withprophet faceBook withprophet twitter withprophet instagram withprophet youtube withprophet new withprophet pinterest


غزوة بدر الثانية من كتاب السيرة النبوية في ضوء القران والسنة

غزوة بدر الثانية  من كتاب السيرة النبوية في ضوء القران والسنة

اسم الكتاب:
السيرة النبوية في ضوء القران والسنة

غزوة بدر الاخرة

في شعبان من نفس العام خرج الرسول وأصحابه إلى بدر لميعاد أبي سفيان، واستعمل على المدينة عبد الله بن عبد الله بن أبيّ، وسار في ألف وخمسمائة من أصحابه. وكانت بدر محل سوق تعقد كل عام للتجارة في شعبان، يقيم فيها التجار ثمانية أيام يتبادلون فيها التجارة، فلما وصلوا إليها أقاموا بها ثمانيا في انتظار أبي سفيان.

وخرج أبو سفيان في أهل مكة حتى بلغ عسفان، وقيل مجنّة، ثم ألقي الرعب في قلبه، فبدا له أن يرجع فقال: يا معشر قريش إن هذا العام عام جدب، ولا يصلحكم إلا عام خصب، ترعون فيه الشجر، وتشربون فيه اللبن، وإني راجع فارجعوا، فرجعوا فسمّاهم أهل مكة جيش السويق «1» ، يريدون أنهم خرجوا لشرب السويق لا للحرب.

وكان أبو سفيان قد لجأ إلى حيلة يقصد بها إرهاب المسلمين حتى لا يخرجون إلى بدر، فيكون خلف الوعد من جانب المسلمين لا من جانبه، فاتفق مع نعيم بن مسعود الأشجعي وجعل له جعلا على أن يذهب إلى المدينة فيرجف فيها بعظم جيش أبي سفيان وعدّته، فذهب نعيم وقال للنبي وأصحابه: إن قريشا قد جمعت لكم الجموع. ولكنهم لم يلتفتوا إلى مقالته، وخرجوا وهم يقولون: حَسْبُنَا اللَّهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ.

__________

(1) السويق: شراب يصنع من القمح أو الشعير.

وفي أثناء مقام المسلمين ببدر اشتغلوا بالتجارة فعادت عليهم بربح عظيم، وقد ذكر الله هذا في قوله:

الَّذِينَ اسْتَجابُوا لِلَّهِ وَالرَّسُولِ مِنْ بَعْدِ ما أَصابَهُمُ الْقَرْحُ لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا مِنْهُمْ وَاتَّقَوْا أَجْرٌ عَظِيمٌ (172) الَّذِينَ قالَ لَهُمُ النَّاسُ إِنَّ النَّاسَ قَدْ جَمَعُوا لَكُمْ فَاخْشَوْهُمْ فَزادَهُمْ إِيماناً وَقالُوا حَسْبُنَا اللَّهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ (173) فَانْقَلَبُوا بِنِعْمَةٍ مِنَ اللَّهِ وَفَضْلٍ لَمْ يَمْسَسْهُمْ سُوءٌ وَاتَّبَعُوا رِضْوانَ اللَّهِ وَاللَّهُ ذُو فَضْلٍ عَظِيمٍ (174) «1» .

والمتتبع لمجريات الحوادث في هذه الغزوة يرى أن المشركين قد باتوا يخشون المسلمين، ولا يجرؤون على لقياهم، وكأنما كان نصرهم في أحد فلتة لا يطمعون في مثلها، فمن ثمّ لجأوا إلى الحيلة يدرؤون بها عن أنفسهم عار خلف الوعد باللقاء، ولكنهم لم يفلحوا، وخيب المسلمون ظنونهم، وقد شعر المشركون بأثر تخلفهم في إذهاب هيبتهم المزعومة في النفوس، ولذلك قال صفوان بن أمية لأبي سفيان: قد- والله- نهيتك أن تعد القوم، قد اجترؤوا علينا، رأوا أنّا أخلفناهم.

__________

(1) جمهور المفسرين على أن قوله تعالى: الَّذِينَ اسْتَجابُوا لِلَّهِ وَالرَّسُولِ، إلى: وَاللَّهُ ذُو فَضْلٍ عَظِيمٍ، في غزوة حمراء الأسد، وقد عرضت لذلك انفا. ومنهم من يرى أنها نزلت في غزوة بدر الاخرة، وذكر الواقدي في المغازي أن الاية الأولى في غزوة حمراء الأسد، وهاتين الايتين في غزوة بدر الاخرة والايات من سورة ال عمران.



كلمات دليلية: