withprophet faceBook withprophet twitter withprophet instagram withprophet youtube withprophet new withprophet pinterest


إسلام فريق من الجن_12989

إسلام فريق من الجن


ذكر الجن

:

"ولما نزل" صلى الله عليه وسلم، في منصرفه من الطائف سنة عشر، وهو ابن خمسين سنة تقريبا، "نخلة" غير مصروف للعلمية والتأنيث، وفي مسلم: بنخل، قال البرهان: والصواب نخلة، ويحتمل أن يقال الوجهان، انتهى. "وهو موضع على ليلة من مكة صرف إليه" بالبناء للمفعول للعلم به، قال الله تعالى: {وَإِذْ صَرَفْنَا إِلَيْكَ نَفَرًا مِنَ الْجِنِّ} [الأحقاف: 29] ، "سبعة" كما رواه الحاكم في المستدرك وابن أبي شيبة وأحمد بن منيع من طريق عاصم عن زر عن عبد الله، قال: هبطوا على النبي -صلى الله عليه وسلم- وهو يقرأ ببطن نخلة، فلما سمعوه، قالوا: أنصتوا وكانوا سبعة أحدهم زوبعة وإسناده جيد، وقيل: تسعة، وقيل غير ذلك.

"من جن نصيبين" بنون مفتوحة وصاد مهملة مكسورة فتحتية ساكنة فموحدة مكسورة فتحتية ساكنة أيضا فنون، بلد مشهور يجوز صرفه وتركه، وفي خبر أن جبريل رفعها للنبي -صلى الله عليه وسلم- ورآها، قال: "فسألت الله أن يعذب ماؤها، ويطيب ثمرها ويكثر مطرها" وهي بالجزيرة، كما في مسلم وبه جزم غير واحد، قال البرهان: ووهم من قال باليمن، وقوله: "مدينة بالشام" تبع فيه ابن

وكان عليه السلام قد قام في جوف الليل يصلي فاستعموا له وهو يقرأ سورة الجن.

وفي الصحيح أن الذي آذنه -صلى الله عليه وسلم- بالجن ليلة الجن شجرة، وأنهم سألوه الزاد فقال: "كل عظم ذكر اسم الله عليه يقع في يد أحدكم أو فرما كان لحما،..............

__________

التين السفاقسي، قال الحافظ: وفيه تجوز فإن الجزيرة بين الشام والعراق، انتهى. وفي تفسير عبد بن حميد أنهم من نينوى، وقيل: ثلاثة من نجران وأربعة من نصيبين، وعن عكرمة: كانوا اثني عشر ألفا من جزيرة الموصل.

"وكان عليه السلام قد قام في جوف الليل يصلي" كما ذكره ابن إسحاق ولا يعارضه ما في الصحيحين عن ابن عباس: وهو يصلي بأصحابه صلاة الفجر؛ لأنه كان قبل في أول مرة عند المبعث لما منعوا من استراق السمع، نعم وقع لبعض من ساق هذه القصة التي هنا وهو يصلي الفجر، فإن صح فيكون أطلق على وقت الفجر جوف الليل لاتصاله به، أو ابتدأ الصلاة في الجوف واستمر حتى دخل وقت الفجر، أو صلى فيهما وسمعوهما معا، والمراد بالفجر الركعتان اللتان كان يصليهما قبل طلوع الشمس، وإطلاق الفجر عليهما صحيح لوقوعهما بعد دخول وقته، فسقط اعتراض البرهان بأن صلاة الفجر لم تكن فرضت، وقال الحافظ في حديث ابن عباس وهو يصلي بأصحابه: لم يضبط من كان معه في تلك السفرة غير زيد بن حارثة، فلعل بعض الصحابة تلقاه لما رجع، انتهى. وكأنه بناه على تسليم اتحاد مجيء الجن.

"فاستمعوا له وهو يقرأ سورة الجن" قاله ابن إسحاق وأقره اليعمري ومغلطاي واعتراضه البرهان بما في الصحيح أنها إنما نزلت بعد استماعهم، وجوابه أن الذي في الصحيح كان في المرة الأولى عند المبعث كما هو صريحه، وهذه بعده بمدة فلا تعترض به.

"وفي الصحيح" عن ان مسعود "أن الذي آذنه" بالمد أعلمه -صلى الله عليه وسلم- "بالجن ليلة الجن شجرة" هي كما في مسند إسحاق بن راهويه سمرة فتح السن وضم الميم من شجر الطلح جمعه كرجل وفيه معجزة باهرة، "وأنهم سألوه الزاد" أي: ما يفضل من طعام الإنس، وقد يتعلق به من يقول الأشياء قبل الشرع على الخطر حتى ترد الإباحة، ويجاب عنه بمنع الدلالة على ذلك، بل لا حكم قبل الشرع على الصحيح، قاله في فتح الباري. وقال شيخنا: أي نوعا يخصهم به كما جعل للإنس في المطعوم حلالا وحراما ولعلهم قبل السؤال كانوا يأكلون ما اتفق لهم أكله بغير قيد نوع مخصوص أو ما لم يذكر اسم الله عليه من طعام الإنس. "فقال: "كل عظم ذكر اسم الله عليه" هو زادكم "يقع في يد أحدكم أو فرما كان لحما" ولأبي داود: "كل عظم

وكل بعر علف لدوابكم".

وفي هذا رد على من زعم أن الجن لا تأكل ولا تشرب.

__________

لم يذكر اسم الله عليه"، وجمع بأن رواية مسلم في حق المؤمنين، وهذه في حق شياطينهم.

قال السهيلي: وهو صحيح يعضده الأحاديث. "وكل بعر علف لدوابكم" زاد في سلام في تفسيره: أن البعر يعود خضرا لدوابهم واعترض على المؤلف ومتبوعه السهيلي في سياق حديث الصحيح هنا بما صرح به الحافظ الدمياطي أنه -صلى الله عليه وسلم- لم يشعر بهم حين استمعوه في رجوعه من الطائف حتى نزل عليه {وَإِذْ صَرَفْنَا إِلَيْكَ نَفَرًا} [الأحقاف: 29] الآية، قال: وسؤالهم الزاد كان في قصة أخرى.

"وفي هذا" دليل على أن الجن يأكلون ويشربون و"رد على من زعم أن الجن لا تأكل ولا تشرب" لأن صيرورته لحما إنما تكون للأكل حقيقة، ثم اختلف هل أكلهم مضغ وبلع أو يتعذون بالشم، وقوله عليه الصلاة والسلام: "إن الشيطان يأكل بشماله ويشرب بشماله"، مجاز أي: يحبه الشيطان ويزينه ويدعو إليه، قال ابن عبد البر: وهذا ليس بشيء فلا معنى لحمل شيء من الكلام على المجاز إذا أمكنت فيه الحقيقة بوجه ما انتهى.

وهو الراجح عند جماعة من العلماء حتى قال ابن العربي: من نفى عن الجن الأكل والشرب فقد وقع في حبالة إلحاد وعدم رشاد، بل الشيطان وجميع الجان يأكلون ويشربون وينكحون ويولد لهم ويموتون وذلك جائز عقلا، وورد به الشرع، وتظافرت به الأخبار لا يخرج عن هذا المضمار إلا حمار، ومن زعم أن أكلهم شم فما شم رائحة العلم، انتهى. ورى ابن عبد البر عن وهب بن منبه: الجن أصناف، فخالصهم ريح لا يأكلون ولا يشربون ولا يتوالدون وصنف يفعل ذلك ومنهم السعالي والغيلان والقطرب، قال الحافظ: وهذا إن ثبت كان جامعا للقولين، ويؤيده ما روى ابن حبن والحاكم عن أبي ثعلبة الخشني مرفوعا: "الجن تلاثة أصناف: صنف لهم أجنحة يطيرون في الهواء، وصنف حيات وعقارب، وصنف يحلون ويظعنون ويرحلون".

وروى ابن بي الدنيا عن أبي الدرداء مرفوعا نحوه، لكن قال في الثالث: "وصنف عليهم الحساب والعقاب"، انتهى. قال السهيلي: ولعل هذا الصنف الطيار هو الذي لا يأكل ولا يشرب إن صح القول به، انتهى. وقال صاحب آكام المرجان: وبالجملة فالقائلون الجن لا تأكل ولا تشرب إن أرادوا جميعهم فباطل؛ لمصادمة الأحاديث الصحيحة وإن أرادوا صنفا منهم فمحتمل، لكن العمومات تقتضي أن الكل يأكلون ويشربون.

وذكر صاحب الروض من أسماء السبعة الذين أتوه عليه السلام، عن ابن دريد: منشى وناشى وشاصر وماصر والأحقب. لم يزد على تسمية هؤلاء.

__________

"وذكر صاحب الروض" السهيلي فيه هنا "من أسماء السبعة الذين أتوه عليه السلام عن ابن دريد منشى" بميم فنون فمعجمة "وناشى" بنون "وشاصر" بشين معجمة فألف فصاد فراء "وماصر" بميم فألف فمعجمة ضبطهما في الإصابة، "والأحقب" قال في الروض "لم يزد" ابن دريد "على تسمية هؤلاء" الخمسة، وقد ذكرنا تمام أسمائهم فيما تقدم يعني قبيل المبعث، إذ قال وعمرو بن جابر وسرق، انتهى.

وفي الإصابة: الأرقم الجني أحد من استمع القرآن من جن نصيبين، ذكر إسماعيل بن زياد في تفسيره عن ابن عباس أنهم تسعة: سليط وشاصر وماضر وحسا ونسا وبجعم والأرقم والأدرس وخاضر، نقلته مجودا من خط مغلطاي، ثم ضبط في الإصابة خاضرا بخاء وضاد معجمتين وآخره راء، وسرق بضم السين وفتح الراء المشددة المهملتين وقاف، قال: وضبطه العسكري بتخفيف الراء على وزن عمر وأنكر على أصحاب الحديث شد الراء، انتهى. فهؤلاء أربعة عشر صحابة من الجن، وترجم في الإصابة أبيض الجني ذكره في كتاب السنن لأبي علي بن الأشعث أحد المتروكين المتهمين، فأخرج إسناده أنه صلى الله عليه وسلم قال لعائشة: "أخزى الله شيطانك" الحديث، وفيه: "ولكن الله أعانني عليه حتى أسلم واسمه أبيض وهو في الجنة، وهامة بن الهيم بن الأقيس بن إبليس في الجنة"، انتهى. وفي التجريد هامة بن الهيم حديثه موضوع، انتهى.

وسمحج بسين مهلمة أوله بوزن أحمر آخره جيم وسماه المصطفى عبد الله، رواه الفاكهي وغيره؛ كا في الإصابة، وعد أبو موسى المديني في الصحابة عمرو بن جابر المتقدم ومالك بن مالك وعمرو بن طارق وزوبعة ووردان.

قال الذهبي: وزوبعة إما لقب لواحد منهم أو اسم له والمذكور لقب، ولم يذكر ذلك صاحب الإصابة، بل ترجم لكل منهم، فاقتضى أن زوبعة اسم علم على جني غير الأربعة وهو الأصل، وذكر في عمرو بن طلق، ويقال ابن طارق، أخرج الطبراني في الكبير عن عثمان بن صالح، قال: حدثني عمر والجني، قال: كنت عند النبي صلى الله عليه وسلم فقرأ سورة النجم فسجد وسجدت معه. وأخرج ابن عدي عن عثمان بن صالح، قال: رأيت عمرو بن طلق الجني، فقلت له: رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ فقال: نعم وبايعته وأسلمت معه وصليت خلفه الصبح، فقرأ سورة الحج فسجد فيها سجدتين، وعثيم الجني وعرفطة بن سمراح الجني من بني نجاح ذكره الخرائطي في الهواتف عن سلمان الفارسي بسند ضعيف جدا، انتهى.

وعبد النور الجني، قال الذهبي: روى شيخنا ابن حمويه عن رجل عنه، وهذه خرفة

قال الحافظ ابن كثير: وقد ذكر ابن إسحاق خروجه عليه السلام إلى أهل الطائف ودعاءه إياهم، وأنه لما انصرف عنهم بات بنخلة، فقرأ تلك الليلة من القرآن، فاستمعه الجن من أهل نصيبين.

قالك وهذا صحيح، لكن قوله إن الجن كان استماعهم تلك الليلة فيه نظر، فإن الجن كان استماعهم في ابتداء الإيحاء،............

__________

مهتوكة، انتهى. وامرأة اسمها رفاعة، وفي رواية عفراء، قال ابن الجوزي: حديثها موضوع، ولو صح لعدت في الصحابيات، ولم أر أحدا ذكرها لا في رفاعة ولا في عفراء، ثم ذكر الحديث من وجه آخر وسماها الفارعة بنت المستورد، وترجم لها في الإصابة الفارعة وذكر حديثها، وقال: في سنده من لا يعرف، وأورده ابن الجوزي في الموضوعات، وقال أعني صاحب الإصابة في ترجمة زوبعة: أنكر ابن الأثير على أبي موسى المديني ترجمة الجن في الصحابة، ولا معنى لإنكاره؛ لأنهم مكلفون وقد أرسل إليهم النبي -صلى الله عليه وسلم- وأما قوله كان الأولى أن يذكر جبريل، ففيه نظر؛ لأن الخلاف في أنه أرسل إلى الملائكة مشهور بخلاف الجن.

وفي فتح الباري الراجح دخول الجن؛ لأنه -صلى الله عليه وسلم- بعث إليهم قطعا وهم ملكفون، فيهم العصاة والطائعون، فمن عرف اسمه منهم لا ينبغي التردد في ذكره في الصحابة، وإن كان ابن الأثير عاب ذلك على أبي موسى فلم يستند في ذلك إلى حجة، وأما الملائكة فيتوقف عدهم فيهم على ثبوت بعثته إليهم، فإن فيه خلافا بين الأصوليين، حتى نقل بعضهم الإجماع على ثبوته وعكس بعضهم، انتهى.

"قال الحافظ ابن كثير: وقد ذكر ابن إسحاق خروجه عليه السلام إلى أهل الطائف ودعاءه إياهم وأنه لما انصرف عنهم بات بنخلة فقرأ تلك الليلة من القرآن" أي: بعضه، وهو كما مر سورة الجن، وقيل: اقرأ، وقيل: الرحمن وجمع بأن اقرأ في الأولى والرحمن في الثانية، أي: والجن في الثالثة. "فاستمعه الجن من أهل نصيبين" من العرب من يجعله اسما واحدا ويلزمه الإعراب كالأسماء المفردة الممنوعة الصرف، والنسبة نصيبين بإثبات النون، ومنهم من يجريه مجرى الجمع، والنسبة نصيبي بحذف النون، وعكس ذلك الجوهري فاعترض لأن المثنى والجمع وما ألحق بهما إن جعلا علمين وبقي إعرابها بالحروف ثم نسب إليهما ردا إلى مفردهما، وإن جعلا اسمين تامين أعربا بالحركات على النون ونسب إليهما على لفظهما بلا خلاف.

"وقال: وهذا صحيح لكن قوله: إن الجن كان استماعهم تلك الليلة فيه نظر، فإن الجن كان استماعهم تلك الليلة فيه نظر، فإن الجن كان استماعهم في ابتداء الإيحاء" ولا نظر، فهذه المرة بعد تلك، وقد جزم في فتح الباري بأن

ويدل له حديث ابن عباس عند أحمد قال: كان الجن يستمعون الوحي فيسمعون الكلمة فيزيدون فيها عشرا، فيكون ما سمعوه حقا وما زادوه باطلا، وكانت النجوم لا يرمى بها قبل ذلك، فلما بعث رسول الله -صلى الله عليه وسلم- كان أحدهم لا يأتي مقعده إلا رمي بشهاب يحرق ما أصاب منه، فشكوا ذلك إلى إبليس، فقال: ما هذا إلا من أمر قد حدث، فبعث جنوده فإذا هم بالنبي -صلى الله عليه وسلم- يصلي بين جبلي نخلة فأخبروه فقال: هذا الحدث الذي حدث في الأرض.

ورواه النسائي وصححه الترمذي.

__________

كلام ابن إسحاق ليس صريحا في أولية قدوم بعضهم، قال: والذي يظهر من سياق الحديث الذي فيه المبالغة في رمي الشهب لحراسة السماء من استراق الجن السمع دال على أن ذلك عند المبعث النبوي وإنزال الوحي إلى الأرض، فكشفوا عن ذلك إلى أن وقفوا على السبب، ولذا لم يقيد البخاري الترجمة بقدوم ولا وفادة أي وإنما، قال باب ذكر الجن: لما انتشرت الدعوة وأسلم من أسلم، قدموا فسمعوا فأسلموا، وكان ذلك بين الهجرتين ثم تعدد مجيئهم حتى في المدينة، انتهى.

ونقله الشامي عن ابن كثير نفسه أيضا. "ويدل له حديث ابن عباس عند أحمد، قال: كان الجن يستمعون الوحي" هو ما كانت تسمعه الملائكة مما ينزل الأرض، فيتكلمون به، "فيسمعون الكلمة فيزيدون فيها عشرا فيكون ما سمعوه حقا، وما زادوه باطلا، وكانت النجوم لا يرمى بها قبل ذلك" البعث النوي "فلما بعث رسول الله -صلى الله عليه وسلم- كان أحدهم لا يأتي مقعده إلا رمي بشهاب يحرق ما أصابه منه" ولا يشكل هذا بما مر أن السماء حرست بمولده -صلى الله عليه وسلم- لجواز أنه بقي لهم بعض قدرة على الاستماع كاللص، فلما بعث زال ذلك، بل قال السهيلي: إنه بقي منه بقايا يسيرة بدليل وجوده نادرا في بعض الأزمنة وبعض البلاد. وقال البيضاوي: لعل المراد منعهم من كثرة وقوعه.

"فشكوا ذلك إلى إبليس، فقال: ما هذا إلا من أمر قد حدث فبث جنوده" في الأرض، وفي الصحيحين: فاضربوا مشارق الأرض ومغاربها فمن النفر جماعة أخذوا نحو تهامة "فإذا هم بالنبي -صلى الله عليه وسلم- يصلي بين جبلي نخلة فأخبروه" أي: إبليس، "فقال: هذا الحدث الذي حدث في الأرض، ورواه النسائي وصححه الترمذي" ورواه الشيخان بنحوه، ولم يعزه لهما لزيادة فيما ذكر على روايتهما.

قال: وخروجه علي السلام إلى الطائف كان بعد موت عمه.

وروى ابن أبي شيبة عن عبد الله بن مسعود قال: هبطوا على النبي -صلى الله عليه وسلم- وهو يقرأ القرآن ببطن نخلة، فلما سمعوه قالوا: أنصتوا، فأنزل الله عز وجل: {وَإِذْ صَرَفْنَا إِلَيْكَ نَفَرًا مِنَ الْجِنِّ يَسْتَمِعُونَ الْقُرْآنَ} الآية [الأحقاف: 29] .

فهذا مع حديث ابن عباس يقتضي أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- لم يشعر بحضورهم في هذه المرة، وإنما استمعوا قراءته ثم رجعوا إلى قومهم، ثم بعد ذلك وفدوا إليه أرسالا، قوما بعد قوم وفوجا بعد فوج.

__________

"قال" ابن كثير "وخروجه عليه السلام إلى الطائف كان بعد موت عمه" أبي طالب الواقع في السنة العاشرة من النبوة، والاستماع كان عقب البعثة، فلا يصح ما في ابن إسحاق وقد علم جوابه، "وروى ابن أبي شيبة عن عبد الله بن مسعود، قال:" إن الجن "هبطوا على النبي صلى الله عليه وسلم وهو يقرأ القرآن" وفي نسخة: وهو يقرأ الجن، أي: سورة الجن، لكن الأولى هي المعزوة في لباب النقول لابن أبي شيبة "ببطن نخلة فلما سمعوه، قالوا: أنصتوا" حذف من رواية ابن أبي شيبة بعد قوله: أنصتوا، قالوا: صه، وكانوا تسعة أحدهم زوبعة، "فأنزل الله عز وجل: {وَإِذْ صَرَفْنَا إِلَيْكَ نَفَرًا مِنَ الْجِنِّ يَسْتَمِعُونَ الْقُرْآنَ} [الأحقاف: 29] الآية"، يريد جنسها، فلفظ ابن أبي شيبة فأنزل الله: {وَإِذْ صَرَفْنَا إِلَيْكَ نَفَرًا مِنَ الْجِنِّ} [الأحقاف: 29] إلى قوله: {ضَلَالٍ مُبِينٍ} [الأحقاف: 32] ، وقولهم من بعد موسى، قيل: لأنهم كانوا يهودا وفي الجن ملل كالإنس، وقيل: لم يسمعوا بعيسى واستبعد، وقيل: لأنهم كانوا يعلمون بشارة موسى به وكأنهم قالوا هذا الذي بشر به موسى ومن بعده.

"فهذا" أي: حديث ابن مسعود، "مع حديث ابن عباس" الذي قبله "يقتضي أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- لم يشعر بحضورهم في هذه المرة، وإنما استمعوا قراءته ثم رجعوا إلى قومهم" وبهذا جزم الدمياطي، فقال: فلما انصرف من الطائف راجعا إلى مكة ونزل نخلة قام يصلي من الليل فصرف إليه نفر سبعة من أهل نصيبين، فاستمعوا إليه وهو يقرأ سورة الجن ولم يشعر بهم حتى نزل عليه: {وَإِذْ صَرَفْنَا إِلَيْك} [الأحقاف: 29] ، انتهى. وبه تعقب قول من قال: لما وصل في رجوعه إلى نخلة جاءه الجن وعرضوا إسلامهم عليه. "ثم بعد ذلك وفدوا إليه أرسالا" بفتح الهمزة وأبدل منه قوله: "قوما بعد قوم وفوجا" أي: جماعة جمعه فؤوج وأفواج وجمع الجمح أفاوج وأفاويج؛ كما في القاموس.

"بعد فوج" كما تفيده الأحاديث العديدة، ففي حديث أنهم كانوا على ستين راحلة وآخر

وفي طريقه -عليه السلام- هذه، دعا بالدعاء المشهورة:

"اللهم إليك أشكو ضعف قوتي، وقلة حيلتي، وهواني على الناس، يا أرحم الراحمين، أنت أرحم الراحمين، أنت رب المستضعفين،.........

__________

ثلاثمائة وآخر خمسة عشر، وعن عكرمة: اثني عشر ألفا، فهذا الاختلاف دليل على تكرر وفادتهم؛ كما أشار إليه البيهقي وابن عطية، وقال: إنه التحرير بمكة والمدينة، فالمتحصل من الأخبار أنهم وفدوا عليه لما خرجوا يضربون مشارق الأرض ومغاربها لاستكشاف الخبر عن حراسة السماء بالشهب، فوافوه -صلى الله عليه وسلم- بنخلة عامدا سوق عكاظ يصلي بأصحابه الفجر فسمعوا القرآن، وقالوا: هذا الذي حال بيننا وبين خبر السماء فرجعوا إلى قومهم فقالوا: يا قومنا إنا سمعنا قرآنا عجبا، فأنزل الله: {قُلْ أُوحِيَ إِلَيَّ} [الجن: 1] ، وما قرأ عليهم ولا رآهم؛ كما قاله ابن عباس في الصحيحين وغيرهما وأخرى بنخلة وهو عائد من الطائف وأخرى بالحجون.

وفي لفظ: بأعلى مكة بالجبال، لما أتاه داعي الجن فذهب معه وقرأ عليهم القرآن، ورجع لأصحابه من جهة حراء، وأخرى ببقيع الغرقد، وفي هاتين حضر ابن مسعود وخط عليه خطا بأمر المصطفى وأخرى خارج المدينة وحضرها الزبير، وأخرى في بعض أسفار لها وحضرها بلال بن الحارث؛ بل حديث أبي هريرة في الصحيح يحتمل أنهم أتوه حين حمل أبو هريرة للنبي صلى الله عليه وسلم الأدواة وإنما قدم أبو هريرة في سابعة الهجرة، وبهذا لا يبق تعارض بين الأخبار ويحصل الجمع؛ كا قال الحافظ بين نفي ابن عباس رؤية النبي صلى الله عليه وسلم لهم، قال المصنف: وهو ظهر القرآن وبين ما أثبته غيره من رؤيته لهم، والله أعلم.

"وفي طريقه عليه السلام هذه" لما اطمأن في ظل الحيلة، أي: الكرمة، "دعا بالدعاء المشهور" المسمى كما قال بعضهم بدعاء الطائف، وهو: "اللهم إليك أشكو" قدم المعمول ليفيد الحصر، أي: لا إلى غيرك فإن الشكوى إلى الغير لا تنفع "ضعف قوتي" بضم الضاد أرجح من فتحها وهما لغتان؛ كما في الأنوار، وفي المصباح: الضم لغة قريش.

وفي القاموس: الضعف بالفتح والضم ويحرك ضد القوة. "وقلة حيلتي" في مخلص أتوصل به إلى القيام بما كلفني، "وهواني على الناس" احتقارهم واستهانتهم بي واستخفافهم بشأني واستهزاءهم، والشكوى إليه عز وجل لا تنافي أمره بالصبر في التزيل؛ لأن إعراضه عن الشكوى لغيره وجعلها إليه وحده هو الصبر، والله سبحانه يمقت من يشكوه إلى خلقه ويحب من يشكو ما به إليه، "يا أرحم الراحمين" أي: يا موصوفا بكمال الإحسان، "أنت أرحم الراحمين" وصف له تعالى بغاية الرحمة بعدما ذكر لنفسه ما يوجبها، واكتفى بذلك عن عرض المطلوب بصريح اللفظ تلطفا في السؤال وأدبا وأكد ذلك ولمح للمراد، فقال: "وأنت رب المستضعفين"

إلى من تكلني إلى عدو بعيد يتجهمني أم إلى صديق قريب ملكته أمري، إن لم تكن غضبانا علي فلا أبالي، غير أن عافيتك أوسع لي، أعوذ بنور وجهك الذي أشرقت له الظلمات............

__________

في ذكر لفظ رب والإضافة إليهم مزيد الاستعطاف، فطوى في ضمن هذه الألفاظ العذبة البديعة نحو أن يقول: فقوني واجعل لي المخلص وأعزني في الناس، وعدل إلى الثناء على ربه بهاتين الجملتين الثابتتين عند ابن إسحاق الساقطتين في رواية الطبراني؛ لأن الكريم بالثناء يعطي المراج ولا أكرم منه سبحانه وتعالى.

"إلى من تكلني" تفوض أمري "إلى عدو بعيد" وسقط في رواية الطبراني لفظ بعيد "يتجهمني" بتحتية ففوقية فجيم فهاء مشددة مفتوحات والاستفهام للاستعطاف بحذف أداة، أي: اتكلني إلى عدو "أم إلى صديق قريب ملكته أمري" جعلته مسلطا على إيذائي ولا أستطيع دفعه، والجملة دالة على المدعو به، أي: لا تجعل لي ذلك.

"إن لم تكن غضبانا" وفي رواية: إن لم تكن ساخطا، وأخرى: إن لم يكن بك سخط وأخرى إن لم يكن بك غضب، "علي لا أبالي" بما تصنع بي أعدائي وأقاربي من الإيذاء طلبا لمرضاتك ووثوقا بما عندك، "غير أن عافيتك" وهي السلامة من البلايا والأسقام مصدر جاء على فاعله، "أوسع لي" فيه أن الدعاء بالعافية مطلوب محبوب ونحوه ل تمنوا لقاء العدو واسألوا الله العافية، وهكذا عادة الأنبياء عليهم السلام إنما يسألون بعد البلاء عنهم، "أعوذ بنور وجهك" أي: ذاتك، زاد الطبراني: الكريم، أي: الشريف والكريم يطلق على الشريف النافع الدائم نفعه، قال السهيلي: وأتى بالوجه إيذانا بأن بغيته الرضا والقبول والإقبال؛ لأن من رضى عنك أقبل عليك بوجهه لا صلة للتأكيد؛ كما زعم من غلظ طبعه ولو قال بنورك لحسن ولكنه توصل إليه بما أودع قلبه من نوره، فتوسل إلى نعمته بنعمته وإلى فضله ورحمته بفضله ورحمته، انتهى.

"الذي" زاد الطبراني الأضاءت له السماوات والأرض و "أشرقت" بالبناء للفاعل، أي: أضاءت "له الظلمات" أي: أزيلت، وعطفه عليه في رواية الطبراني مع أنه بمعناه؛ لأن اختلاف اللفظ سوغ العطف ولذا غاير في التعبير كراهة توالي لفظين بمعنى، ولم يسقطه للإطناب المطلوب في الدعاء، وضبط بعضهم أشرقت بالبناء للمفعول لقول الزمخشري في قراءة: واشرقت الأرض بنور ربها بالمفعول من شرقت بالضوء تشرق إذا امتلأت به مردود، فإنما هو ظاهر في الآية لا الحديث، إذ لا يظهر فيه امتلأت الظلمات بالضوء إلا بتعسف، قال في الروض: النور هنا عبارة من الظهور وانكشاف الحقائق الإلهية وأشرقت الظلمات، أي: محالها وهي القلوب التي كانت فيها ظلمات الجهالات والشكوك فاستنارت بنور الله تعالى، قال: وقد تكون الظلمات هنا أيضا

وصلح عليه أمر الدنيا والآخرة، أن ينزل بي غضبك، أو يحل بي سخطك، ولك العتبى حتى ترضى، ولا حول ولا قوة إلا بك".

أورده ابن إسحاق، ورواه الطبراني في كتاب الدعاء عن عبد الله بن جعفر قال: لما توفي أبو طالب، خرج النبي -صلى الله عليه وسلم- ماشيا إلى الطائف،..............

__________

المحسوسة وإشراقها دلالتها على خالقها وكذلك الأنوار المحسوسة الكل دال عليه فهو نور النور، أي: مظهره ومنور الظلمات، أي: جاعلها نورا في حكم الدلالة عليه سبحانه، انتهى.

والحمل على ما يشمل الحسي والمعنوي أولى، وإن أخره وقلله، فيكون من استعمال اللفظ في حقيقته ومجازه أو عموم المجاز، ثم لا يشكل الحديث بأن المعروف أنه لا ظلمة في الملأ الأعلى؛ لأنه إنما هو به تعالى وله وما أحسن قول صاحب الحكم الكون كله ظلمة وإنما أناره ظهور الحق فيه، فمن رأى الكون ولم يشهده فيه أو قبله أو عنده أو بعده فقد أعوزه وجود الأنوار وحجبت عنه شموس المعارف بسحب الآثار، انتهى.

"وصلح" بفتح اللام وتضم استقام وانتظم، "عليه أمر الدنيا والآخرة أن ينزل بي غضبك أو يحل" بكسر الحاء يجب وضمها، أي: ينزل وبهما قرئ: {فَيَحِلَّ عَلَيْكُمْ غَضَبِي} [طه: 81] ، "بي سخطك" أي: غضبك فهو من عطف الرديف مرفوعان فاعل ينزل، ويحل بالتحتية ومنصوبان على المفعولية لكن بالفوقية في الفعلين مضمومة مع كسر حاء تحل فقط، وأفاد بعضهم أن الوجهين رواية في لفظ الطبراني أن يحل علي غضبك أو ينزل علي سخطك.

"ولك العتبى" بضم العين وألف مقصور أي: أطلب رضاك "حتى ترضى" قال في النهاية: استعتب طلب أن يرضى عنه، وقال الهروي: ويقال عتب عليه وجد فإذا فاوضه ما عتب عليه، قيل: عاتبه والاسم العتبى وهو رجوع المعتوب عليه إلى ما يرضي المعاتب، انتهى. ولا يظهر تفسير الشامي العتبى بالرضا لركة قولنا لك الرضا حتى ترضى.

"ولا حول" أي: تحول عن المعاصي، "ولا قوة" على فعل الطاعات "إلا بك" بتوفيقك واستعاذ بهما بعد الاستعاذة بذاته تعالى للإشارة إلى أنه لا توجد حركة ولا سكون في خير أو شر إلا بأمره تعالى التابع لمشيئته إنما أمره إذا أراد شيئا أن يقول له كن فيكون، "وأورده ابن إسحاق" محمد في السيرة بلفظ: فلما اطمأن، قال فيما ذكره فساقه "ورواه الطبراني" سليمان بن أحمد بن أيوب "في كتاب الدعاء" وهو مجلد، وكذا رواه في معجمة الكبير "عن عبد الله بن جعفر" بن أبي طالب الصحابي ابن الصحابي، "قال" وهذا مرسل صحابي؛ لأنه ولد بالحبشة فلم يدرك ما حدث به لقوله: "لما توفي أبو طالب خرج النبي صلى الله عليه وسلم ماشيا إلى الطائف" بلد معروف سمي بذلك لأن رجلا من حضرموت أصاب دما في قومه وفر إليه، فقال لهم: ألا أبني لكم

فدعاهم إلى الإسلام فلم يجيبوه، فأتى ظل شجرة فصلى ركعتين ثم قال: "اللهم إليك أشكو". فذكره.

وقوله: يتجهمني -بتقديم الجيم على الهاء- أي يلقاني بالغلظة والوجه الكريه.

ثم دخل عليه السلام مكة في جوار المطعم بن عدي.

__________

حائطا يطيف ببلدتكم، فبناه. أو لأن الطائف المذكور في القرآن وهو جبريل اقتلع الجنة التي كانت بصوران على فراسخ من صنعاء، فأصبحت كالصريم وهو الليل وأتى بها إلى مكة فطاف بها ثم وضعها به فكان الماء والشجر بالطائف دون ما حولها؛ أو لغير ذلك أقوال.

"فدعاهم إلى الإسلام" أو إلى نصره وعونه حتى يبلغ رسالة ربه، "فلم يجيبوه" لا إلى الإسلام ولا إلى غيره، "فأتى ظل شجرة" من عنب، فعند ابن إسحاق جلس إلى ظل حبلة بمهملة فموحدة مفتوحة، قال السهيلي: وسكونها ليس بالمعروف، أي: كرمة اشتق اسمها من الحبل؛ لأنها تحبل بالعنب، ولذا فتح حمل الشجرة والنخلة فقيل: حمل بفتح الحاء تشبيها بحمل المرأة وقد يقال حمل بكسرها تشبيها بالحمل على الظهر، انتهى. "فصلى ركعتين" قبل الدعاء ليكون أسرع إجابة وليزول غمه وهمه مناجاة ربه فيها، "ثم قال: "اللهم إليك أشكو" ... فذكره بنحو ما أورده ابن إسحاق، وقد بينا ألفاظه التي زادها ونقصها.

"وقوله: يتجهمني بتقديم الجيم على الهاء" المشددة "أي: يلقاني بالعلظة والوجه الكريه" قاله في النهاية، وقال الزمخشري: وجه جهم غليظ وهو البائس الكريه ويوصف به الأسد وتجهمت الرجل وجهمته استقبلته بوجه كريه، وقيل: هو أن يغلظ له في القول ومن المجاز الدهر يتجهم الكرام، وتجهمه: أمله إذا لم يصبه، "ثم دخل عليه السلام مكة في جوار المطعم بن عدي" بعد أن أقام بنخلة أيام، وقال له زيد بن حارثة: كيف دخل عليهم وهم قد أخرجوك؟ فقال: "يا زيد إن الله جاعل لما ترى فرجا ومخرجا، وإن الله مظهر دينه وناصر نبيه"، ثم انتهى إلى حراء، وبعث عبد الله بن الأريقط إلى الأخنس بن شريق ليجيره، فقال: أنا حليف والحليف لا يجير، فبعث إلى سهيل بن عمرو، فقال: إن بني عامر لا تجير على بني كعب، فبعث إلى المطعم بن عدي فأجابه فدخل صلى الله عليه وسلم فبات عنده، فلما أصبح تسلح المطعم هو وبنوه وهم ستة أو سبعة، فقالوا له -صلى الله عليه وسلم: "طف، واحتبوا بحمائل سيوفهم بالمطاف"، فقال أبو سفيان للمطعم: أمجير أم تابع، قال: بل مجير، قال: إذن لا تخفر قد أجرنا من أجرت فقضى -صلى الله عليه وسلم- طوافه وانصرفوا معه إلى منزله، ذكر ابن إسحاق هذه القصة مبسوطة، وأوردها الفاكهي بإسناد حسن مرسل، لكن فيه أنه أمر أربعة من أولاده فلبسوا السلاح وقام كل واحد عند ركن من الكعبة،

وقت الإسراء:

ولما كان في شهر ربيع الأول أسرى بروحه وجسده يقظة من المسجد الحرام................

__________

فقالت له قريش: أنت الرجل الذي لا تخفر ذمتك، ويمكن الجمع بأن الأربعة عند الأركان والمطعم وباقيهم في المطاف، قال في النور: وفي جواب سهيل والأخنس نظر؛ لأنهما لو لم يكونا ممن يجير لما سألهما النبي صلى الله عليه وسلم، كيف وعامر الذي هو جد سهيل وكعب أخوان ولدا لؤي، انتهى.

قيل: ولذا قال -صلى الله عليه وسلم- في أسارى بدر: "لو كان المطعم بن عدي حيا ثم كلمني في هؤلاء النتنى لتركتهم له"، وقيل: لقيامه في نقض الصحيفة ولا مانع أنه لكليهما وسماهم نتنى لكفرهم؛ كما في النهاية وغيرها. وقول المصنف: المراد قتلى بدر الذين صاروا جيفا يرده قول الحديث في أسارى بدر وهذا من شيمه صلى الله عليه وسلم الكريمة تذكر وقت النصر والظفر للمطعم هذا الجميل، ولم يذكر قوله صبح الإسراء كل أمرك كان قبل اليوم أمما هو يشهد أنك كاذب، وقد قال واصفه: لا يجزي بالسيئة السيئة ولكن يعفو ويصفح، ولما مات المطعم قبل وقعة بدر رثاه حسان بن ثابت؛ كما سأذكره إن شاء الله في غزوتها، ولا ضير فيه؛ لأن الرثاء تعداد المحاسن بعد الموت، ولا ريب أن فعله مع المصطفى من أجلها، فلا مانع منه ومن ذكر نحو كرم أصله وشرفهم هذا، وذكر ابن الجوزي في دخوله -صلى الله عليه وسلم- في جوار كافر، وقوله في المواسم: "من يؤويني حتى أبلغ رسالة ربي"، حكمتين، إحداهما: اختبار المبتلى، أي: معاملته معاملة من يختبر ليسكن قلبه إلى الرضا بالبلاء فيؤدي القلب ما كلف به من ذلك، والثانية: أن بت الشبهة في خلال الحجج لثبات المجتهد في دفع الشبهة، انتهى.



كلمات دليلية: