withprophet faceBook withprophet twitter withprophet instagram withprophet youtube withprophet new withprophet pinterest


زواج النبي صلى الله عليه وسلم من زينب بنت جحش وإبطال عادة التبني من كتاب إمتاع الأسماع بما للنبي من أحوال ومتاع

زواج النبي صلى الله عليه وسلم من زينب بنت جحش وإبطال عادة التبني من كتاب إمتاع الأسماع بما للنبي من أحوال ومتاع

اسم الكتاب:
إمتاع الأسماع بما للنبي من أحوال ومتاع

[أم المؤمنين زينب بنت جحش]

[ (1) ] وزينب بنت جحش بن رباب بن يعمر بن صبرة بن مرة بن كثير بن غنم

__________

[ (1) ] هي زينب بنت جحش بن رباب، وابنة عمة رسول اللَّه صلّى اللَّه عليه وسلم، أمها أميمة بنت عبد المطلب بن هاشم، وهي أخت حمزة، وأبى أحمد، من المهاجرات الأول، وكانت عند زيد، مولى النبي صلّى اللَّه عليه وسلم، وهي التي يقول اللَّه فيها: وَإِذْ تَقُولُ لِلَّذِي أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِ وَأَنْعَمْتَ عَلَيْهِ أَمْسِكْ عَلَيْكَ زَوْجَكَ وَاتَّقِ اللَّهَ وَتُخْفِي فِي نَفْسِكَ مَا اللَّهُ مُبْدِيهِ وَتَخْشَى النَّاسَ وَاللَّهُ أَحَقُّ أَنْ تَخْشاهُ فَلَمَّا قَضى زَيْدٌ مِنْها وَطَراً زَوَّجْناكَها لِكَيْ لا يَكُونَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ حَرَجٌ فِي أَزْواجِ أَدْعِيائِهِمْ إِذا قَضَوْا مِنْهُنَّ وَطَراً وَكانَ أَمْرُ اللَّهِ مَفْعُولًا [الأحزاب: 37] ، والّذي أخفاه النبي صلّى اللَّه عليه وسلم: هو إخبار اللَّه إياه أنها ستصير زوجته، وكان يحمله على إخفاء ذلك خشية قول الناس: تزوج امرأة ابنه، وأراد اللَّه تعالى إبطال ما كان أهل الجاهلية عليه من أحكام التبني بأمر لا أبلغ في الإبطال منه، وهو تزوج امرأة الّذي يدعى ابنا، ووقوع ذلك من النبي صلّى اللَّه عليه وسلم ليكون أدعى لقبولهم، وقد أخرج الترمذي من طريق داود بن أبى هند، عن الشعبي، عن عائشة قالت:

لو كان رسول اللَّه صلّى اللَّه عليه وسلم كاتما شيئا من الوحي، لكتم هذه الآية.

فزوجها اللَّه تعالى بنص كتابة، بلا ولى ولا شاهد، فكانت تفخر بذلك على أمهات المؤمنين، وتقول زوجكن أهاليكن، وزوجني اللَّه من فوق عرشه. [أخرجه البخاري في التوحيد، باب وَكانَ عَرْشُهُ عَلَى الْماءِ،

من طريق أنس، قال: جاء زيد بن حارثة يشكو، فجعل النبي صلّى اللَّه عليه وسلم يقول: اتّق اللَّه وأمسك عليك زوجك.

قال أنس لو كان رسول اللَّه صلّى اللَّه عليه وسلم كاتما شيئا لكتم هذه. قال: فكانت زينب تفخر على أزواج النبي صلّى اللَّه عليه وسلم تقول: زوجكم أهاليكن، وزوجني اللَّه تعالى من فوق سبع سماوات. وفي رواية البخاري: كانت تقول: إن اللَّه أنكحنى في السماء، أخرجه البخاري من حديث أنس قال: نزلت آية الحجاب في زينب بنت جحش، وأطعم عليها يومئذ خبزا ولحما، وكانت تفخر على نساء النبي صلّى اللَّه عليه وسلم، وكانت تقول: إن اللَّه أنكحنى في السماء.

وكانت رضى اللَّه عنها من سادة النساء، دينا، وورعا، وجودا، ومعروفا، وحديثها في الكتب الستة، روى عنها ابن أخيها محمد بن عبد اللَّه بن جحش، وأن المؤمنين أم حبيبة، وزينب بنت أبى سلمة، وأرسل عنها القاسم بن محمد.

توفيت في سنة عشرين، وصلّى عليها عمر رضى اللَّه عنه، وعن ابن عمر: لما ماتت بنت جحش أمر عمر رضى اللَّه عنه مناديا: ألا يخرج معها إلا ذو محرم، فقالت بنت عميس: يا أمير المؤمنين، ألا أريك شيئا رأيت الحبشة تصنعه بنسائهم؟ فجعلت نعشا وغشته ثوبا، فقال: ما أحسن هذا وأستره! فأمر مناديا فنادى: أن اخرجوا على أمكم. [إسناده صحيح، وهو في (طبقات ابن سعد) ، لكن سقط من إسناده فيه ابن عمر، واستدركناه من (سير الأعلام) .

وهي التي كان النبي صلّى اللَّه عليه وسلم يقول: أسرعكن لحوقا بى أطولكن يدا. وإنما عنى طوال يدها بالمعروف.

قالت عائشة: فكن يتطاولن أيهن أطول يدا، وكانت زينب تعمل وتصدّق، [والحديث أخرجه مسلم في فضائل الصحابة، باب من فضائل زينب أم المؤمنين.

من طريق عائشة بنت طلحة، عن

__________

[ () ] عائشة أم المؤمنين قالت قال رسول اللَّه صلّى اللَّه عليه وسلم: أسرعكن لحاقا بى أطولكن يدا.

قالت: فكن يتطاولن أيتهن أطول يدا قالت: فكانت أطولنا يدا زينب- لأنها كانت تعمل بيدها وتصدّق.] .

وروى عن عائشة قالت: كانت زينب، أتقى اللَّه، وأصدق حديثا، وأوصل للرحم، وأعظم صدقة رضى اللَّه عنها [أخرجه مسلم في فضائل الصحابة من طريق الزهري، أخبرنى محمد بن عبد الرحمن بن الحارث بن هشام، عن عائشة رضى اللَّه عنها في خبر مطوّل، وفيه: قالت عائشة رضى اللَّه عنها:

فأرسل أزواج النبي صلّى اللَّه عليه وسلم زينب بنت جحش زوج النبي صلّى اللَّه عليه وسلم، وهي التي كانت تسامينى منهن في المنزلة عند رسول اللَّه صلّى اللَّه عليه وسلم، ولم أر امرأة قط خيرا في الدين من زينب، وأتقى اللَّه، وأصدق حديثا، وأوصل للرحم، وأعظم صدقة، وأشدّ ابتذالا لنفسها في العمل الّذي تصدّق به، وتقرب به إلى اللَّه تعالى، ما عدا سورة من حدّة كانت فيها، تسرع منها الفيئة] .

[وأخرجه أحمد من طريق الزهري، عن عروة، عن عائشة بلفظ: ولم أر امرأة خيرا منها، وأكثر صدقة، وأوصل للرحم، وأبذل لنفسها في كل شيء يتقرب به إلى اللَّه عز وجل، من زينب، ما عدا سورة من غرب حدّ كان فيها، توشك منها الفيئة] .

ابن جريح عن عطاء، سمع عبيد بن عمير يقول: سمعت عائشة رضى اللَّه عنها تزعم أن النبي صلّى اللَّه عليه وسلم كان يمكث عن زينب بنت جحش ويشرب عندها عسلا، فتواصيت أنا وحفصة أن أيتنا ما دخل عليها، فلتقل: إني أجد منك ريح مغاير، أكلت مغافير؟ فدخل على إحداهما، فقالت له ذلك، قال:

بل شربت عسلا عند زينب، ولن أعود له. فنزل: يا أَيُّهَا النَّبِيُّ لِمَ تُحَرِّمُ ما أَحَلَّ اللَّهُ لَكَ تَبْتَغِي مَرْضاتَ أَزْواجِكَ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ إلى قوله: إِنْ تَتُوبا إِلَى اللَّهِ فَقَدْ صَغَتْ قُلُوبُكُما- الآيات من أول سورة التحريم- يعنى حفصة وعائشة، قوله: وَإِذْ أَسَرَّ النَّبِيُّ إِلى بَعْضِ أَزْواجِهِ حَدِيثاً: قوله بل شربت عسلا. [أخرجه البخاري في الأيمان والنذور، باب إذا حرّم طعاما. وفي الطلاق، باب لِمَ تُحَرِّمُ ما أَحَلَّ اللَّهُ لَكَ، ومسلم في الطلاق، باب وجوب الكفارة على من حرّم امرأته ولم ينو الطلاق، وابن سعد في (الطبقات) ، والبخاري في التفسير عن عائشة بلفظ: كان رسول اللَّه صلّى اللَّه عليه وسلم يشرب عسلا عند زينب بنت جحش ويمكث عندها، فواطأت أنا وحفصة عن أيتنا يدخل عليها، فلتقل له: أكلت مغافير، إني أجد منك ريح مغاير، قال: لا، ولكنى كنت أشرب عسلا عند زينب ابنة جحش، لن أعود له، وقد حلفت ألا تخبري بذلك أحدا] .

[والمغافير: شراب مصنوع من الصمغ له ريح منكرة. وثمة سبب آخر في نزول الآية: فقد أخرج سعيد بن منصور بإسناد صحيح فيما قاله الحافظ إلى مسروق قال: حلف رسول اللَّه صلّى اللَّه عليه وسلم لحفصة لا يقرب أمته، وقال: هي عليّ حرام، فنزلت الكفارة ليمينه، وأمر أن لا يحرم ما أحل اللَّه له] .

[وأخرج الضياء المقدس في (المختارة) ، من مسند الهيثم بن كليب، ثم من طريق جرير بن حازم، عن أيوب، عن نافع، عن ابن عمر قال: قال رسول اللَّه صلّى اللَّه عليه وسلم لحفصة: لا تخبري أحدا أن أم إبراهيم عليّ حرام، قال: فلم يقربها حتى أخبرت عائشة، فأنزل اللَّه تعالى: قَدْ فَرَضَ اللَّهُ لَكُمْ تَحِلَّةَ أَيْمانِكُمْ،

وأخرج الطبراني في عشرة النساء، وابن مردويه من طريق أبى بكر بن عبد الرحمن، عن أبى سلمة، عن أبى هريرة قال: دخل رسول اللَّه صلّى اللَّه عليه وسلم بمارية ببيت حفصة، فجاءت فوجدتها معه، فقالت: يا رسول اللَّه في بيتي تفعل هذا معى دون نسائك، فذكر نحوه. وللطبراني من طريق الضحاك، عن ابن عباس

ابن دودان بن أسد بن خزيمة، أمها أميمة بنت عبد المطلب بن هاشم، عمة رسول اللَّه صلّى اللَّه عليه وسلم، تزوجها زيد بن حارثة- حبّ رسول اللَّه صلّى اللَّه عليه وسلم- وشكاها

__________

[ () ] قال: دخلت حفصة بيتها، فوجدته صلّى اللَّه عليه وسلم يطأ مارية، فعاتبته، فذكر نحوه. قال الحافظ: وهذه طرق يقوى بعضها بعضا، فيحتمل أن تكون الآية نزلت في السببين معا. وقد روى النسائي من طريق حماد، عن ثابت، عن أنس هذه القصة مختصرة، أن النبي صلّى اللَّه عليه وسلم كانت له أمة يطؤها، فلم تزل به حفصة وعائشة رضى اللَّه عنها حتى حرمها، فأنزل اللَّه تعالى: يا أَيُّهَا النَّبِيُّ لِمَ تُحَرِّمُ ما أَحَلَّ اللَّهُ لَكَ] .

ويروى عن عمرة عن عائشة، قالت: يرحم اللَّه زينب، لقد نالت في الدنيا الشرف الّذي لا يبلغه شرف، إن اللَّه زوجها، ونطق به القرآن، وإن رسول اللَّه قال لنا: أسرعكن بى لحوقا أطولكن باعا.

فبشرها بسرعة لحوقها به، وهي زوجته في الجنة.

قال الحافظ الذهبي: وأختها هي حمنة بنت جحش، التي نالت من عائشة في قصة الإفك، فطفقت تحامى عن أختها زينب، وأما زينب فعصمها اللَّه تعالى بورعها، وكانت حمنة زوجة عبد الرحمن ابن عوف. ولها هجرة، وقيل: بل كانت تحت مصعب بن عمير، فقتل عنها، فتزوجها طلحة، فولدت له محمد، وعمر، وكانت زينب بنت جحش رضى اللَّه تعالى عنها صناع اليد، فكانت تدبغ، وتخرز، وتصدّق.

وقيل: إن النبي صلّى اللَّه عليه وسلم تزوج بزينب في ذي القعدة سنة خمس، وهي يومئذ بنت خمس وعشرين سنة، وكانت صالحة، صوامة، قوامة بارّة، ويقال لها: أم المساكين.

سليمان بن المغيرة، عن ثابت، عن أنس: أن رسول اللَّه صلّى اللَّه عليه وسلم قال لزيد: اذكرها عليّ، قال:

فانطلقت، فقلت لها: يا زينب، أبشرى، فإن رسول اللَّه صلّى اللَّه عليه وسلم أرسل يذكرك، قالت: ما أنا بصانعة شيئا حتى أؤامر ربى، فقامت إلى مسجدها، ونزل القرآن، وجاء رسول اللَّه صلّى اللَّه عليه وسلم، فدخل عليها بغير إذن.

[أخرجه مسلم في النكاح، باب زواج زينب بنت جحش ونزول الحجاب، والنسائي في النكاح، باب صلاة المرأة إذا خطبت واستخارت ربها] .

ولزينب بنت جحش أحد عشر حديثا، اتفقا لها على حديثين. [البخاري في الجنائز، باب إحداد المرأة علي غير زوجها، وفي الفتن، باب يأجوج ومأجوج، ومسلم في الطلاق، باب وجوب الإحداد في عدة الوفاة، وفي أول الفتن] .

وعن عثمان بن عبد اللَّه الجحشى، قال: باعوا منزل زينب بنت جحش من الوليد بخمسين ألف درهم، حين هدم المسجد. لها ترجمة في: (طبقات ابن سعد) : 8/ 101، 115، (طبقات خليفة) :

332، (المعارف) : 215، 457، 555، (المستدرك) : 4/ 27- 29، (الاستيعاب) : 4/ 1849، ترجمة رقم (3355) ، (تهذيب التهذيب) : 12/ 449، ترجمة رقم (2800) ، (الإصابة) :

7/ 667 ترجمة رقم (11221) ، (خلاصة تذهيب الكمال) : 3/ 382، ترجمة رقم 68، (كنز العمال) : 13/ 700، (شذرات الذهب) : 1/ 10، 31، (صفة الصفوة) : 2/ 33، ترجمة رقم (131) ، (المواهب اللدنية) : 2/ 87، (سير أعلام النبلاء) : 2/ 211- 218، ترجمة رقم (21) .

إلى رسول اللَّه صلّى اللَّه عليه وسلم، وقال: إنها سيئة الخلق، واستأمره في طلاقها، فقال له:

أمسك عليك زوجك يا زيد، ورآها صلّى اللَّه عليه وسلم فأعجبته، ثم إن زيدا ضاق ذرعا بما رأى من سوء خلقها، فطلقها [ (1) ] ، فزوجها اللَّه بنبيه حين انقضت عدتها، بغير مهر، ولا تولى أمرها أحد كسائر أزواجه.

وذكر ابن إسحاق أن [أخاها أحمد] بن جحش زوّجها، وأنه صلّى اللَّه عليه وسلم أصدقها أربعمائة درهم، وأولم عليها بشاة واحدة، ودعا الناس في صبيحة عرسها فطعموا، ثم جلسوا يتحدثون ولم يقوموا، فآذوا النبي صلّى اللَّه عليه وسلم، فأنزل اللَّه تعالى آية الحجاب، وأنزل: يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَدْخُلُوا بُيُوتَ النَّبِيِّ إِلَّا أَنْ يُؤْذَنَ لَكُمْ إِلى طَعامٍ غَيْرَ ناظِرِينَ إِناهُ [ (2) ] ، أي بلوغه ... الآية،

__________

[ (1) ]

قال أبو حيان الأندلسى: فجاء زيد فقال: يا رسول اللَّه، إني أريد أن أفارق صاحبتي، فقال صلّى اللَّه عليه وسلم:

أرابك منها شيء؟ قال: لا واللَّه، ولكنها تعظم عليّ لشرفها، وتؤذيني بلسانها، فقال: أَمْسِكْ عَلَيْكَ زَوْجَكَ، أي لا تطلقها، وهو أمر ندب، وَاتَّقِ اللَّهَ في معاشرتها، فطلقها، وتزوجها رسول اللَّه صلّى اللَّه عليه وسلم بعد انقضاء عدتها،

وعلل تزويجه إياها بقوله: لِكَيْ لا يَكُونَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ حَرَجٌ في أن يتزوجوا زوجات من كانوا يتبنوه إذا فارقوهن، وأن هؤلاء الزوجات ليست داخلات فيما حرّم في قوله:

وَحَلائِلُ أَبْنائِكُمُ، [النساء: 23] (البحر المحيط) : 8/ 481.

وقال على بن الحسين: كان قد أوحى اللَّه إليه أن زيدا سيطلقها، وأنه يتزوجها بتزويج اللَّه إياها، فلما شكا زيد خلقها، وأنها لا تطيعه، وأعلمه بأنه يريد طلاقها، قال له: أَمْسِكْ عَلَيْكَ زَوْجَكَ وَاتَّقِ اللَّهَ، على طريق الأدب والوصية، وهو يعلم أنه سيطلقها، وهذا هو الّذي أخفى في نفسه، ولم يرد أنه يأمره بالطلاق، ولما علم من أنه سيطلقها، وخشي رسول اللَّه صلّى اللَّه عليه وسلم إن يلحقه قول من الناس في أن يتزوج زينب بعد زيد، وهو مولاه، أمره بطلاقها، فعاتبه اللَّه على هذا القدر في شيء قد أباحه اللَّه بأن قال: أَمْسِكْ، مع علمه أن يطلق، فأعلمه أن اللَّه أحق بالخشية، أي في كل حال، (المرجع السابق) : 482.

وهذا المروي عن على بن الحسين، هو الّذي عليه أهل التحقيق من المفسرين، كالزهرى، وبكر بن العلاء، والقشيري، والقاضي أبى بكر بن العربيّ، وغيرهم. والمراد بقوله: وَتَخْشَى النَّاسَ، إنما هو إرجاف المنافقين في تزويج نساء الأبناء، والنبي صلّى اللَّه عليه وسلم معصوم في حركاته وسكناته. ولبعض المفسرين كلام في الآية، يقتضي النقص من منصب النبوة، ضربنا عنه صفحا (المرجع السابق) : 482.

وروى أبو عصمة: نوح بن أبى مريم، بإسناد رفعه إلى زينب أنها قالت: ما كنت أمتنع منه، غير أن اللَّه منعني منه، وقيل: إنه منذر تزوجها لم يتمكن من الاستمتاع بها. وروى أنه كان يتورم ذلك منه حين يريد أن يقربها. (المرجع السابق) : 483.

[ (2) ] الأحزاب: 53.

وقالت زينب للنّبيّ صلّى اللَّه عليه وسلم لست كسائر نسائك، إني أدلّ بثلاث ما من نسائك من يدلّ بهن: جدك وجدي واحد، ونكحتك من السماء، وكان جبريل السفير في أمرى.

وقالت عائشة: رضى اللَّه عنها: يرحم اللَّه زينب، لقد نالت الشرف الّذي لا يبلغه شرف في الدنيا: أن اللَّه زوجها نبيّه، ونطق بذلك كتابه، وأن رسول اللَّه صلّى اللَّه عليه وسلم قال ونحن حوله: أسرعكن لحوقا بى أطولكن يدا- أو قال:

باعا- فبشرها بسرعة لحاقها به، وأنها زوجته في الجنة،

وكانت زينب تقول لأزواج النبي صلّى اللَّه عليه وسلم: زوجكن أولياؤكن بمهور، وزوجني اللَّه.

وكان تزويج رسول اللَّه صلّى اللَّه عليه وسلم إياها في سنة خمس، وقيل في سنة ثلاث، ولما بشّرت بتزويج اللَّه نبيه إياها، ونزول الآية في ذلك، جعلت على نفسها صوم شهرين شكرا للَّه، وأعطيت من بشّرها حليا [كانت] عليها.

ولا خلاف أنها كانت قبل رسول اللَّه صلّى اللَّه عليه وسلم تحت زيد بن حارثة، وأنها التي ذكر اللَّه تعالى في قوله: فَلَمَّا قَضى زَيْدٌ مِنْها وَطَراً زَوَّجْناكَها [ (1) ] ، ولما دخلت عليه قال: ما اسمك؟ قالت: برّة، فسماها زينب، ولم يكن أحد من نسائه يشارك عائشة رضي اللَّه عنها في حسن المنزلة غير زينب بنت جحش، وغضب عليها رسول اللَّه صلّى اللَّه عليه وسلم لقولها في صفية بنت حيّى:

حتى تلك اليهودية، وهجرها لذلك ذا الحجة والمحرم وبعض صفر، ثم أتاها بعد وعاد إلى ما كان عليه معها.

وذكر الحاكم أنه رضى عنها في شهر ربيع الأول الّذي قبض فيه، فلما دخل عليها قالت: ما أدرى ما أجزئك، فوهبت له جارية اسمها نفيسة [ (2) ] .

وخرج من حديث عبد العزيز الأريش، حدثنا عبد الرحمن بن أبى

__________

[ (1) ] الأحزاب: 53.

[ (2) ] سبق تخريجه في ترجمتها.

الرجال عن أبيه، عن عمرو عن عائشة قالت: أهدى لي لحم، فأمرنى رسول اللَّه أن أهدى منه لزينب، فأهديت لها فردته، فقال: زيديها، فزدتها، فردته، فقال: أقسمت عليك إلا زدتيها، فزدته، فدخلتني غيره، فقلت:

لقد أهانيك، [فقال] : أنت وهي أهون على اللَّه من أن يهينني منكن أحد، أقسمت لا أدخل عليكن شهرا.

فغاب عنا تسعا وعشرين، ثم دخل علينا مساء الثلاثين فقلت: كنت [حلفت] أن لا تدخل شهرا، فقال: شهر هكذا وشهر هكذا، وفرق بين كفيه وأمسك في الثالث الإبهام. قال: هذا حديث صحيح على شرط البخاري ولم يخرجاه. وفيه البيان أن أقسمت على كذا يمين وقسم.

وتوفيت سنة عشرين، وقيل: إحدى وعشرين، وصلّى عليها عمر رضى اللَّه عنه، ودفنت بالبقيع، ونزل في قبرها محمد بن عمر بن جحش، وعبد اللَّه بن أحمد بن جحش، وأسامة بن زيد، وضرب عمر على قبرها فسطاطا من شدة الحر، فكانت أول أزواج رسول اللَّه صلّى اللَّه عليه وسلم وفاة بعده.




كلمات دليلية: