withprophet faceBook withprophet twitter withprophet instagram withprophet youtube withprophet new withprophet pinterest


بيعة العقبة الثانية من كتاب مختصر سيرة الرسول صلى الله عليه وسلم

بيعة العقبة الثانية من كتاب مختصر سيرة الرسول صلى الله عليه وسلم

اسم الكتاب:
مختصر سيرة الرسول صلى الله عليه وسلم

بيعة العقبة الثانية

فلما وصلوا واعدوه العقبة، من أواسط أيام التشريق للبيعة بعد ما انقضى حجهم. فقال له العباس ما أدري ما هؤلاء القوم الذين جاءوك؟ إني ذو معرفة بأهل يثرب. فلما كان الليل تسللوا من رحالهم مختفين ومعهم عبد اللَّه بن عمرو بن حرام - أبو جابر - وهو مشرك وكانوا يكاتمونه الأمر. فلما كانت الليلة التي واعدوا فيها رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم - قالوا: يا أبا جابر، إنك شريف من أشرافنا. وإنا نرغب بك أن تكون حطبا للنار غدا، قال وما ذلك؟ فأخبروه الخبر فأسلم وشهد العقبة وكان نقيبا.

فلما مضى ثلث الليل خرجوا للميعاد حتى اجتمع عنده من رجل ورجلين ومعه عمه العباس - وهو يومئذ على دين قومه - ولكنه أحب أن يحضر أمر ابن أخيه ويتوثق له.

فلما نظر العباس في وجوههم قال هؤلاء قوم لا نعرفهم هؤلاء أحداث وكان أول من تكلم. فقال يا معشر الخزرج - وكانت العرب تسمي الجميع الخزرج - إن محمدا منا حيث علمتم وقد منعناه من قومنا وهو في منعة في بلده إلا أنه أبى إلا الانقطاع إليكم واللحوق بكم. فإن كنتم ترون أنكم وافون بما دعوتموه إليه ومانعوه ممن خالفه فأنتم وما تحملتم. وإن كنتم ترون أنكم مسلموه وخاذلوه - بعد خروجه إليكم - فمن الآن فدعوه. فإنه في عز ومنعة.

قالوا: قد سمعنا ما قلت. فتكلم يا رسول اللَّه وخذ لنفسك ولربك ما شئت.

فتكلم رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم - وقال «أبايعكم على أن تمنعوني - إذا قدمت عليكم - مما تمنعون منه نساءكم وأبناءكم. ولكم الجنة» (1) .

فكان أول من بايعه البراء بن معرور. فقال والذي بعثك بالحق لنمنعنك مما نمنع منه أزرنا. فبايعنا يا رسول اللَّه. فنحن أهل الحرب والحلقة ورثناها صاغرا عن كابر. فاعترضه أبو الهيثم بن التيهان، وقال إن بيننا وبين الناس حبالا ونحن قاطعوها، فهل عسيت - إن أظهرك اللَّه -: أن ترجع إلى قومك وتدعنا؟ فتبسم رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم - ثم قال «لا واللَّه بل الدم الدم والهدم الهدم أنتم مني وأنا منكم. أحارب من حاربتم. وأسالم من سالمتم» .

فلما قدموا يبايعونه أخذ بيده أصغرهم - أسعد بن زرارة - فقال رويدا يا أهل يثرب، إنا لم نضرب إليه أكباد الإبل إلا ونحن نعلم أنه

_________

(1) أخرجه الإمام أحمد والبيهقي بإسناد جيد.

رسول اللَّه وإن إخراجه اليوم مفارقة للعرب كافة وقتل خياركم وأن تعضكم السيوف. فإما أنتم تصبرون على ذلك. فخذوه وأجركم على اللَّه وإما أنتم تخافون من أنفسكم خيفة فذروه. فهو أعذر لكم عند اللَّه. فقالوا: أمط عنا يدك، فواللَّه ما نذر هذه البيعة ولا نستقيلها.

فقاموا إليه رجلا رجلا يأخذ منهم ويعطيهم بذلك الجنة ثم كثر اللغط فقال العباس على رسلكم. فإن علينا عيونا.

ثم قال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم - «أخرجوا إلي منكم اثني عشر نقيبا كفلاء على قومهم ككفالة الحواريين لعيسى ابن مريم وأنا كفيل على قومي» وفي رواية " أن «موسى اتخذ من قومه اثني عشر نقيبا» (1) .

فكان نقيب بني النجار: أسعد بن زرارة. ونقيب بني سلمة: البراء بن معرور، وعبد اللَّه بن عمرو بن حرام. ونقيب بني ساعدة: سعد بن عبادة، والمنذر بن عمرو. ونقيب بني زريق: رافع بن مالك بن عجلان. ونقيب بني الحارث بن الخزرج: عبد اللَّه بن رواحة، وسعد بن الربيع ونقيب القوافل عبادة بن الصامت. ونقيب الأوس: أسيد بن حضير وأبو الهيثم بن التيهان. ونقيب بني عوف سعد بن خيثمة.

وكان جميع أهل العقبة: سبعين رجلا وامرأتين.

فلما بايعوه صرخ الشيطان بأنفذ صوت سمع قط يا أهل الأخاشب هل لكم في محمد والصبأة معه؟ قد اجتمعوا على حربكم. فقال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم - «هذا أزب العقبة أما واللَّه يا عدو اللَّه لأفرغن لك ثم

_________

(1) أخرجه الإمام أحمد والبيهقي بإسناد جيد.

قال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم - ارفضوا إلى رحالكم.

فقال العباس بن عبادة بن نضلة: والذي بعثك بالحق إن شئت لنميلن على أهل مكة غدا بأسيافنا. فقال لم نؤمر بذلك ولكن ارجعوا إلى رحالكم فرجعوا.»

فلما أصبحوا غدت عليهم جلة قريش. فقالوا: إنه بلغنا أنكم جئتم صاحبنا البارحة تستخرجونه من بين أظهرنا، وتبايعونه على حربنا. وإن اللَّه ما من حي من العرب أبغض إلينا من أن تنشب الحرب بيننا وبينهم منكم. فانبعث رجال - ممن لم يعلم - يحلفون لهم باللَّه ما كان من هذا شيء والذين يشهدون ينظر بعضهم إلى بعض. وجعل عبد اللَّه بن أبي ابن سلول يقول هذا باطل. ما كان هذا. وما كان قومي ليفتاتوا علي بمثل هذا. لو كنت بيثرب ما صنع قومي هذا. حتى يؤامروني.

فقام القوم - وفيهم الحارث بن هشام - وعليه نعلان جديدان. فقال كعب بن مالك: كلمة - كأنه يريد أن يشرك القوم فيما قالوا - فقال يا أبا جابر ما تستطيع أن تتخذ - وأنت سيد من سادتنا - مثل نعلي هذا الفتى؟ فسمعها الحارث. فجعلها من رجليه. ثم رمى بهما إليه. وقال واللَّه لتنتعلنهما. فقال أبو جابر مه؟ أحفظت الفتى. فاردد إليه نعليه؟ فقال لا أردهما إليه واللَّه فأل صالح. لئن صدق الفأل لأسلبنه.

فلما انفصلت الأنصار عن مكة: صح الخبر عند قريش. فخرجوا في طلبهم فأدركوا سعد بن عبادة، والمنذر بن عمرو. فأعجزهم المنذر ومضى. وأما سعد فقالوا له أنت على دين محمد؟ قال نعم فربطوا يديه إلى عنقه بنسعة رحله. وجعلوا يسحبونه بشعره ويضربونه - وكان

ذا جمة - حتى أدخلوه مكة، فجاء المطعم بن عدي والحارث بن حرب بن أمية. فخلصاه من أيديهم.

وتشاورت الأنصار أن يكروا إليه. فإذا هو قد طلع عليهم. فرحلوا إلى المدينة.

وكان الذي أسره ضرار بن الخطاب الفهري، وقال:

تداركت سعدا عنوة فأسرته ... وكان شفائي , لو تداركت منذرا

ولو نلته طلت هناك جراحه ... أحق دماء أن تهان وتهدرا

فأجابه حسان بن ثابت -رضي اللَّه عنه-

فخرت بسعد الخير حين أسرته ... وقلت: شفائي لو تداركت منذرا

وإن امرأ يهدي القصائد نحونا ... كمستبضع تمرا إلى أهل خيبرا

فلا تك كالشاة التي كان حتفها ... بحفر ذراعيها. فلم ترض محفرا

ولا تك كالوسنان يحلم أنه ... بقرية كسرى , أو بقرية قيصرا

ولا تك كالثكلى , وكانت بمعزل ... عن الثكل لو أن الفؤاد تفكرا

ولا تك كالعاوي , وأقبل نحره ... ولم يخشه سهم من النبل مضمرا

أتفخر بالكتان لما لبسته ... وقد يلبس الأنباط ريطا مقصرا

فلولا أبو وهب لمرت قصائد ... على شرف البيداء (1) يهوين حسرا.

وسمعت قريش قائلا يقول بالليل على أبي قبيس:

فإن يسلم السعدان يصبح محمد ... بمكة لا يخشى خلاف المخالف

قالوا: من هما؟ قال أبو سفيان: أسعد بن بكر أم سعد بن هزيم؟ فلما كانت الليلة القابلة سمعوه يقول:

فيا سعد - سعد الأوس - كن أنت ناصرا ... ويا سعد - سعد الخزرجين - الغطارف

أجيبا إلى داعي الهدى وتمنيا ... على اللَّه في الفردوس منة عارف

فإن ثواب اللَّه للطالب الهدى ... جنان من الفردوس ذات رفارف

فقال أبو سفيان: هذا واللَّه سعد بن عبادة، وسعد بن معاذ.

[الهجرة إلى المدينة]



كلمات دليلية: