withprophet faceBook withprophet twitter withprophet instagram withprophet youtube withprophet new withprophet pinterest


غزوة بنى النضير من كتاب نور اليقين في سيرة سيد المرسلين

غزوة بنى النضير  من كتاب نور اليقين في سيرة سيد المرسلين

اسم الكتاب:
نور اليقين في سيرة سيد المرسلين

غزوة بني النضير

«1»

يا لله ما أسوأ عاقبة الطيش، فقد تكون الأمة مرتاحة البال هادئة الخواطر، حتى تقوم جماعة من رؤسائها بعمل غدر، يظنون من ورائه النجاح، فيجلب عليهم الشرور ويشتتهم من ديارهم، وهذا ما حصل ليهود بني النضير حلفاء الخزرج الذين كانوا يجاورون المدينة، فقد كان بينهم وبين المسلمين عهود يأمن بها كلّ منهم الاخر، ولكن بنو النضير لم يوفّوا بهذه العهود حسدا منهم وبغيا.

فبينما رسول الله صلّى الله عليه وسلّم وبعض أصحابه «2» في ديار بني النضير إذ إئتمر جماعة منهم على قتله بأن يأخذ أحد منهم «3» صخرة ويلقيها عليه من علو، فأطلع عليه الصلاة والسلام على قصدهم فرجع وتبعه أصحابه، ثم أرسل لهم محمّد بن مسلمة يقول لهم: اخرجوا من بلادي فقد هممتم بما هممتم من الغدر «إذ الحزم كل الحزم ألا يتهاون الإنسان مع من عرف منه بالغدر» فتهيأ القوم للرحيل فأرسل لهم اخوانهم المنافقون يقولون: لا تخرجوا من دياركم ونحن معكم لَئِنْ أُخْرِجْتُمْ لَنَخْرُجَنَّ مَعَكُمْ وَلا نُطِيعُ فِيكُمْ أَحَداً أَبَداً وَإِنْ قُوتِلْتُمْ لَنَنْصُرَنَّكُمْ وَاللَّهُ يَشْهَدُ إِنَّهُمْ لَكاذِبُونَ لَئِنْ أُخْرِجُوا لا يَخْرُجُونَ مَعَهُمْ وَلَئِنْ قُوتِلُوا لا يَنْصُرُونَهُمْ وَلَئِنْ نَصَرُوهُمْ لَيُوَلُّنَّ الْأَدْبارَ ثُمَّ لا يُنْصَرُونَ «4» ولكن اليهود طمعوا بهذا الوعد، وتأخّروا عن الجلاء، فأمر عليه الصلاة والسلام بالتهيؤ لقتالهم، فلمّا اجتمع الناس خرج بهم واستعمل على المدينة ابن أم مكتوم، وأعطى رايته عليّا، أما بنو النضير فتحصّنوا في حصونهم، وظنّوا أنهم مانعتهم من الله فحاصرهم عليه الصلاة والسلام ستّ ليال، ثم أمر بقطع نخيلهم ليكون أدعى إلى تسليمهم،

__________

(1) هي التي أنزل الله تعالى فيها سورة الحشر وحكى البخاري عن الزهري عن عروة أنه قال: كانت بنو النضير بعد بدر بستة أشهر قبل أحد.

(2) فيهم أبو بكر وعمر وعلي.

(3) عمر بن جحاش بن كعب.

(4) سورة الحشر اية 11- 12.

فقذف الله في قلوبهم الرعب، ولم يروا من عبد الله بن أبي مساعدة، بل خذلهم كما خذل بني قينقاع من قبلهم، فسألوا رسول الله أن يجليهم، ويكف عن دمائهم، وأنّ لهم ما حملت الإبل من أموالهم، إلّا الة الحرب ففعل، وصار اليهود يخرّبون بيوتهم بأيديهم كيلا يسكنها المسلمون.

ولمّا سار اليهود نزل بعضهم بخيبر، ومنهم أكابرهم حييّ بن أخطب وسلّام بن أبي الحقيق، ومنهم من سار إلى أذرعات بالشام، وأسلم منهم اثنان يامين ابن عمرو «1» وأبو سعد بن وهب، ولم يخمّس رسول الله ما أخذ من بني النضير، فإنه فيء لم يوجف عليه بخيل ولا ركاب «2» ، ومثل هذا يكون لمعدات الحرب، وللرسول يطعم منه أهله، ولذي القربى واليتامى والمساكين وابن السبيل، كما قال تعالى في سورة الحشر ما أَفاءَ اللَّهُ عَلى رَسُولِهِ مِنْ أَهْلِ الْقُرى فَلِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ وَلِذِي الْقُرْبى وَالْيَتامى وَالْمَساكِينِ وَابْنِ السَّبِيلِ كَيْ لا يَكُونَ دُولَةً بَيْنَ الْأَغْنِياءِ مِنْكُمْ «3» فأعطى عليه الصلاة والسلام من هذا الفيء فقراء المهاجرين «4» الذين أخرجوا من ديارهم وأموالهم وردّوا لأخوانهم من الأنصار ما كانوا قد أخذوه منهم أيام هجرتهم، وأخذ عليه الصلاة والسلام أرضا يزرعها ويدخر منها قوت أهله عاما.



كلمات دليلية: