withprophet faceBook withprophet twitter withprophet instagram withprophet youtube withprophet new withprophet pinterest


غزوة تبوك من كتاب الفصول في سيرة الرسول صلى الله عليه وسلم

غزوة تبوك من كتاب الفصول في سيرة الرسول صلى الله عليه وسلم

اسم الكتاب:
الفصول في سيرة الرسول صلى الله عليه وسلم

فصل ـ غزوة تبوك

ولما أنزل الله عز وجل على رسول {قاتلوا الذين لا يؤمنون بالله ولا باليوم الآخر ولا يحرمون ما حرم الله ورسوله ولا يدينون دين الحق من الذين أوتوا الكتاب حتى يعطوا الجزية عن يد وهم صاغرون} ندب رسول الله صلى الله عليه وسلم أهل المدينة ومن حولهم من الأعراب إلى الجهاد، وأعلمهم بغزو الروم، وذلك في رجب من سنة تسع، وكان لا يريد غزوة إلا ورى بغيرها، إلا غزوته هذه، فإنه صرح لهم بها ليتأهبوا، لشدة عدوهم وكثرته، وذلك حين طابت الثمار، وكان ذلك في سنة مجدبة، فتأهب المسلمون لذلك.

وأنفق عثمان بن عفان رضي الله عنه على هذا الجيش وهو جيش العسرة مالاً جزيلاً فقيل: ألف دينار.

وقال بعضهم: إنه حمل على ألف بعير ومائة فرس وجهزها أتم جهاز حتى لم يفقدوا عقالاً وخطاماً، رضي الله عنه.

ونهض صلى الله عليه وسلم في نحو من ثلاثين ألفاً، واستخلف على المدينة محمد بن مسلمة وقيل: سباع بن عر فطة: وقيل: علي بن أبي طالب رضي الله عنه.

والصحيح أن علياً كان خليفة له على النساء والذرية، ولهذا لما آذاه المنافقون فقالوا: تركه على النساء والذرية، لحق رسول الله صلى الله عليه وسلم فشكا إليه ذلك، فقال: «ألا ترضى

أن تكون مني بمنزلة هارون من موسى؟ غير أنه لا نبي بعدي» وقد خرج معه عبد الله بن أبي رأس النفاق، ثم رجع من أثناء الطريق.

وتخلف عن رسول الله صلى الله عليه وسلم النساء والذرية، ومن عذره الله من الرجال ممن لا يجد ظهراً يركبه أو نفقة تكفيه، فمنهم البكاؤون، وكانوا سبعة: سالم بن عمير، وعلبة بن زيد، وأبو ليلى عبد الرحمن بن كعب، وعمر بن الحمام، وعبد الله بن المغفل المزني، وهرمي بن عبد الله وعرباض بن سارية الفزازي، رضي الله عنهم.

وتخلف منافقون كفراً وعناداً وكانوا نحوالثمانين رجلاً.

وتخلف عصاة مثل: مرارة بن الربيع، وكعب بن مالك، وهلال بن أمية.

ثم تاب الله عليهم بعد قدومه صلى الله عليه وسلم بخمسين ليلة.

فسار صلى الله عليه وسلم فمر في طريقه بالحجر، فأمرهم أن لا يدخلوا عليهم بيوتهم إلا أن يكونوا باكين، وأن لا يشربوا إلا من بئر الناقة، وما كانوا عجنوا به من غيره فليطعموه للإبل.

وجازها صلى الله عليه وسلم مقنعاً.

فبلغ صلى الله عليه وسلم تبوك وفيها عين تبض بشيء من ماء قليل، فكثرت ببركته، مع ما شوهد من بركة دعائه في هذه الغزوة، من تكثير الطعام الذي كان حاصل الجيش جميعه منه مقدار العنز الباركة، فدعا الله عز وجل فأكلوا منه وملؤوا كل وعاء كان في ذلك الجيش، وكذا لما عطشوا دعا الله تعالى فجاءت سحابة

فأمطرت، فشربوا حتى رووا واحتملوا، ثم وجدوها لم تجاوز الجيش.

ومن آيات أخر كثيرة احتاجوا إليها في ذلك الوقت.

ولما انتهى إلى هناك لم يلق غزواً، ورأى أن دخولهم إلى أرض الشام بهذه السنة يشق عليهم، فعزم على الرجوع.

وصالح صلى الله عليه وسلم يحنة بن رؤبة صاحب أيلة، وبعث خالداً إلى أكيدر دومة، فجيء به فصالحه أيضاً، ورده، ثم رجع صلى الله عليه وسلم وبعد رجوعه أمر بهدم مسجد الضرار، وكان قد أخرج من دار خزام بن خالد، وهدمه بأمر رسول الله صلى الله عليه وسلم مالك بن الدخشم أخو بني سالم، أحد رجال بدر، وآخر معه اختلف فيه، وهو المسجد الذي نهى الله رسوله أن يقوم فيه أبداً.

وكان رجوعه من هذه الغزاة في رمضان من سنة تسع، وأنزل فيها عامة سورة التوبة، وعاتب الله عز وجل من تخلف عنه صلى الله عليه وسلم، فقال عز وجل: {ما كان لأهل المدينة ومن حولهم من الأعراب أن يتخلفوا عن رسول الله ولا يرغبوا بأنفسهم عن نفسه} الآية والتي تليها، ثم قال: {وما كان المؤمنون لينفروا كافة فلولا نفر من كل فرقة منهم طائفة ليتفقهوا في الدين ولينذروا قومهم إذا

رجعوا إليهم لعلهم يحذرون} ، فبان لك من هذا واتضح ما اختلف فيه، وهو أن طائفة النافرة هم الذين يتفقهون في الدين بصحبتهم رسول الله صلى الله عليه وسلم في هذه الغزوة، وإذا رجعوا أنذروا قومهم ليحذروا مما تجدد بعدهم من الدين، والله سبحانه وتعالى أعلم.



كلمات دليلية: