withprophet faceBook withprophet twitter withprophet instagram withprophet youtube withprophet new withprophet pinterest


باب حنين الجذع شوقا إلى رسول الله وشغفا من فراق

باب حنين الجذع شوقا إلى رسول الله وشغفا من فراق


باب حنين الجذع شوقا إلى رسول الله وشغفا من فراق

«1»

وَقَدْ وَرَدَ مِنْ حَدِيثِ جَمَاعَةٍ مِنَ الصَّحَابَةِ بِطُرُقٍ مُتَعَدِّدَةٍ تُفِيدُ الْقَطْعَ عِنْدَ أَئِمَّةِ هَذَا الشأن وفرسان هذا الميدان.

الحديث الأول عن أبي ابن كَعْبٍ

قَالَ الْإِمَامُ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ مُحَمَّدُ بْنُ إِدْرِيسَ الشَّافِعِيُّ رَحِمَهُ اللَّهُ: حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ مُحَمَّدٍ، قَالَ: أَخْبَرَنِي عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَقِيلٍ عَنْ الطُّفَيْلِ بْنِ أُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ عَنْ أَبِيهِ قَالَ: كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُصَلِّي إِلَى جِذْعٍ نخلة إِذْ كَانَ الْمَسْجِدُ عَرِيشًا، وَكَانَ يَخْطُبُ إِلَى ذَلِكَ الْجِذْعِ، فَقَالَ رَجُلٌ مِنْ أَصْحَابِهِ:

يَا رسول الله هل لك أن تجعل لك منبرا تقوم عليه يوم الجمعة فتسمع الناس خُطْبَتَكَ؟ قَالَ: نَعَمْ، فَصَنَعَ لَهُ ثَلَاثَ دَرَجَاتٍ هُنَّ اللَّاتِي عَلَى الْمِنْبَرِ، فَلَمَّا صُنِعَ الْمِنْبَرُ ووضع مَوْضِعَهُ الَّذِي وَضَعَهُ فِيهِ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، بدا للنبى ص أَنْ يَقُومَ عَلَى ذَلِكَ الْمِنْبَرِ فَيَخْطُبَ عَلَيْهِ، فَمَرَّ إِلَيْهِ، فَلَمَّا جَاوَزَ ذَلِكَ الْجِذْعَ الَّذِي كَانَ يَخْطُبُ إِلَيْهِ خَارَ حَتَّى تَصَدَّعَ وَانْشَقَّ، فَنَزَلَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمَّا سَمِعَ صَوْتَ الْجِذْعِ فَمَسَحَهُ بِيَدِهِ ثُمَّ رَجَعَ إِلَى الْمِنْبَرِ، فَلَمَّا هُدِمَ الْمَسْجِدُ أَخَذَ ذَلِكَ الجذع أبى ابن كعب رضى الله تعالى عنه، فكان عنده حَتَّى بَلِيَ وَأَكَلَتْهُ الْأَرَضَةُ وَعَادَ رُفَاتًا «2» .

وَهَكَذَا رَوَاهُ الْإِمَامُ أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ عَنْ زَكَرِيَّا بن عدى عن عبيد الله ابن عَمْرٍو الرَّقِّيِّ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَقِيلٍ عَنِ الطُّفَيْلِ عَنْ أُبَيِّ بْنِ كعب

__________

(1) المختصر في أخبار البشر (1/ 152) .

(2) أحمد في مسنده (5/ 138) .

فَذَكَرَهُ. وَعِنْدَهُ فَمَسَحَهُ بِيَدِهِ حَتَّى سَكَنَ ثُمَّ رَجَعَ إِلَى الْمِنْبَرِ، وَكَانَ إِذَا صَلَّى صَلَّى إِلَيْهِ، وَالْبَاقِي مِثْلُهُ، وَقَدْ رَوَاهُ ابْنُ مَاجَهْ عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ الرَّقِّيِّ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو الرَّقِّيِّ بِهِ.

الْحَدِيثُ الثَّانِي عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ

قَالَ الْحَافِظُ أَبُو يَعْلَى الْمَوْصِلِيُّ: ثَنَا أَبُو خَيْثَمَةَ، ثَنَا عمر بن يونس الحنفى: ثنا عكرمة ابن عَمَّارٍ، ثَنَا إِسْحَاقَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي طَلْحَةَ، حَدَّثَنَا أَنَسُ بْنُ مَالِكٍ: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ كَانَ يَوْمَ الْجُمُعَةَ يُسْنِدُ ظَهْرَهُ إِلَى جِذْعٍ منصوب فى المسجد يخطب النَّاسَ، فَجَاءَهُ رُومِيٌّ فَقَالَ: أَلَا أَصْنَعُ لَكَ شَيْئًا تَقْعُدُ عَلَيْهِ كَأَنَّكَ قَائِمٌ؟ فَصَنَعَ لَهُ منبرا دَرَجَتَانِ وَيَقْعُدُ عَلَى الثَّالِثَةِ، فَلَمَّا قَعَدَ نَبِيُّ الله على المنبر خار كَخُوَارِ الثَّوْرِ ارْتَجَّ لِخُوَارِهِ حُزْنًا عَلَى رَسُولِ الله، فنزل إليه رسول الله مِنَ الْمِنْبَرِ فَالْتَزَمَهُ وَهُوَ يَخُورُ فَلَمَّا الْتَزَمَهُ سكت ثم قال: والذى نفسى مُحَمَّدٍ بِيَدِهِ لَوْ لَمْ أَلْتَزِمْهُ لَمَا زَالَ هَكَذَا حَتَّى يَوْمَ الْقِيَامَةِ حُزْنًا عَلَى رَسُولِ اللَّهِ، فَأَمَرَ بِهِ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَدُفِنَ.

وَقَدْ رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ عَنْ مَحْمُودِ بْنِ غَيْلَانَ عَنْ عُمَرَ بْنِ يُونُسَ بِهِ وَقَالَ:

صَحِيحٌ غَرِيبٌ مِنْ هَذَا الْوَجْهِ.

طَرِيقٌ أُخْرَى عَنْ أَنَسٍ

قَالَ الْحَافِظُ أَبُو بَكْرٍ الْبَزَّارُ فِي مُسْنَدِهِ: ثَنَا هُدْبَةُ، ثَنَا حَمَّادٌ عَنْ ثَابِتٍ عَنْ أَنَسٍ عَنِ النَّبِيِّ ص أَنَّهُ كَانَ يَخْطُبُ إِلَى جِذْعِ نَخْلَةٍ، فَلَمَّا اتَّخَذَ الْمِنْبَرَ تَحَوَّلَ إِلَيْهِ، فَحَنَّ فَجَاءَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَتَّى احْتَضَنَهُ فَسَكَنَ، وَقَالَ: لَوْ لَمْ أَحْتَضِنْهُ لَحَنَّ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ، وَهَكَذَا رَوَاهُ ابْنُ مَاجَهْ عَنْ أَبِي بَكْرِ بْنِ خَلَّادٍ عَنْ بَهْزِ بْنِ أَسَدٍ عَنْ حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ عَنْ ثَابِتٍ عَنْ أَنَسِ وعن حماد عن عمار ابن أَبِي عَمَّارٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ بِهِ، وَهَذَا إِسْنَادٌ عَلَى شَرْطِ مُسْلِمٍ.

طَرِيقٌ أُخْرَى عَنْ أَنَسٍ

قَالَ الْإِمَامُ أَحْمَدُ: حَدَّثَنَا هَاشِمٌ، ثَنَا الْمُبَارَكُ عَنِ الْحَسَنِ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ قَالَ: كن رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا خَطَبَ يَوْمَ الْجُمُعَةَ يُسْنِدُ ظَهْرَهُ إِلَى خَشَبَةٍ، فَلَمَّا كَثُرَ النَّاسُ قَالَ: ابْنُوا لِي مِنْبَرًا- أَرَادَ أَنْ يُسْمِعَهُمْ- فَبَنَوْا لَهُ عَتَبَتَيْنِ، فَتَحَوَّلَ مِنَ الْخَشَبَةِ إِلَى الْمِنْبَرِ، قَالَ: فَأَخْبَرَ أَنَسُ بْنُ مَالِكٍ أَنَّهُ سَمِعَ الْخَشَبَةَ تَحِنُّ حَنِينَ الْوَالِهِ، قَالَ: فَمَا زَالَتْ تَحِنُّ حَتَّى نَزَلَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنِ الْمِنْبَرِ، فَمَشَى إِلَيْهَا فَاحْتَضَنَهَا فَسَكَنَتْ «1» ، تَفَرَّدَ بِهِ أَحْمَدُ.

وَقَدْ رَوَاهُ أَبُو الْقَاسِمِ الْبَغَوِيُّ عَنْ شيبان ابن فَرُّوخٍ عَنْ مُبَارَكُ بْنُ فُضَالَةَ عَنِ الْحَسَنِ عَنْ أَنَسٍ فَذَكَرَهُ وَزَادَ: فَكَانَ الْحَسَنُ إِذَا حَدَّثَ بِهَذَا الْحَدِيثِ بَكَى ثُمَّ قَالَ: يَا عِبَادَ اللَّهِ الْخَشَبَةُ تَحِنُّ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ شَوْقًا إِلَيْهِ لِمَكَانِهِ مِنَ اللَّهِ، فَأَنْتُمْ أَحَقُّ أَنْ تَشْتَاقُوا إِلَى لِقَائِهِ، وَقَدْ رَوَاهُ الْحَافِظُ أَبُو نُعَيْمٍ مِنْ حَدِيثِ الْوَلِيدِ بْنِ مُسْلِمٍ عَنْ سَالِمِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ الْخَيَّاطِ عَنِ أنس ابن مَالِكٍ فَذَكَرَهُ.

طَرِيقٌ أُخْرَى عَنْ أَنَسٍ

قَالَ أَبُو نُعَيْمٍ: ثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ خَلَّادٍ، ثَنَا الْحَارِثُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِي أُسَامَةَ، ثنا يعلى بن عباد، ثنا الْحَكَمِ عَنْ أَنَسٍ قَالَ: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يخطب إلى جذع فحن الجذع فاحتضنه وقال: لو لمن أَحْتَضِنْهُ لَحَنَّ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ.

الْحَدِيثُ الثَّالِثُ عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ

قَالَ الْإِمَامُ أَحْمَدُ: حَدَّثَنَا وَكِيعٌ، ثَنَا عَبْدِ الْوَاحِدِ بْنِ أَيْمَنَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَابِرٍ قَالَ: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَخْطُبُ إِلَى جِذْعِ نَخْلَةٍ قَالَ: فَقَالَتِ امْرَأَةٌ مِنَ

__________

(1) أحمد في مسنده (3/ 226) .

الأنصار- وكان لَهَا غُلَامٌ نَجَّارٌ-: يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّ لِي غُلَامًا نَجَّارًا أَفَآمُرُهُ أَنْ يَتَّخِذَ لَكَ مِنْبَرًا تَخْطُبُ عَلَيْهِ؟ قَالَ: بَلَى، قَالَ: فَاتَّخَذَ لَهُ مِنْبَرًا، قَالَ:

فَلَمَّا كَانَ يَوْمُ الْجُمُعَةِ خَطَبَ عَلَى الْمِنْبَرِ، قَالَ: فَأَنَّ الْجِذْعُ الَّذِي كَانَ يَقُومُ عَلَيْهِ كَمَا يَئِنُّ الصَّبِيُّ، فَقَالَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: إِنَّ هَذَا بَكَى لِمَا فَقَدَ مِنَ الذِّكْرِ «1» .

هَكَذَا رَوَاهُ أحمد، وقد قال البخارى: ثَنَا عَبْدُ الْوَاحِدِ بْنُ أَيْمَنَ، قَالَ:

سَمِعْتُ أَبِي عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كان يَقُومُ يَوْمَ الْجُمُعَةِ إِلَى شَجَرَةٍ أَوْ نَخْلَةٍ، فَقَالَتِ امْرَأَةٌ مِنَ الْأَنْصَارِ أَوْ رَجُلٌ: يَا رَسُولَ اللَّهِ أَلَا نَجْعَلُ لَكَ مِنْبَرًا؟ قَالَ: إِنْ شِئْتُمْ، فَجَعَلُوا لَهُ مِنْبَرًا، فَلَمَّا كَانَ يَوْمُ الْجُمُعَةِ دُفِعَ إِلَى الْمِنْبَرِ، فَصَاحَتِ النَّخْلَةُ صِيَاحَ الصَّبِيِّ، ثُمَّ نَزَلَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلم فضمه إليه يئن أَنِينَ الصَّبِيِّ، الَّذِي يُسَكَّنُ: قَالَ: كَانَتْ تَبْكِي عَلَى مَا كَانَتْ تَسْمَعُ مِنَ الذِّكْرِ عِنْدَهَا «2» .

وَقَدْ ذَكَرَهُ الْبُخَارِيُّ فِي غَيْرِ مَا مَوْضِعٍ مِنْ صَحِيحِهِ مِنْ حَدِيثِ عَبْدِ الْوَاحِدِ بْنِ أَيْمَنَ عَنْ أَبِيهِ وَهُوَ أَيْمَنُ الْحَبَشِيُّ الْمَكِّيُّ مَوْلَى ابْنِ أَبِي عَمْرَةَ الْمَخْزُومِيِّ عَنْ جَابِرٍ بِهِ.

طَرِيقٌ أُخْرَى عَنْ جَابِرٍ

قَالَ الْبُخَارِيُّ: ثَنَا إِسْمَاعِيلُ، حَدَّثَنِي أَخِي عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ بِلَالٍ عَنْ يحيى ابن سَعِيدٍ، حَدَّثَنِي حَفْصُ بْنُ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ أَنَّهُ سَمِعَ جَابِرَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ الْأَنْصَارِيَّ يَقُولُ: كَانَ الْمَسْجِدُ مَسْقُوفًا عَلَى جُذُوعٍ مِنْ نَخْلٍ، فَكَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا خَطَبَ يَقُومُ إِلَى جذع منها، فلما صنع له المنبر وكان عَلَيْهِ فَسَمِعْنَا لِذَلِكَ الْجِذْعِ صَوْتًا كَصَوْتِ الْعِشَارِ، حَتَّى جَاءَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَوَضَعَ يَدَهُ عَلَيْهَا فَسَكَنَتْ «3» ، تَفَرَّدَ بِهِ الْبُخَارِيُّ.

__________

(1) أحمد في مسنده (3/ 300) .

(2) أخرجه البخاري في كتاب المناقب (3584) (10/ 458) .

(3) أخرجه البخاري في كتاب الجمعة (918) (3/ 372) .

طَرِيقٌ أُخْرَى عَنْهُ

قَالَ الْحَافِظُ أَبُو بَكْرٍ الْبَزَّارُ، ثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى، ثَنَا أَبُو الْمُسَاوِرِ، ثَنَا أَبُو عَوَانَةَ عَنِ الْأَعْمَشِ عَنْ أَبِي صَالِحٍ- وَهُوَ ذَكْوَانُ- عَنْ جَابِرِ بْنِ عبد الله وعن إِسْحَاقَ عَنْ كُرَيْبٍ عَنْ جَابِرٍ قَالَ: كَانَتْ خَشَبَةٌ فِي الْمَسْجِدِ يَخْطُبُ إِلَيْهَا النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالُوا: لَوِ اتَّخَذْنَا لَكَ مِثْلَ الْكُرْسِيِّ تَقُومُ عَلَيْهِ؟ فَفَعَلَ فَحَنَّتِ الْخَشَبَةُ كما تحن الناقة الحلوج، فأتاها فاحتصنها فَوَضَعَ يَدَهُ عَلَيْهَا فَسَكَنَتْ.

قَالَ أَبُو بَكْرٍ البزار: وأحسب أنا قَدْ حُدِّثْنَاهُ عَنْ أَبِي عَوَانَةَ عَنِ الْأَعْمَشِ عَنْ أَبِي صَالِحٍ عَنْ جَابِرِ، وَعَنْ أَبِي إِسْحَاقَ عَنْ كُرَيْبٍ عَنْ جَابِرٍ بِهَذِهِ الْقِصَّةِ الَّتِي رَوَاهَا أَبُو الْمُسَاوِرِ عَنْ أَبِي عَوَانَةَ، وحدثناه محمد ابن عُثْمَانَ بْنِ كَرَامَةَ، ثَنَا عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ مُوسَى عَنْ إِسْرَائِيلُ عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ عَنْ سَعِيدِ بْنِ أَبِي كُرَيْبٍ عَنْ جَابِرٍ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِنَحْوِهِ، وَالصَّوَابُ إِنَّمَا هُوَ سَعِيدُ بْنُ أَبِي كُرَيْبٍ، وَكُرَيْبٌ خَطَأٌ وَلَا يُعْلَمُ يَرْوِي عَنْ سَعِيدِ بْنِ أبى كريب إلا أبا إِسْحَاقَ، قُلْتُ:

وَلَمْ يُخْرِجُوهُ مِنْ هَذَا الْوَجْهِ وَهُوَ جَيِّدٌ.

طَرِيقٌ أُخْرَى عَنْ جَابِرٍ

قَالَ الْإِمَامُ أَحْمَدُ: ثَنَا يَحْيَى بْنُ آدَمَ، ثَنَا إِسْرَائِيلُ عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ عَنْ سَعِيدِ بْنِ أبى كريب عن جابر بن عبد الله يقال: كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَخْطُبُ إلى خشبة فلما جعل له مِنْبَرٌ حَنَّتْ حَنِينَ النَّاقَةِ فَأَتَاهَا فَوَضَعَ يَدَهُ عَلَيْهَا فَسَكَنَتْ، تَفَرَّدَ بِهِ أَحْمَدُ.

طَرِيقٌ أُخْرَى عَنْ جَابِرٍ

قَالَ الْحَافِظُ أَبُو بَكْرٍ الْبَزَّارُ: ثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مَعْمَرٍ، ثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ كَثِيرٍ، ثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ كَثِيرٍ عَنِ الزُّهْرِيِّ عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ

قَالَ: كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُومُ إِلَى جِذْعٍ قَبْلَ أَنْ يُجْعَلَ لَهُ الْمِنْبَرُ فَلَمَّا جُعِلَ الْمِنْبَرُ حَنَّ الْجِذْعُ حَتَّى سَمِعْنَا حَنِينَهُ، فَمَسَحَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَدَهُ عَلَيْهِ فَسَكَنَ، قَالَ الْبَزَّارُ: لَا نَعْلَمُ رَوَاهُ عَنِ الْزُّهْرِيِّ إِلَّا سُلَيْمَانَ بْنَ كَثِيرٍ، قُلْتُ: وَهَذَا إِسْنَادٌ جِيدٌ رِجَالُهُ عَلَى شَرْطِ الصَّحِيحِ، وَلَمْ يَرْوِهِ أَحَدٌ مِنْ أَصْحَابِ الْكُتُبِ السِّتَّةِ.

وَقَالَ الْحَافِظُ أَبُو نُعَيْمٍ فِي الدَّلَائِلِ: وَرَوَاهُ عَبْدِ الرَّزَّاقِ عَنْ مَعْمَرٍ عَنِ الزُّهْرِيِّ عَنْ رَجُلٍ سَمَّاهُ عَنْ جَابِرٍ ثم أورده من طريق أبى عاصم بن على عن سليمان ابن كثير عن يحيى ابن سَعِيدٍ عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ عَنْ جَابِرٍ مِثْلَهُ، ثُمَّ قَالَ: ثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ خَلَّادٍ، ثَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَلِيٍّ الْخَرَّازُ، حَدَّثَنَا عِيسَى بْنُ الْمُسَاوِرِ، ثَنَا الْوَلِيدُ بْنُ مُسْلِمٍ عَنِ الْأَوْزَاعِيُّ عَنْ يَحْيَى بْنِ أَبِي كَثِيرٍ عَنْ أَبِي سَلَمَةَ عَنْ جَابِرٍ أَنَّ رَسُولَ الله كَانَ يَخْطُبُ إِلَى جِذْعٍ فَلَمَّا بُنِيَ الْمِنْبَرُ حن الجذع فاحتضنه فَسَكَنَ، وَقَالَ: لَوْ لَمْ أَحْتَضِنْهُ لَحَنَّ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ، ثُمَّ رَوَاهُ مِنْ حَدِيثِ أَبِي عَوَانَةَ عَنِ الْأَعْمَشِ عَنْ أَبِي صَالِحٍ عَنْ جَابِرِ، وَعَنْ أَبِي إِسْحَاقَ عَنْ كُرَيْبٍ عَنْ جَابِرٍ مِثْلَهُ.

طَرِيقٌ أُخْرَى عَنْ جَابِرٍ

قَالَ الْإِمَامُ أَحْمَدُ: ثنا عبد الرزاق، أن ابْنُ جُرَيْجٍ وَرَوْحٌ قَالَ: حَدَّثَنَا ابْنُ جُرَيْجٍ: أَخْبَرَنِي أَبُو الزُّبَيْرِ أَنَّهُ سَمِعَ جَابِرَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ يَقُولُ: كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا خَطَبَ يَسْتَنِدُ إِلَى جِذْعِ نَخْلَةٍ مِنْ سَوَارِي الْمَسْجِدِ. فَلَمَّا صُنِعَ لَهُ منبره واستوى عليه فاضطربت تِلْكَ السَّارِيَةُ كَحَنِينِ النَّاقَةِ حَتَّى سَمِعَهَا أَهْلُ الْمَسْجِدِ حَتَّى نَزَلَ إِلَيْهَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَاعْتَنَقَهَا فَسَكَنَتْ، وَقَالَ رَوْحٌ: فَسَكَتَتْ، وَهَذَا إِسْنَادٌ عَلَى شَرْطِ مُسْلِمٍ وَلَمْ يُخْرِجُوهُ.

طَرِيقٌ أُخْرَى عَنْ جَابِرٍ

قَالَ الْإِمَامُ أَحْمَدُ: ثَنَا ابْنُ أَبِي عَدِيٍّ عَنْ سُلَيْمَانَ عَنْ أَبِي نَضْرَةَ عَنْ جَابِرٍ قَالَ: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُومُ فِي أَصْلِ شَجَرَةٍ، أَوْ قَالَ: إِلَى جِذْعٍ

ثُمَّ اتَّخَذَ مِنْبَرًا قَالَ: فَحَنَّ الْجِذْعُ، قَالَ جابر: جتى سَمِعَهُ أَهْلُ الْمَسْجِدِ حَتَّى أَتَاهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَمَسَحَهُ فَسَكَنَ، فَقَالَ بَعْضُهُمْ: لَوْ لَمْ يَأْتِهِ لَحَنَّ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ، وَهَذَا عَلَى شَرْطِ مُسْلِمٍ وَلَمْ يَرَوِهِ إلا ابن ماجة عن بكير بْنِ خَلَفٍ عَنِ ابْنِ أَبِي عَدِيٍّ عَنْ سُلَيْمَانَ التَّيْمِيِّ عَنْ أَبِي نَضْرَةَ الْمُنْذِرِ بْنِ مَالِكِ بْنِ قطفة العبرى النضرى عَنْ جَابِرٍ بِهِ.

الْحَدِيثُ الرَّابِعُ عَنْ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ

قَالَ أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ: ثَنَا سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ عَنْ أَبِي حَازِمٍ قَالَ: أَتَوْا سَهْلَ بْنَ سَعْدٍ فَقَالُوا مِنْ أَيِّ شَيْءٍ مِنْبَرُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَسْتَنِدُ إِلَى جِذْعٍ فِي الْمَسْجِدِ يُصَلِّي إِلَيْهِ إِذَا خَطَبَ، فَلَمَّا اتخذ المنبر فصعد حَنَّ الْجِذْعُ حَتَّى أَتَاهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فوطنه حَتَّى سَكَنَ «1» .

وَأَصْلُ هَذَا الْحَدِيثِ فِي الصَّحِيحَيْنِ وإسناده على شرطهما وقد رواه إسحاق ابن رَاهَوَيْهِ وَابْنُ أَبِي فُدَيْكٍ عَنْ عَبْدِ الْمُهَيْمِنِ بْنُ عَبَّاسِ بْنِ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ، وَرَوَاهُ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ نَافِعٍ وَابْنُ وَهْبٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عمر عن ابن عَبَّاسِ بْنِ سَهْلٍ عَنْ أَبِيهِ فَذَكَرَهُ. وَرَوَاهُ ابن لهيعة عن عمارة بن عرفة عن ابن عَبَّاسِ بْنِ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ عَنْ أَبِيهِ بِنَحْوِهِ.

الْحَدِيثُ الْخَامِسُ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبَّاسٍ

قَالَ الْإِمَامُ أَحْمَدُ: حَدَّثَنَا عَفَّانُ، ثَنَا حَمَّادٌ عَنْ عَمَّارِ بْنِ أَبِي عَمَّارٍ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يَخْطُبُ إِلَى جِذْعٍ قَبْلَ أَنْ يَتَّخِذَ الْمِنْبَرَ، فَلَمَّا اتَّخَذَ الْمِنْبَرَ وَتَحَوَّلَ إِلَيْهِ حَنَّ عَلَيْهِ فَأَتَاهُ فَاحْتَضَنَهُ فَسَكَنَ، قَالَ: وَلَوْ لَمْ أَحْتَضِنْهُ لَحَنَّ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ «2» ، وَهَذَا الْإِسْنَادُ عَلَى شَرْطِ مُسْلِمٍ وَلَمْ يَرْوِهِ إِلَّا ابْنُ مَاجَهْ مِنْ حَدِيثِ حَمَّادِ بْنِ سَلَمَةَ

__________

(1) أخرجه البخاري في كتاب الصلاة (377) (2/ 213) .

(2) أحمد في مسنده (1/ 249، 267، 363) .

الْحَدِيثُ السَّادِسُ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ

قَالَ الْبُخَارِيُّ: ثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى، حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ كَثِيرٍ أَبُو غَسَّانَ، ثَنَا أَبُو حفص واسمه عمر بن العلاء- أخوا أَبِي عَمْرِو بْنِ الْعَلَاءِ- قَالَ:

سَمِعْتُ نَافِعًا عَنِ ابْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا قَالَ: كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَخْطُبُ إِلَى جِذْعٍ فَلَمَّا اتَّخَذَ الْمِنْبَرَ تَحَوَّلَ إِلَيْهِ فَحَنَّ الْجِذْعُ فَأَتَاهُ فَمَسَحَ يَدَهُ عَلَيْهِ «1» ، وَقَالَ عَبْدُ الْحَمِيدِ: أَنَا عُثْمَانُ بْنُ عُمَرَ، أَنَا مُعَاذُ بْنُ الْعَلَاءِ عَنْ نَافِعٍ بِهَذَا، وَرَوَاهُ أَبُو عَاصِمٍ عَنِ ابْنُ أَبِي رَوَّادٍ عَنْ نَافِعٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.

هَكَذَا ذَكَرَهُ الْبُخَارِيُّ.

وَقَدْ رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ عَنْ عَمْرِو بْنِ عَلِيٍّ الْفَلَّاسِ عن عثمان بن عمرو ويحيى بن كثير عن أَبِي غَسَّانَ الْعَنْبَرِيِّ كِلَاهُمَا عَنْ مُعَاذِ بْنِ الْعَلَاءِ بِهِ وَقَالَ:

حَسَنٌ صَحِيحٌ غَرِيبٌ.

قَالَ شَيْخُنَا الْحَافِظُ أَبُو الْحَجَّاجِ الْمِزِّيُّ فِي أَطْرَافِهِ: ورواه على بن نصر ابن على الجهضمى وأحمد ابن خَالِدٍ الْخَلَّالُ وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الدَّارِمِيُّ فِي آخَرِينَ عَنْ عُثْمَانَ بْنِ عُمَرَ عَنْ مُعَاذِ بْنِ الْعَلَاءِ قَالَ: وَعَبْدُ الْحَمِيدِ هَذَا- يَعْنِي الَّذِي ذَكَرَهُ الْبُخَارِيُّ- يُقَالُ: إِنَّهُ عبد ابن حُمَيْدٍ وَاللَّهُ أَعْلَمُ.

قَالَ شَيْخُنَا: وَقَدْ قِيلَ إِنَّ قَوْلَ الْبُخَارِيِّ: عَنْ أَبِي حَفْصٍ وَاسْمُهُ عمرو ابن الْعَلَاءِ، وَهْمٌ، وَالصَّوَابُ مُعَاذُ بْنُ الْعَلَاءِ كَمَا وَقَعَ فِي رِوَايَةِ التِّرْمِذِيِّ، قُلْتُ: وَلَيْسَ هَذَا ثَابِتًا فِي جَمِيعِ النُّسَخِ، وَلَمْ أَرَ فِي النسخ الَّتِي كَتَبْتُ مِنْهَا تَسْمِيَتَهُ بِالْكُلِّيَّةِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ.

وَقَدْ رَوَى هَذَا الْحَدِيثَ الْحَافِظُ أَبُو نُعَيْمٍ مِنْ حَدِيثِ عَبْدِ اللَّهِ بن رجاء،

__________

(1) البخاري في كتاب المناقب (3583) (10/ 456) .

عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ، وَمِنْ حَدِيثِ أَبِي عَاصِمٍ عَنِ ابْنِ أَبِي رَوَّادٍ كِلَاهُمَا عَنْ نَافِعٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ قَالَ: قَالَ تَمِيمٌ الدَّارِيُّ أَلَا نَتَّخِذُ لَكَ مِنْبَرًا، فَذَكَرَ الْحَدِيثَ.

طَرِيقٌ أُخْرَى عَنِ ابْنِ عُمَرَ

قَالَ الإمام أحمد: ثنا حسين، ثنا خلف عن أبى خباب- وهو يحيى ابن أَبِي حَيَّةَ- عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ قَالَ: كَانَ جِذْعُ نَخْلَةٍ فِي الْمَسْجِدِ يُسْنِدُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ظَهْرَهُ إِلَيْهِ إِذَا كَانَ يَوْمُ جُمُعَةٍ أَوْ حَدَثَ أَمْرٌ يُرِيدُ أَنْ يُكَلِّمَ النَّاسَ، فَقَالُوا: أَلَا نَجْعَلُ لَكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ شَيْئًا كَقَدْرِ قِيَامِكَ؟ قَالَ: لَا عَلَيْكُمْ أَنْ تفعلوا، فصنعوا له منبرا ثلاث مراقى، قَالَ: فَجَلَسَ عَلَيْهِ، قَالَ: فَخَارَ الْجِذْعُ كَمَا تَخُورُ الْبَقَرَةُ جَزَعًا عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَالْتَزَمَهُ وَمَسَحَهُ حَتَّى سَكَنَ، تَفَرَّدَ بِهِ أَحْمَدُ.

الْحَدِيثُ السَّابِعُ عَنْ أَبِي سعيد الخدري

قال عبد بن حميد الليثى: ثنا عَلِيُّ بْنُ عَاصِمٍ عَنِ الْجُرَيْرِيِّ عَنْ أَبِي نَضْرَةَ الْعَبْدِيِّ، حَدَّثَنِي أَبُو سَعِيدٍ الْخُدْرِيُّ قَالَ: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَخْطُبُ يَوْمَ الْجُمُعَةِ إِلَى جِذْعِ نَخْلَةٍ، فَقَالَ لَهُ النَّاسُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّهُ قَدْ كَثُرَ النَّاسُ- يَعْنِي الْمُسْلِمِينَ- وَإِنَّهُمْ لَيُحِبُّونَ أَنْ يَرَوْكَ، فَلَوِ اتَّخَذْتَ مِنْبَرًا تَقُومُ عَلَيْهِ لِيَرَاكَ النَّاسُ؟ قَالَ: نَعَمْ، مَنْ يَجْعَلُ لَنَا هَذَا الْمِنْبَرَ؟ فَقَامَ إِلَيْهِ رَجُلٌ فَقَالَ: أنا، قال تجعله؟ قال: نعم، ولم يقل: إِنْ شَاءَ اللَّهُ، قَالَ: مَا اسْمُكَ؟ قَالَ:

فَلَانٌ، قَالَ: اقْعُدْ، فَقَعَدَ ثُمَّ عَادَ فَقَالَ: مَنْ يَجْعَلُ لَنَا هَذَا الْمِنْبَرَ؟ فَقَامَ إِلَيْهِ رَجُلٌ فَقَالَ: أَنَا، قَالَ: تَجْعَلُهُ، قَالَ: نَعَمْ، ولم يقل: إن شاء الله، قال ما اسْمُكَ؟ قَالَ: فَلَانٌ، قَالَ: اقْعُدْ، فَقَعَدَ، ثُمَّ عَادَ فَقَالَ: مَنْ يَجْعَلُ لَنَا هَذَا الْمِنْبَرَ؟ فَقَامَ إِلَيْهِ رَجُلٌ فَقَالَ: أَنَا، قَالَ: تَجْعَلُهُ، قال: نعم، ولم يقل: إن شاء الله، قَالَ: مَا اسْمُكَ؟ قَالَ: فَلَانٌ، قَالَ اقْعُدْ فَقَعَدَ، ثُمَّ عَادَ

فَقَالَ: مَنْ يَجْعَلُ لَنَا هَذَا الْمِنْبَرَ، فَقَامَ إِلَيْهِ رَجُلٌ فَقَالَ: أَنَا، قَالَ تَجْعَلُهُ، قَالَ: نَعَمْ إِنْ شَاءَ اللَّهُ، قَالَ: مَا اسْمُكَ؟ قَالَ: إِبْرَاهِيمُ، قَالَ: اجْعَلْهُ، فَلَمَّا كَانَ يَوْمُ الجمعة اجتمع الناس للنبى ص فِي آخِرِ الْمَسْجِدِ فَلَمَّا صَعِدَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْمِنْبَرَ فَاسْتَوَى عَلَيْهِ فاستقبل النَّاسَ وَحَنَّتِ النَّخْلَةُ حَتَّى أَسْمَعَتْنِي وَأَنَا فِي آخِرِ الْمَسْجِدِ، قَالَ: فَنَزَلَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنِ الْمِنْبَرِ فَاعْتَنَقَهَا، فَلَمْ يَزَلْ حَتَّى سَكَنَتْ ثُمَّ عَادَ إِلَى الْمِنْبَرَ فَحَمِدَ اللَّهَ وَأَثْنَى عَلَيْهِ ثُمَّ قَالَ: إِنَّ هَذِهِ النَّخْلَةَ إِنَّمَا حَنَّتْ شَوْقًا إِلَى رَسُولِ الله، لما فارقها فو الله لَوْ لَمْ أَنْزِلْ إِلَيْهَا فَأَعْتَنِقْهَا لَمَا سَكَنَتْ إلى يوم القيامة.

وهذا إسناد عَلَى شَرْطِ مُسْلِمٍ، وَلَكِنْ فِي السِّيَاقِ غَرَابَةٌ وَاللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ.

طَرِيقٌ أُخْرَى عَنْ أَبِي سَعِيدٍ

قَالَ الْحَافِظُ أَبُو يَعْلَى: ثَنَا مَسْرُوقُ بن المرزبان، ثنا زَكَرِيَّا عَنْ مُجَالِدٍ عَنْ أَبِي الْوَدَّاكِ وَهُوَ جبر ابن نَوْفٍ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ قَالَ: كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُومُ إِلَى خَشَبَةٍ يَتَوَكَّأُ عَلَيْهَا يَخْطُبُ كُلَّ جُمُعَةٍ حَتَّى أَتَاهُ رَجُلٌ مِنَ الرُّومِ فَقَالَ: إِنْ شِئْتَ جَعَلْتُ لَكَ شَيْئًا إِذَا قَعَدْتَ عَلَيْهِ كُنْتَ كَأَنَّكَ قَائِمٌ، قَالَ: نَعَمْ، قَالَ:

فَجَعَلَ لَهُ الْمِنْبَرَ، فَلَمَّا جَلَسَ عَلَيْهِ حَنَّتِ الْخَشَبَةُ حَنِينَ النَّاقَةِ علئ وَلَدِهَا، حَتَّى نَزَلَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَوَضَعَ يَدَهُ عَلَيْهَا، فَلَمَّا كَانَ الْغَدُ رَأَيْتُهَا قَدْ حُوِّلَتْ، فَقُلْنَا:

مَا هَذَا؟ قَالُوا: جَاءَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَبُو بَكْرٍ وَعُمَرُ الْبَارِحَةَ فَحَوَّلُوهَا، وَهَذَا غَرِيبٌ أَيْضًا.

الْحَدِيثُ الثَّامِنُ عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عنها

رواه الحافظ من حديث على بن أحمد الحوار عَنْ قَبِيصَةَ عَنْ حِبَّانَ بْنِ عَلِيٍّ عَنْ صالح بن حبان عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ بُرَيْدَةَ عَنْ عَائِشَةَ فَذَكَرَ الْحَدِيثَ بِطُولِهِ وَفِيهِ أَنَّهُ خَيَّرَهُ بَيْنَ الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ فَاخْتَارَ الْجِذْعُ الْآخِرَةَ وَغَارَ حَتَّى ذهب فلم

يُعْرَفْ، هَذَا حَدِيثٌ غَرِيبٌ إِسْنَادًا وَمَتْنًا.

الْحَدِيثُ التَّاسِعُ عَنْ أُمِّ سَلَمَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا

رَوَى أَبُو نُعَيْمٍ مِنْ طَرِيقِ شَرِيكٍ الْقَاضِي وَعَمْرِو بْنِ أَبِي قَيْسٍ وَمُعَلَّى بْنِ هِلَالٍ ثلاثتهم عن عمار الذهبى عَنْ أَبِي سَلَمَةَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنْ أُمِّ سَلَمَةَ قَالَتْ: كَانَ لِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خَشَبَةٌ يَسْتَنِدُ إِلَيْهَا إِذَا خَطَبَ، فَصُنِعَ لَهُ كُرْسِيٌّ أَوْ مِنْبَرٌ فَلَمَّا فقدته خارت كما يخور الثور، حتى سمع أَهْلُ الْمَسْجِدِ، فَأَتَاهَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَسَكَنَتْ، هَذَا لَفْظُ شَرِيكٍ، وَفِي رِوَايَةِ مُعَلَّى بْنِ هِلَالٍ: أَنَّهَا كَانَتْ مِنْ دوم، وَهَذَا إِسْنَادٌ جَيِّدٌ وَلَمْ يُخْرِجُوهُ، وَقَدْ رَوَى الْإِمَامُ أَحْمَدُ وَالنَّسَائِيُّ مِنْ حَدِيثِ عمار الذهبى عَنْ أَبِي سَلَمَةَ عَنْ أُمِّ سَلَمَةَ قَالَتْ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قوائم منبرى فى زاوية فِي الْجَنَّةِ «1» .

وَرَوَى النَّسَائِيُّ أَيْضًا بِهَذَا الْإِسْنَادِ: مَا بَيْنَ بَيْتِي وَمِنْبَرِي رَوْضَةٌ مِنْ رِيَاضِ الْجَنَّةِ، فَهَذِهِ الطُّرُقُ مِنْ هَذِهِ الْوُجُوهِ تُفِيدُ الْقَطْعَ بِوُقُوعِ ذَلِكَ عِنْدَ أَئِمَّةِ هَذَا الْفَنِّ، وكذا من تأملها وأنعم فِيهَا النَّظَرَ وَالتَّأَمُّلَ مَعَ مَعْرِفَتِهِ بِأَحْوَالِ الرِّجَالِ وَبِاللَّهِ الْمُسْتَعَانُ، وَقَدْ قَالَ الْحَافِظُ أَبُو بَكْرٍ الْبَيْهَقِيُّ: أَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحَافِظُ، أَخْبَرَنِي أَبُو أَحْمَدَ بْنُ أَبِي الْحَسَنِ، ثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ إِدْرِيسَ الرَّازِيُّ قَالَ: قَالَ أَبِي- يَعْنِي أَبَا حَاتِمٍ الرَّازِيَّ- قَالَ عَمْرُو بْنُ سَوَّادٍ، قَالَ لِي الشَّافِعِيُّ: مَا أعطى الله نبيا مَا أُعْطِيَ مُحَمَّدٌ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فقلت له: أَعْطَى عِيسَى إِحْيَاءَ الْمَوْتَى، فَقَالَ: أَعْطَى مُحَمَّدًا الْجِذْعَ الَّذِي كَانَ يَخْطُبُ إِلَى جَنْبِهِ حَتَّى هيىء له المنبر، فلما هيىء لَهُ الْمِنْبَرُ حَنَّ الْجِذْعُ حَتَّى سُمِعَ صَوْتُهُ، فهذا أكبر من ذلك.

__________

(1) أحمد في مسنده (6/ 289، 292، 318) .

بَابُ تَسْبِيحِ الْحَصَى فِي كَفِّهِ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ

قَالَ الْحَافِظُ أَبُو بَكْرٍ الْبَيْهَقِيُّ: أَنَا أَبُو الْحَسَنِ عَلِيُّ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ عَبْدَانَ، أَنَا أَحْمَدُ بْنُ عُبَيْدٍ الصَّفَّارُ، ثَنَا الْكُدَيْمِيُّ «1» ، ثَنَا قُرَيْشُ بْنُ أَنَسٍ، ثَنَا صَالِحُ بْنُ أَبِي الْأَخْضَرِ عَنِ الْزُّهْرِيِّ عَنْ رَجُلٍ يُقَالُ لَهُ سُوِيدُ بْنُ يَزِيدَ السُّلَمِيُّ، قَالَ:

سَمِعْتُ أَبَا ذَرٍّ يَقُولُ: لَا أَذْكُرُ عُثْمَانَ إِلَّا بخير بعد شىء رأيته، كنت رجلا أتبع خَلَوَاتِ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَرَأَيْتُ يوما جالسا وحده فاغتنمت خلوته فجئتحتى جَلَسْتُ إِلَيْهِ فَجَاءَ أَبُو بَكْرٍ فَسَلَّمَ عَلَيْهِ ثُمَّ جَلَسَ عَنْ يَمِينِ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، ثُمَّ جَاءَ عُمَرُ فَسَلَّمَ وَجَلَسَ عَنْ يَمِينِ أَبِي بَكْرٍ ثُمَّ جَاءَ عثمان فسلم ثم جلس عَنْ يَمِينِ عُمَرَ، وَبَيْنَ يَدَيْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صبع حَصَيَاتٍ، أَوْ قَالَ:

تِسْعُ حَصَيَاتٍ، فَأَخَذَهُنَّ فِي كَفِّهِ فَسَبَّحْنَ حَتَّى سَمِعْتُ لَهُنَّ حَنِينًا كَحَنِينِ النخل، ثُمَّ وَضَعَهُنَّ فَخَرِسْنَ ثُمَّ أَخَذَهُنَّ فَوَضَعَهُنَّ فِي كف أَبِي بَكْرٍ فَسَبَّحْنَ حَتَّى سَمِعْتُ لَهُنَّ حَنِينًا كحنين النخل، ثُمَّ وَضَعَهُنَّ فَخَرِسْنَ، ثُمَّ تَنَاوَلَهُنَّ فَوَضَعَهُنَّ فِي يَدِ عُمَرَ فَسَبَّحْنَ حَتَّى سَمِعْتُ لَهُنَّ حَنِينًا كحنين النخل، ثُمَّ وَضَعَهُنَّ فَخَرِسْنَ، ثُمَّ تَنَاوَلَهُنَّ فَوَضَعَهُنَّ فِي يَدِ عُثْمَانَ فَسَبَّحْنَ حَتَّى سَمِعْتُ لَهُنَّ حَنِينًا كحنين النخل، ثُمَّ وَضَعَهُنَّ فَخَرِسْنَ، فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: هَذِهِ خِلَافَةُ النُّبُوَّةِ.

قَالَ الْبَيْهَقِيُّ: وكذلك رواه محمد بن يسار عَنْ قُرَيْشِ بْنِ أَنَسٍ عَنْ صَالِحِ بْنِ أَبِي الْأَخْضَرِ، وَصَالِحٌ لَمْ يَكُنْ حَافِظًا، وَالْمَحْفُوظُ عن أبى حمزة

__________

(1) والكديمي هذا هو محمد بن يونس الكديمي اتهمه البعض بالوضع وذكروه في الوضاعين.

عَنِ الْزُّهْرِيِّ، قَالَ: ذَكَرَ الْوَلِيدُ بْنُ سُوَيْدٍ هَذَا الْحَدِيثَ عَنْ أَبِي ذَرٍّ هَكَذَا.

قَالَ الْبَيْهَقِيُّ: وَقَدْ قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى الذُّهْلِيُّ فِي الْزُّهْرِيَّاتِ الَّتِي جَمَعَ فِيهَا أَحَادِيثَ الْزُّهْرِيِّ: حدثنا أبو اليمان، ثنا شعيب قال: ذكر الوليد ابن سُوَيْدٍ أَنَّ رَجُلًا مِنْ بَنِي سُلَيْمٍ كَبِيرَ السِّنِّ كَانَ مِمَّنْ أَدْرَكَ أَبَا ذَرٍّ بِالرَّبَذَةِ ذَكَرَ أَنَّهُ بَيْنَمَا هُوَ قَاعِدٌ يَوْمًا فِي ذَلِكَ الْمَجْلِسِ وَأَبُو ذَرٍّ فِي الْمَجْلِسِ إِذْ ذُكِرَ عُثْمَانُ بْنُ عَفَّانَ يَقُولُ السُّلَمِيُّ: فَأَنَا أَظُنُّ أَنَّ فِي نَفْسِ أَبِي ذَرٍّ عَلَى عُثْمَانَ مَعْتَبَةً لِإِنْزَالِهِ إِيَّاهُ بِالرَّبَذَةِ، فَلَمَّا ذُكِرَ لَهُ عُثْمَانُ عَرَّضَ لَهُ أَهْلُ الْعِلْمِ بِذَلِكَ، وَهُوَ يَظُنُّ أَنَّ فِي نَفْسِهِ عَلَيْهِ مَعْتَبَةً، فَلَمَّا ذَكَرَهُ قَالَ: لَا تَقُلْ فِي عُثْمَانَ إِلَّا خَيْرًا فَإِنِّي أَشْهَدُ لَقَدْ رَأَيْتُ مِنْهُ مَنْظَرًا وَشَهِدْتُ مِنْهُ مَشْهَدًا لَا أَنْسَاهُ حَتَّى أوت، كُنْتُ رَجُلًا أَلْتَمِسُ خَلَوَاتِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلّم لأسمع منه أولآ خذ عَنْهُ، فَهَجَّرْتُ يَوْمًا مِنَ الْأَيَّامِ، فَإِذَا النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَدْ خَرَجَ مِنْ بَيْتِهِ فَسَأَلْتُ عَنْهُ الْخَادِمَ فَأَخْبَرَنِي أَنَّهُ فِي بَيْتٍ، فَأَتَيْتُهُ وَهُوَ جَالِسٌ لَيْسَ عِنْدَهُ أَحَدٌ مِنَ النَّاسِ، وَكَأَنِّي حِينَئِذٍ أَرَى أَنَّهُ فِي وَحْيٍ، فَسَلَّمْتُ عَلَيْهِ فَرَدَّ السَّلَامَ، ثُمَّ قَالَ: مَا جَاءَ بِكَ؟ فَقُلْتُ: جَاءَ بِيَ اللَّهُ وَرَسُولُهُ فَأَمَرَنِي أَنْ أَجْلِسَ، فَجَلَسْتُ إِلَى جَنْبِهِ، لَا أَسْأَلُهُ عَنْ شَيْءٍ وَلَا يَذْكُرُهُ لِي، فَمَكَثْتُ غَيْرَ كَثِيرٍ، فَجَاءَ أَبُو بَكْرٍ يَمْشِي مُسْرِعًا فَسَلَّمَ عَلَيْهِ فَرَدَّ السَّلَامَ ثُمَّ قَالَ: مَا جَاءَ بِكَ؟ قَالَ: جَاءَ بِيَ اللَّهُ وَرَسُولُهُ، فَأَشَارَ بِيَدِهِ أَنِ اجْلِسْ، فَجَلَسَ إِلَى رَبْوَةٍ مُقَابِلَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَيْنَهُ وَبَيْنَهَا الطَّرِيقُ، حَتَّى إِذَا اسْتَوَى أَبُو بَكْرٍ جَالِسًا فَأَشَارَ بِيَدِهِ فَجَلَسَ إِلَى جَنْبِي عَنْ يَمِينِي ثُمَّ جَاءَ عُمَرُ فَفَعَلَ مِثْلَ ذَلِكَ، وَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِثْلَ ذَلِكَ، وَجَلَسَ إِلَى جَنْبِ أَبِي بَكْرٍ عَلَى تِلْكَ الرَّبْوَةِ، ثُمَّ جَاءَ عُثْمَانُ فَسَلَّمَ فَرَدَّ السَّلَامَ وَقَالَ: مَا جَاءَ بِكَ؟ قَالَ: جَاءَ بِيَ اللَّهُ وَرَسُولُهُ، فَأَشَارَ إِلَيْهِ بِيَدِهِ فَقَعَدَ إِلَى الرَّبْوَةِ ثُمَّ أَشَارَ بِيَدِهِ فَقَعَدَ إِلَى جَنْبِ عُمَرَ، فَتَكَلَّمَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِكَلِمَةٍ لَمْ أَفْقَهْ ألها غَيْرَ أَنَّهُ قَالَ: قَلِيلٌ مَا يَبْقَيْنَ، ثُمَّ قَبَضَ عَلَى حَصَيَاتٍ سَبْعٍ أَوْ تِسْعٍ أَوْ قَرِيبٍ مِنْ ذَلِكَ، فَسَبَّحْنَ فِي يَدِهِ حَتَّى سمع لهن حنين كحنين النخل فِي كَفِّ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، ثُمَّ نَاوَلَهُنَّ أَبَا بَكْرٍ

وَجَاوَزَنِي فَسَبَّحْنَ فِي كَفِّ أَبِي بَكْرٍ كَمَا سَبَّحْنَ فِي كَفِّ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، ثُمَّ أَخَذَهُنَّ مِنْهُ فَوَضَعَهُنَّ فِي الْأَرْضِ فَخَرِسْنَ فَصِرْنَ حَصًا، ثُمَّ نَاوَلَهُنَّ عُمَرَ فَسَبَّحْنَ فِي كَفِّهِ كَمَا سَبَّحْنَ فِي كَفِّ أَبِي بَكْرٍ، ثُمَّ أَخَذَهُنَّ فَوَضَعَهُنَّ فِي الْأَرْضِ فَخَرِسْنَ، ثُمَّ نَاوَلَهُنَّ عُثْمَانَ فَسَبَّحْنَ فِي كَفِّهِ نَحْوَ مَا سَبَّحْنَ فِي كَفِّ أَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ، ثُمَّ أَخَذَهُنَّ فَوَضَعَهُنَّ فِي الْأَرْضِ فَخَرِسْنَ.

قَالَ الْحَافِظُ ابْنُ عَسَاكِرَ: رَوَاهُ صَالِحُ بْنُ أَبِي الْأَخْضَرِ عَنِ الْزُّهْرِيِّ، فَقَالَ: عَنْ رَجُلٍ يُقَالُ لَهُ سُوِيدُ بْنُ يَزِيدَ السُّلَمِيُّ، وَقَوْلُ شُعَيْبٍ أَصَحُّ.

(وَقَالَ أَبُو نُعَيْمٍ فِي كِتَابِ دَلَائِلِ النُّبُوَّةِ: وَقَدْ رَوَى دَاوُدُ بْنُ أَبِي هِنْدٍ عن الوليد بن عبد الرحمن الحرشى عَنْ جُبَيْرِ بْنِ نُفَيْرٍ عَنْ أَبِي ذَرٍّ مِثْلَهُ، وَرَوَاهُ شَهْرُ بْنُ حَوْشَبٍ وَسَعِيدُ بْنُ الْمُسَيَّبِ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ، قَالَ: وَفِيهِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ) .

وَقَدْ تَقَدَّمَ مَا رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّهُ قَالَ: وَلَقَدْ كُنَّا نَسْمَعُ تَسْبِيحَ الطَّعَامِ وَهُوَ يؤكل.

حَدِيثٌ آخَرُ فِي ذَلِكَ

رَوَى الْحَافِظُ الْبَيْهَقِيُّ مِنْ حَدِيثِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُثْمَانَ بْنِ إسحاق بن سعد ابن أَبِي وَقَّاصٍ، قَالَ: حَدَّثَنِي أَبُو أُمِّي مَالِكُ بْنُ حَمْزَةَ بْنِ أَبِي أُسَيْدٍ السَّاعِدِيُّ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ أَبِي أُسَيْدٍ السَّاعِدِيِّ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم لِلْعَبَّاسِ بْنِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ: يَا أَبَا الْفَضْلِ لَا تَرِمْ مَنْزِلَكَ غَدًا أَنْتَ وَبَنُوكَ حَتَّى آتِيَكُمْ فَإِنَّ لِي فِيكُمْ حَاجَةً، فَانْتَظَرُوهُ حَتَّى جَاءَ بَعْدَ مَا أَضْحَى، فَدَخَلَ عَلَيْهِمْ فَقَالَ: السلام عليكم، فقالوا: وَعَلَيْكَ السَّلَامُ وَرَحْمَةُ اللَّهِ وَبَرَكَاتُهُ، قَالَ:

كَيْفَ أَصْبَحْتُمْ؟ قَالُوا: أَصْبَحْنَا بِخَيْرٍ نَحْمَدُ اللَّهَ، فَكَيْفَ أَصْبَحْتَ بِأَبِينَا وَأُمِّنَا أَنْتَ يَا رَسُولَ اللَّهِ؟ قَالَ: أَصْبَحْتُ بِخَيْرٍ أَحْمَدُ اللَّهَ، فَقَالَ لَهُمْ: تَقَارَبُوا تَقَارَبُوا يَزْحَفُ بَعْضُكُمْ إِلَى بَعْضٍ، حَتَّى إِذَا أَمْكَنُوهُ اشْتَمَلَ عَلَيْهِمْ بِمُلَاءَتِهِ وَقَالَ: يَا رَبِّ هَذَا عَمِي وَصِنْوُ أَبِي، وَهَؤُلَاءِ أَهْلُ بيتى فاسترهم من النار كسترتى إِيَّاهُمْ بِمُلَاءَتِي هَذِهِ، قَالَ: فَأَمَّنَتْ أُسْكُفَّةُ الْبَابِ وَحَوَائِطُ الْبَيْتِ فَقَالَتْ: آمِينَ آمِينَ آمِينَ.

وَقَدْ رواه أبو عبد الله ابن مَاجَهْ فِي سُنَنِهِ مُخْتَصَرًا عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ إِبْرَاهِيمَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ حَاتِمٍ الْهَرَوِيِّ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُثْمَانَ بْنِ إِسْحَاقَ بْنِ سَعْدِ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ الْوَقَّاصِيِّ الْزُّهْرِيِّ رَوَى عَنْهُ جَمَاعَةٌ، وَقَدْ قَالَ ابْنُ مَعِينٍ:

لَا أَعْرِفُهُ، وَقَالَ أَبُو حَاتِمٍ يَرْوِي أَحَادِيثَ مشبهة.

حَدِيثٌ آخَرُ

قَالَ الْإِمَامُ أَحْمَدُ: ثَنَا يَحْيَى بْنُ أَبِي بُكَيْرٍ، ثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ طَهْمَانَ، حَدَّثَنِي سِمَاكُ بْنُ حَرْبٍ عَنْ جَابِرِ بْنِ سَمُرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: إِنِّي لَأَعْرِفُ حَجَرًا بِمَكَّةَ كَانَ يُسَلِّمُ عَلَيَّ قَبْلَ أَنْ أُبْعَثَ، إِنِّي لَأَعْرِفُهُ الآن «1» .

رَوَاهُ مُسْلِمٌ عَنْ أَبِي بَكْرِ بْنِ أَبِي شَيْبَةَ عَنْ يَحْيَى بْنِ أَبِي بُكَيْرٍ بِهِ، وَرَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ الطَّيَالِسِيُّ عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ مُعَاذٍ عَنْ سِمَاكٍ بِهِ.

حَدِيثٌ آخَرُ

قَالَ التِّرْمِذِيُّ: ثَنَا عَبَّادُ بْنُ يَعْقُوبَ الْكُوفِيُّ، ثَنَا الْوَلِيدُ بْنُ أَبِي ثَوْرٍ عَنِ السُّدِّيِّ عَنْ عَبَّادِ بْنِ أَبِي يَزِيدَ عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ قَالَ: كنت مع النبى ص بِمَكَّةَ فَخَرَجْنَا فِي بَعْضِ نَوَاحِيهَا فَمَا اسْتَقْبَلَهُ جَبَلٌ وَلَا شَجَرٍ إِلَّا قَالَ: السَّلَامُ عَلَيْكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ، ثُمَّ قَالَ: وَهَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ غَرِيبٌ، وَقَدْ رَوَاهُ غَيْرُ وَاحِدٍ عَنِ الْوَلِيدِ بْنِ أَبِي ثَوْرٍ، وَقَالُوا: عَنْ عَبَّادِ بْنِ أَبِي يَزِيدَ مِنْهُمْ فَرْوَةُ بْنُ أَبِي الفرا.

وَرَوَاهُ الْحَافِظُ أَبُو نُعَيْمٍ مِنْ حَدِيثِ زِيَادِ بْنِ خَيْثَمَةَ عَنِ السُّدِّيِّ عَنْ أَبِي عُمَارَةَ الحيوانى عَنْ عَلِيٍّ قَالَ: خَرَجْتُ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَجَعَلَ لَا يَمُرُّ عَلَى شَجَرٍ وَلَا حَجَرٍ إِلَّا سَلَّمَ عَلَيْهِ، وَقَدَّمْنَا فِي الْمَبْعَثِ أَنَّهُ عليه السلام لَمَّا رَجَعَ وَقَدْ أُوحِيَ إِلَيْهِ جَعَلَ لَا يَمُرُّ بِحَجَرٍ وَلَا شَجَرٍ وَلَا مَدَرٍ وَلَا شَيْءٍ إِلَّا قَالَ لَهُ: السَّلَامُ عَلَيْكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ، وَذَكَرْنَا فِي وَقْعَةِ بَدْرٍ وَوَقْعَةِ حنين رميه عليه السلام بِتِلْكَ الْقَبْضَةِ مِنَ التُّرَابِ وَأَمَرَهُ أَصْحَابُهُ أَنْ يُتْبِعُوهَا بِالْحَمْلَةِ الصَّادِقَةِ فَيَكُونُ النَّصْرُ وَالظَّفَرُ وَالتَّأْيِيدُ عَقِبَ ذَلِكَ سَرِيعًا، أَمَّا فِي وَقْعَةِ بَدْرٍ فقد قال الله تعالى فى

__________

(1) أحمد في مسنده (5/ 89) .

سِيَاقِهَا فِي سُورَةِ الْأَنْفَالِ: وَما رَمَيْتَ إِذْ رَمَيْتَ وَلكِنَّ اللَّهَ رَمى «1» الآية وأما فى غزرة حُنَيْنٍ فَقَدْ ذَكَرْنَاهُ فِي الْأَحَادِيثِ بِأَسَانِيدِهِ وَأَلْفَاظِهِ بما أغنى عن إعادته ههنا ولله الحمد والمنة.

__________

(1) سورة الأنفال، الآية: 17.




كلمات دليلية: