما نحن عليه من أمر ديننا، وما جاءنا به نبينا كائن في ذلك ما كان.

فلما دخلوا عليه كان الّذي يكلمه منهم جعفر بن أبي طالب رضي اللَّه عنه، فقال له النجاشيّ: ما هذا الدين الّذي أنتم عليه؟ فارقتم دين قومكم ولم تدخلوا في يهودية ولا نصرانية، فما هذا الدين؟

فقال جعفر: أيها الملك، كنا قوما على الشرك، نعبد الأوثان ونأكل الميتة، ونسيء الجوار، ونستحل المحارم بعضنا من بعض في سفك الدماء وغيرها، ولا نحل شيئا ولا نحرمه، فبعث اللَّه إلينا نبيا من أنفسنا، نعرف وفاءه وصدقه وأمانته، فدعانا إلى أن نعبد اللَّه وحده لا شريك له، ونصل الرحم، ونحسن الجوار، ونصلي للَّه ونصوم له، ولا نعبد غيره.

قال: فقال: هل معك شيء مما جاء به؟ - وقد دعا أساقفته فأمرهم فنشروا المصاحف حوله- فقال له جعفر: نعم فقال: هلم فاتل عليّ ما جاء به، فقرأ

__________

[ (1) ] أي أبصر بهم من غيرهم.

عليه صدرا من كهيعص [ (1) ] ، فبكى النجاشي حتى أخضل لحيته، وبكوا أساقفته حتى أخضلوا مصاحفهم، ثم قال: إن هذا الكلام ليخرج من المشكاة التي جاء بها موسى عليه السلام، انطلقوا راشدين، لا واللَّه لا أردّهم عليكم ولا أنعمكم عينا.

فخرجنا من عنده وكان أبقى الرجلين فينا: عبد اللَّه بن أبي ربيعة، فقال عمرو ابن العاص: واللَّه لآتيه غدا بما أستأصل به خضراءهم، ولأخبرنه أنهم يزعمون أن إلهه الّذي يعبد- عيسى ابن مريم- عبد، فقال له عبد اللَّه بن أبي ربيعة:

لا تفعل، فإنّهم وإن كانوا خالفونا، فإن لهم رحما ولهم حق، فقال: واللَّه لأفعلن.

فلما كان الغد، دخل عليه فقال: أيها الملك، إنهم يقولون في عيسى قولا عظيما، فأرسل إليهم فاسألهم عنه، فبعث إليهم ولم ينزل بنا مثلها، فقال بعضنا لبعض: ماذا تقولون له في عيسى إن هو سألكم عنه؟ فقال: نقول واللَّه الّذي قاله فيه، والّذي أمرنا به نبينا أن نقول فيه، فدخلوا عليه وعنده بطارقته، فقال:

ما تقولون في عيسى [ابن] [ (2) ] مريم؟ فقال له جعفر: نقول: هو عبد اللَّه ورسوله، وكلمته وروحه ألقاها إلى مريم العذراء البتول.

فدلى النجاشي يده إلى الأرض، فأخذ عويدا بين إصبعيه فقال: ما عدا عيسى ابن مريم ما قلت هذا العويد [ (3) ] ، فتناخرت [ (4) ] بطارقته فقال: وإن تناخرتم [ (4) ] واللَّه، اذهبوا فأنتم سيوم- والسّيوم الآمنون- من سبكم غرم، ثم من سبكم غرم، ثم من سبكم غرم (ثلاثا) ، ما أحب أن لي دبرا، أو أني آذيت رجلا منكم- والدّبر بلسانهم: الذهب- فو اللَّه ما أخذ اللَّه مني الرشوة حين ردّ عليّ ملكي، فآخذ الرشوة فيه ولا أطاع الناس فيّ فأطيع الناس فيه؟ ردّدوا عليهما هداياهما ولا حاجة لي بها واخرجا من بلادي.

__________

[ (1) ] مريم: 1.

[ (2) ] زيادة للسياق والبيان.

[ (3) ] العويد: تصغير عود.

[ (4) ] نخر: صوّت من خياشيمه.

فرجعا مردودين مقبوحين، مردودا عليهما ما جاءا به، وأقمنا مع خير جار في خير دار، فلم ينشب أن خرج عليه رجل من الحبشة ينازعه في ملكه، فو اللَّه ما علمنا حربا قط كان أشد منه فرقا من أن يظهر ذلك الملك عليه، فيأتي ملك لا يعرف من حقنا ما كان يعرفه، فجعلنا ندعوا اللَّه ونستنصره للنجاشي، فخرج إليه سائرا، فقال أصحاب رسول اللَّه صلّى اللَّه عليه وسلم بعضهم لبعض: من رجل يخرج [فيحضر] [ (1) ] الوقعة ينظر على ما تكون؟ فقال الزبير- وكان من أحدثهم سنا-: أنا، فنفخوا له قربة جعلها في صدره، ثم خرج فسبح عليها في النيل حتى خرج من شقه الآخر إلى حيث التقى الناس، فحضر الوقعة، فهزم اللَّه ذلك الملك وقتله، وظهر النجاشي عليه.

فجاءنا الزبير فجعل يليح إلينا بردائه ويقول: ألا أبشروا، فقد أظهر اللَّه النجاشي، فو اللَّه ما علمنا فرحنا بشيء قط فرحنا بظهور النجاشيّ، ثم أقمنا عنده حتى خرج من خرج منا راجعا إلى مكة، وأقام من أقام. وقد رويت قصة الهجرة إلى الحبشة وإسلام النجاشيّ من طرق عديدة، مطولة ومختصره [ (2) ] .

وقال محمد بن إسحاق: حدثني يزيد بن أبي حبيب، عن راشد مولى حبيب ابن أوس، عن حبيب قال: حدثني عمرو بن العاص، حدثه من فيه إلى أذني قال:

لما انصرفنا من الخندق جمعت رجالا من قريش يسمعون مني فقلت لهم: أترون رأيي وتسمعون مني؟ قالوا: نعم، قلت: إني أرى أمر محمد يعلو الأمور كلها علوا شديدا، وإني قد رأيت [رأيا] [ (3) ] ما ترون فيه؟ قالوا: ما هو؟ قلت:

أرى أن ألحق في النجاشي، فإن ظهر محمد على قومنا كنا عند النجاشي فنكون تحت يديه أحب إلينا [من] [ (3) ] أن نكون تحت يدي محمد، وإن ظهر قومنا على محمد، فهم من قد [عرفتموهم] [ (3) ] ولا رأينا منهم إلا خيرا، فقالوا: إن هذا للرأي، فقلت: فأجمعوا هدايا نهدها له- وكان أحب ما يهدى إليه من أرضنا الأدم.

__________

[ (1) ] زيادة للسياق من (دلائل البيهقي) .

[ (2) ] (دلائل البيهقي) : 2/ 301- 304، (دلائل أبي نعيم) : 1/ 247- 250، حديث رقم (194) ، (حلية الأولياء) 1/ 115.

[ (3) ] زيادة للسياق.

قال: فجمعنا أدما كثيرا، وخرجنا حتى قدمنا عليه، فو اللَّه إنا لعنده حتى جاء عمرو بن أمية الضمريّ- وكان رسول اللَّه صلّى اللَّه عليه وسلم قد بعثه في شأن جعفر وأصحابه- قال: فدخلوا عليه ثم خرجوا من عنده، فقلت لهم: - يعني أصحابه- هذا عمرو بن أمية الضمريّ، فلو قد دخلت عليه، فقدمنا إليه هداياه فسألته إياه لأعطانيه نقتله، فإذا فعلت ذلك رأت قريش أني قد أجزأت حين قتلت رسول محمد.

قال: فدخلت عليه فسجدت له كما كنا نصنع به، فقال: مرحبا بك، هل أهديت لي من بلادك شيئا؟ قلت: نعم، أهديت لك أيها الملك أدما كثيرا، قال:

فقربته إليه فاشتهاه وأعجبه، فقلت: أيها الملك، إني رأيت رجلا خرج من عندك الآن، هو رسول رجل هو عدو لنا فأعطنيه فأقتله، فإنه قد أصاب من أشرافنا وخيارنا، فغضب الملك ومد يده فضرب الأنف ضربة، ظننت أنه كاسره.

قال فلو انشقت الأرض عند ذلك لدخلت فيها، فقلت: أيها الملك، واللَّه لو ظننت أنك تكره هذا ما سألتكه، قال: أتسألني أن أعطيك رجلا لتقتله، رسول رجل يأتيه الناموس الأكبر الّذي يأتي موسى، فقلت: أو كذلك هو؟ قال:

نعم، ثم قال: أطعني واتبعه، فو اللَّه إنه لعلى الحق، وليظهر على من خالفه كما ظهر موسى على فرعون وجنوده، فقلت له: أفتبايعني له على الإسلام؟ قال نعم، فبسط يده فبايعته على الإسلام.

ثم خرجت من عنده وقد مال رأيي إلى غيره، فلقيت خالد بن الوليد فقلت:

أين يا أبا سليمان؟ قال: واللَّه لقد استقام الميسم، إن الرجل لعلى الحق وأنا أذهب فأسلم، قلت: وأنا أيضا، قال: فقدمنا المدينة فأتينا رسول اللَّه صلّى اللَّه عليه وسلم، فتقدم خالد فأسلم وبايع، وتقدمت أنا فقلت: وأنا أبايع، وذكرت ما تقدم من ذنبي ولا أذكر ما أستأخر، فقال: بايع، فإن الإسلام يجب ما كان قبله، والهجرة تجب ما كان قبلها، فبايعته.

ولأبي نعيم من طريق إسحاق بن راهويه قال: حدثنا النضر بن شميل، حدثنا ابن عون، عن عمير بن إسحاق قال: استأذن جعفر بن أبي طالب رسول اللَّه صلّى اللَّه عليه وسلم

فقال ائذن لي أرضا أعبد اللَّه فيها لا أخاف أحدا، فأذن له فأتى النجاشيّ، قال عمير: فحدثني عمرو بن العاص قال: لما رأيت مكانه حسدته فقلت: لأستقبلن لهذا وأصحابه، فأتيت النجاشي فقلت: إن بأرضك رجلا ابن عمه بأرضنا، وإنه يزعم أنه ليس للناس إلا إله واحد، وإنك إن لم تصله وأصحابه لم أقطع إليك هذه النطفة أنا ولا أحد من أصحابي أبدا، قال: أدعه، قلت إنه لا يجيء فأرسل معي رسولا، فانتهينا إلى الباب فنادينا، فقلت: اندب لعمرو بن العاص، ونادى هو خلفي، ائذن لحرب اللَّه، فسمع صوته فأذن له من قبل، فدخل هو وأصحابه، ثم أذن لي فجلست، فذكر أين كان مقعده من السرير، قال: فذهبت حتى قعدت بين يديه وجعلته خلفي، وجعلت بين كل رجلين من أصحابه رجلا من أصحابي، فقال النجاشي: بحروا، قال عمير: أي تكلموا.

فقلت: إن بأرضك رجلا ابن عمه بأرضنا، ويزعم أنه ليس للناس إلا إله واحد، وإنك إن لم تقتله وأصحابه لم يقطع إليك هذه النطفة، أنا ولا أحد من أصحابي أبدا، فقال جعفر: صدق، هو ابن عمي وأنا على دينه، فصاح وقال:

أوه! حتى قلت: ما لابن الحبشة لا يتكلم؟ وقال: أناموس مثل ناموس موسى؟

فقال: ما تقول في عيسى ابن مريم؟ قال: نقول: هو روح اللَّه وكلمته، فتناول شيئا من الأرض وقال: ما أخطأ في أمره مثل هذا، واللَّه أولى بملكي لأتبعنكم، وقال: ما أبالي أن لا تأتيني أنت ولا أحد من أصحابك أبدا، أنت آمن في أرضي، فمن ضربك قتلته، ومن سبّك غرّمته، ثم قال لآذنه: متى استأذنك هذا فأذن له إلا أن أكون عند أهلي فأخبره أني عند أهلي، فإن أبي فأذن له.

قال: فتفرقنا، ولم يكن أحد ألقاه خاليا أحب إليّ من جعفر، فاستقبلني في طريق مرة، فنظرت خلفه فلم أر أحدا، ونظرت خلفي فلم أر أحدا، فدنوت منه فقلت له: أتعلم أني أشهد أن لا إله إلا اللَّه وأشهد أن محمدا عبده ورسوله؟

قال قد هداك اللَّه فاثبت، وتركني وذهب، وأتيت أصحابي فكأنما شهدوه معي، فأخذوا قطيفة أو ثوبا فجعلوه عليّ حتى غموني فيها، فجعلت أخرج رأسي من

هذه الناحية مرة، ومن هذه الناحية مرة، حتى أفلتّ وما علي قشره، قال: فمررت بحبشيّة فأخذت متاعها فجعلته على عورتي، فقالت: كذا وكذا، فقلت: كذا وكذا، قال: فأتيت جعفر فقال ما لك؟ فقلت: أخذ مني كل شيء حتى ما ترك عليّ قشرة، فأتيت حبشية فأخذت متاعها فجعلته على عورتي، قال: فانطلق، فانطلقت معه حتى انتهينا إلى باب الملك، فقال جعفر لآذنه: استأذن لي، فقال:

إنه عند أهله، قال: استأذن لي، فأذن له، فقال: إن عمرا تابعني على ديني، فقال: كلا، فقال بلى، فقال لإنسان: اذهب معه، فإن فعل فلا يقولن شيئا إلا كتبته، قال: فجاء فقال: نعم، قال: فجعلت أقول ويكتب كل شيء حتى القدح، قال: ولو شئت أن آخذ من أموالهم إلى أموالي لفعلت [ (1) ] .

__________

[ (1) ] لم أجد هذا الخبر فيما بين يدي من كتب السيرة، وعلامات الوضع لائحة فيه.




كلمات دليلية: