withprophet faceBook withprophet twitter withprophet instagram withprophet youtube withprophet new withprophet pinterest


بدء هجرة الصحابة إلى المدينة_15539

بدء هجرة الصحابة إلى المدينة


هجرة المسلمين إلى المدينة

:

أصبح الرسول -صلى الله عليه وسلم- والمسلمون بعد بيعة العقبة الثانية يشعرون بأن قوة جديدة تقف إلى جانبهم، وأن أرضًا طيبة تتهيأ لاستقبالهم، وأخذ الأوس والخزرج -بعد رجوعهم إلى يثرب- يبشرون بالدعوة الإسلامية بين أهليهم وذويهم، فتقع من نفوسهم موقع الرضا والقبول، ويمدون أيديهم لتأكيد البيعة التي التزم بها إخوانهم الذين سبقوهم إلى لقاء محمد -صلى الله عليه وسلم.

وهكذا أشرقت يثرب بنور الحق وانتشرت فيها مبادئ الإسلام وأصبحت مكانًا مناسبًا يأمن فيه المسلمون على أنفسهم من أذى المعتدين وطغيان الظالمين.

أما مكة فقد اشتد فيها الأذى بالمسلمين والتضييق عليهم، حتى أصبح عيشهم فيها جحيمًا لا يطاق. ومن أجل ذلك أمر الرسول -صلى الله عليه وسلم- أصحابه بالهجرة إلى المدينة، فصاروا يتسللون ويخرجون من مكة في ظلام الكتمان والخفاء، يحذرون قريشًا ويخشون خطرها ويرجون ألا تحول بينهم وبين الانتقال من هذا

الوسط الخبيث، وتلك البيئة الفاسدة، إلى جوٍّ المدينة الطاهر الجميل.

وأول من خرج، أبو سلمة المخزومي زوج أم سلمة رضي الله عنهما1، ثم تتابع المهاجرون بعد أبي سلمة، فرارًا بدينهم ليتمكنوا من عبادة الله الذي امتزج حبه بنفوسهم. ولم يبق منهم إلا أبو بكر وعلي، وقليلون من المستضعفين الذين لم تمكنهم أحوالهم من الهجرة.

وقد كان بقاء أبي بكر وعلي بأمر من رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ذلك أن أبا بكر أراد الهجرة. فقال له الرسول -صلى الله عليه وسلم-: "علي رسلك فإني أرجو أن يؤذن لي".

فقال أبو بكر: وهل ترجو ذلك يا رسول الله، بأبي أنت؟ قال: "نعم".

فحبس أبو بكر نفسه، انتظارًا لرسول الله -صلى الله عليه وسلم- ليكون في شرف صحبته، وجهز راحلتين عنده استعدادًا لذلك اليوم الموعود2.

ولا شك أن هجرة المسلمين من مكة إلى المدينة كانت مبعث سعادة نفسية كبرى لهم، لأنهم تنفسوا الصعداء، وشعروا بالحرية التي لم يكونوا يألفونها، وأخذوا يعبدون الله وينشرون دينه في جوٍّ بعيد عن الضغط والإرهاب والظلم والعدوان.

كما كانت ضربة قاضية على المشركين في مكة، إذا خاب أملهم وأفلت

__________

1 أسند ذلك ابن إسحاق عن أم سلمة كما في "سيرة ابن هشام" 2/ 112 وغيره. وأما ما أسنده ابن سعد وغيره عن البراء: "أول من قدم علينا مصعب بن عمير" فذلك كان قبل العقبة الثانية، ومراد ابن إسحاق فيما أسنده بعد العقبة الثانية.

2 أخرجه البخاري في صحيحه، كما في "فتح الباري" 4/ 475، وغيره. وانظر سياق روايات الهجرة في:

"ترتيب طبقات ابن سعد" 1/ 247 وما بعدها، "سيرة ابن هشام" 2/ 112 وما بعدها، "المواهب اللدنية" 1/ 284 وما بعدها، "الدلائل" للبيهقي 2/ 458 وما بعدها، "البداية" 3/ 168 وما بعدها، وغير ذلك كثير.

المسلمون من قبضتهم، وأصبحوا يتوقعون منهم خطرًا كبيرًا لا ريب فيه.



كلمات دليلية: