withprophet faceBook withprophet twitter withprophet instagram withprophet youtube withprophet new withprophet pinterest


مشروعية الأذان

مشروعية الأذان


خبر الأذان.

نا يونس عن عبد الرحمن بن عبد الله بن عتبة عن عمرو بن مرة عن عبد الرحمن ابن أبي ليلى عن معاذ بن جبل قال: أحيلت الصلاة ثلاث أحوال وأحيل الصيام ثلاثة أحوال فأما أحوال الصلاة فإن رسول الله صلى الله عليه وسلم قدم المدينة فصلى نحو بيت المقدس سبعة عشر شهرا، ثم إن الله عز وجل حوله إلى القبلة، فهذه حال، وكادوا أن ينقسوا «4» عند حضرة الصلاة، فجاء عبد الله بن زيد الأنصاري

__________

(1) كتب فوقها في الأصل «جبريل» وفي ع: سلمى وهو تصحيف.

(2) كتب فوقها في الأصل «عيسى» .

(3) الآدم من الناس، الأسمر.

(4) في ع: «ينقصوا» وهو تصحيف والمقصود هنا: كادوا أن يستخدموا الناقوس.

فقال: يا رسول الله لو أخبرتك أني لم أكن نائماً صدقتك إن شاء الله، إني بينا أنا بين النائم واليقظان رأيت شخصاً عليه ثياب خضر، فاستقبل القبلة فقال:

الله أكبر الله أكبر، مثنى، اشهد الا إله إلا الله مرتين، أشهد أن محمدا رسول الله مرتين، حي على الصلاة مثنى، حي على الفلاح مثنى، الله أكبر الله أكبر لا إله إلا الله، ثم أمهل ساعة، ثم قام فقال مثل مقالته غير أنه حين فرغ من قوله حي على الفلاح قال: قد قامت الصلاة، قد قامت الصلاة، الله أكبر الله أكبر لا إله إلا الله، الأذان والإقامة مثنى مثنى، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: علمها بلالاً، فأمر بلال فأذن بها، وجاء عمر بن الخطاب فقال: يا رسول الله لقد رأيت مثل الذي أري الأنصاري، ولكنه سبقني إليك، فهذه حال أخرى، وكان الرجل إذا انتهى إلى الناس وهم في الصلاة سألهم: كم صليتم؟ فيشيرون إليه بواحدة واثنتين بكم كان، فيبدؤون بما فاتهم، ثم يدخلون فيما بقي من الصلاة، فجاء معاذ فوجد رسول الله صلى الله عليه وسلم قد صلى بعض صلاته فثبت على ما أدرك فصلى، فلما فرغ رسول الله صلى الله عليه وسلم من صلاته [152] قام معاذ فقضى ما فاته، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: قد بين «1» لكم معاذ، فهكذا فافعلوا، فهذه حال.

وأما الصيام فإن رسول الله صلى الله عليه وسلم قدم المدينة فصام يوم عاشوراء وثلاثة أيام من كل شهر، ثم أن الله عز وجل فرض شهر رمضان فأنزل الله عز وجل:

«يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيامُ» إلى قوله: «وَعَلَى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ فِدْيَةٌ طَعامُ مِسْكِينٍ» فكان من شاء صام ومن شاء أفطر وأطعم مسكيناً، ثم أن الله عز وجل أوجب الصيام على الصحيح المقيم وكتب الاطعام للكبير الذي لا يستطيع الصوم فأنزل الله عز وجل: «فَمَنْ شَهِدَ مِنْكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ» إلى آخر الآية، وكانوا يأكلون ويشربون ويأتون النساء ما لم يناموا، فإذا ناموا تركوا الطعام والشراب واتيان النساء، فكان رجل من الأنصار يدعى صرمة «2»

__________

(1) كتب فوقها في الأصل «سن» وكذا جاء في ع.

(2) عند أبي داود: 2/ 295: صرمة بن قيس، وانظره أيضا في: 1/ 138- 141.

يعمل في أرض له، فلما كان عند فطره نام فاستيقظ- يعني أصبح- فأصبح صائماً فجهد جهداً شديداً، فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم: ما لي أراك قد جهدت؟

فأخبره ما كان من حاله، واختلس رجل نفسه بإتيان النساء فأنزل الله عز وجل:

«أُحِلَّ لَكُمْ لَيْلَةَ الصِّيامِ الرَّفَثُ إِلى نِسائِكُمْ» «1» إلى آخر الآية.

نا يونس عن عبد الرحمن بن عبد الله عن القاسم قال «2» : أول من أذن بلال.

نا يونس عن ابن إسحق قال: حدثني الزهري قال: قدم عثمان بن مظعون على رسول الله صلى الله عليه وسلم فوجده يصلي فسلم عليه فرد عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو يصلي.

نا أحمد: نا يونس عن ابن إسحق قال: حدثني أبو الزناد عن عامر الشعبي عن عبد الله بن مسعود: دخلت فسلمت على رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو يصلي، فأشار ولم يرد علي السلام، فقلت له: لم رددت على عثمان بن مظعون ولم ترد علي فقال صلى الله عليه وسلم: إن الله عز وجل يقلب الليل والنهار «3» كما يشاء ... وإن ... حدث إلى إلا وسلم في الصلاة.

نا أحمد: نا يونس عن ابن إسحق قال حدثني محمد بن أبي محمد مولى زيد بن ثابت قال: حدثني ... أو عكرمة، شك محمد بن أبي محمد عن ابن عباس قال:

صرفت القبلة عن الشام نحو الكعبة في رجب على رأس سبعة عشر شهرا من مقدم رسول الله صلى الله عليه وسلم المدينة ... رسول الله صلى الله عليه وسلم ... عمرو وكعب بن الأشرف بن أبي كعب بن الأشرف والربيع بن الربيع «4» [153] .

__________

(1) سورة البقرة: 183- 187.

(2) سقطت «قال» من ع.

(3) نهاية ع وقد سبق ذلك سقط مقداره نصف سطر.

(4) مطموس في الأصل.

القطعة الثانية من كتاب المغازي (أوراق خزانة الظاهرية بدمشق)

الجزء الثالث من كتاب المغازي

عن أبي جعفر عبد الله بن محمد بن علي بن نفيل الحراني رواية أبي شعيب عبد الله بن الحسن الحراني مما رواه عنه أبو علي محمد بن أحمد بن الحسن الصواف رواية الشيخ الفاضل أبي الفتح محمد بن أحمد بن أبي الفوارس مما حدثنا به الشيخ الجليل الامام الحافظ أبو بكر أحمد بن علي ابن ثابت الخطيب البغدادي. رضي الله عنه سماع طاهر بن بركات بن ابراهيم بن علي بن محمد بن علي الخشوعي القرشي. نفعه الله به.

يتلوه غزوة السويق غزوة ذي أمر إلى نجد سنة ثلاث وقف قرأ فيه اسماعيل بن إبراهيم بن سالم الأنصاري عفا الله عنه

بسم الله الرحمن الرحيم توكلت على الله أخبرنا الشيخ الامام الحافظ أبو بكر أحمد بن علي بن ثابت الخطيب البغدادي بدمشق في شهر رمضان من سنة أربع وخمسين وأربع مائة قال: أخبرنا أبو نعيم الحافظ قال: نا: أبو علي محمد بن أحمد بن الحسن الصواف قال: أنا أبو شعيب الحراني: نا النفيلي: نا محمد بن سلمة عن محمد بن إسحق قال:

ثم قال تبارك وتعالى «وَإِذْ زَيَّنَ لَهُمُ الشَّيْطانُ أَعْمالَهُمْ وَقالَ لا غالِبَ لَكُمُ الْيَوْمَ مِنَ النَّاسِ وَإِنِّي جارٌ لَكُمْ» الآية.

وذكر استدراج إبليس إياهم بتشبهه بسراقة بن «1» جعشم لهم حين ذكر لهم ما بينهم وبين بني بكر بن عبد مناة بن كنانة في الحرب التي كانت بينهم وبينه يقول الله عز وجل لنبيه صلى الله عليه وسلم: «فلما تراءت الفئتان» ونظر عدو الله إلى جنود الله من الملائكة قد أمد الله بهم رسوله والمؤمنين على عدوهم «نكص على عقبية وقال إني بريء منكم إني أرى ما لا ترون» وصدق عدو الله إنه رأى ما لا يرون فقال: «إني أخاف الله والله شديد العقاب» فأوردهم ثم أسلمهم، فذكر لي أنهم كانوا يرونه في كل منزل في صورة سراقة لا ينكرونه، حتى إذا كان يوم بدر، والتقى الجمعان، وكان الذي رآه حين نكص على عقبيه الحارث بن هشام، وعمير ابن وهب الجمحي، قد ذكر أحدهما فقال: أين يا سراقة ومثل عدو الله فذهب

__________

(1) في ابن هشام، ط. الحلبي: 1/ 663 «سراقة بن مالك بن جعشم» ولسراقة خبر مشهور تعلق بهجرة الرسول الى المدينة، وقد أسلم سراقة بعد فتح مكة.

ثم ذكر الله أهل الكفر وما يلقون عند موتهم فوصفهم بصفتهم فأخبر نبيه عنهم حتى انتهى إلى قوله «فَإِمَّا تَثْقَفَنَّهُمْ فِي الْحَرْبِ فَشَرِّدْ بِهِمْ مَنْ خَلْفَهُمْ لَعَلَّهُمْ يَذَّكَّرُونَ» أي فنكل بهم من ورائهم لعلهم يعقلون. «وَأَعِدُّوا لَهُمْ مَا اسْتَطَعْتُمْ مِنْ قُوَّةٍ وَمِنْ رِباطِ الْخَيْلِ تُرْهِبُونَ بِهِ عَدُوَّ اللَّهِ وَعَدُوَّكُمْ «1» » إلى قوله: «وَما تُنْفِقُوا مِنْ شَيْءٍ فِي سَبِيلِ اللَّهِ يُوَفَّ إِلَيْكُمْ وَأَنْتُمْ لا تُظْلَمُونَ» (1- ظ) أي لا يضيع لكم أجره عند الله في الآخرة، وعاجل خلفه في الدنيا ثم قال: «وَإِنْ جَنَحُوا لِلسَّلْمِ فَاجْنَحْ لَها» أي أن دعوك إلى السلم، يعني الاسلام فصالحهم عليه «وَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ» أن الله كافيك إن الله «هُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ» «وَإِنْ يُرِيدُوا أَنْ يَخْدَعُوكَ فَإِنَّ حَسْبَكَ اللَّهُ» هو من وراء ذلك «هُوَ الَّذِي أَيَّدَكَ بِنَصْرِهِ» بعد الضعف «وَبِالْمُؤْمِنِينَ» «وَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِهِمْ» على الهدى بالذي بعثك إليهم «لَوْ أَنْفَقْتَ ما فِي الْأَرْضِ جَمِيعاً ما أَلَّفْتَ بَيْنَ قُلُوبِهِمْ وَلكِنَّ اللَّهَ أَلَّفَ بَيْنَهُمْ» بدينه الذي جمعهم عليه «إِنَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ» . وقال: «يا أَيُّهَا النَّبِيُّ حَسْبُكَ اللَّهُ وَمَنِ اتَّبَعَكَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ، يا أَيُّهَا النَّبِيُّ حَرِّضِ الْمُؤْمِنِينَ عَلَى الْقِتالِ إِنْ يَكُنْ مِنْكُمْ عِشْرُونَ صابِرُونَ يَغْلِبُوا مِائَتَيْنِ وَإِنْ يَكُنْ مِنْكُمْ مِائَةٌ يَغْلِبُوا أَلْفاً مِنَ الَّذِينَ كَفَرُوا بِأَنَّهُمْ قَوْمٌ لا يَفْقَهُونَ» أي لا يقاتلون على نية ولا حق ولا معرفة بخير ولا شر.

أخبرنا عبد الله بن الحسن الحراني قال: نا النفيلي قال: نا محمد بن سلمة عن محمد بن إسحاق قال حدثني أبو جعفر محمد بن علي قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:

«نصرت بالرعب، وجعلت لي الأرض مساجداً وطهوراً، وأعطيت جوامع الكلم، وأحلت لي المغانم ولم تحل لنبي كان قبلي، وأعطيت الشفاعة، خمس لم يؤتهن نبي قبلي» ، «ما كانَ لِنَبِيٍّ» قبلك «أَنْ يَكُونَ لَهُ أَسْرى» من عدوه «حَتَّى يُثْخِنَ فِي الْأَرْضِ» أي يثخن عدوه حتى ينفيه من الأرض «تُرِيدُونَ عَرَضَ الدُّنْيا» أي المتاع، الفداء بأخذ الرجال «وَاللَّهُ يُرِيدُ الْآخِرَةَ» «2» أي بقتلهم بظهور الدين

__________

(1) سوره الأنفال: 48، 57، 60.

(2) سورة الأنفال: 6- 65، 67.

الذي يريدون اظهاره الذي تدرك به الآخرة «لَوْلا كِتابٌ مِنَ اللَّهِ سَبَقَ لَمَسَّكُمْ فِيما أَخَذْتُمْ» من الأساري والمغانم «عذاب عظيم أي لولا [2- و] أن سبق أن لا أعذب إلا بعد النهي، ولم يكن نهاهم، لعذبكم فيما صنعتم، ثم أحلها لهم رحمة ونعمة وعائدة من الرحمن الرحيم فقال: «فَكُلُوا مِمَّا غَنِمْتُمْ حَلالًا طَيِّباً وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ، يا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُلْ لِمَنْ فِي أَيْدِيكُمْ مِنَ الْأَسْرى إِنْ يَعْلَمِ اللَّهُ فِي قُلُوبِكُمْ خَيْراً يُؤْتِكُمْ خَيْراً مِمَّا أُخِذَ مِنْكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ» «1» فكان العباس بن عبد المطلب يقول: في والله نزلت حين ذكرت لرسول الله صلى الله عليه وسلم إسلامي «وسألته أن يقاصني «2» بالعشرين الأوقية التي أخذ مني، فأبي علي، فعوضني الله منها عشرين عبداً كلهم تاجرا يضرب بمالي، مع ما أرجو من رحمته ومغفرته «3» . ثم حض المسلمين على التواصل وجعل المهاجرين والأنصار ولاية في الدين دون من سواهم، ثم جعل الكفار بعضهم أولياء بعض «4» قال: «إلا تفعلوه تكن فتنة في الأرض وفساد كبير» أي ليتولى المؤمن المؤمن دون الكافر وإن كان ذا رحم، «تكن فتنة» أي شبهة في الحق والباطل، في ظهور الفساد في الأرض، بتولي المؤمن الكافر من دون المؤمن، ثم رد المواريث إلى الأرحام ممن أسلم بعد الولاية من المهاجرين والأنصار وردهم إلى الأرحام التي بينهم فقال: «وَالَّذِينَ آمَنُوا مِنْ بَعْدُ وَهاجَرُوا وَجاهَدُوا مَعَكُمْ فَأُولئِكَ مِنْكُمْ وَأُولُوا الْأَرْحامِ بَعْضُهُمْ أَوْلى بِبَعْضٍ فِي كِتابِ اللَّهِ» أي بالميراث «أَنَّ اللَّهَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ» «5» .

جميع من شهد بدراً من المسلمين من المهاجرين والأنصار الأوس والخزرج ومن (2- ظ) ضرب له سهمه وأجره (تلاثمائة وأربعة عشر رجلاً) من المهاجرين

__________

(1) سورة الأنفال: 68- 69.

(2) تقاص القوم قاصّ كل واحد منهم صاحبه في حساب، أي طلب منه القود.

(3) لا شك أن هذا التفسير يشير بشكل واضح الى انحراف ابن اسحق نحو العباسيين واستجابته الى دعوتهم.

(4) يريد هنا ما جاء في الآيتين: 72 و 73 من سورة الأنفال.

(5) سورة الأنفال: 73، 75.

دون الأنصار ثلاثة وثمانون رجلاً، ومن الأوس واحد وستون رجلاً، ومن الخزرج مائة وسبعون رجلاً، واستشهد مع رسول الله صلى الله عليه وسلم عليه من قريش ثم من بني المطلب بن عبد مناف:

عبيدة بن الحارث بن المطلب بن عبد مناف، قطع رجله عتبة بن ربيعة بن عبد شمس فمات بالصفراء «1» .

ومن بني زهرة بن كلاب: عمير بن أبي وقاص بن أهيب بن عبد مناف بن زهرة، وذو الشمالين عبد عمرو بن نضله «2» حليف لهم، من بني غبشان.

ومن بني عدي بن كعب: عاقل بن البكير «3» حليف لهم، من بني سعد بن ليث بن بكر بن عبد مناة بن كنانة، ومهجع مولى عمر بن الخطاب.

ومن بني الحارث بن فهر: صفوان بن بيضاء.

ومن الأنصار، ثم من بني عمرو بن عوف: سعد بن خيثمة ومبشّر بن عبد المنذر بن زنبر.

ومن بني الحارث بن الخزرج: يزيد بن الحارث، وهو الذي يقال له فسحم «4» .

ومن بني سلمة، ثم من بني حرام بن كعب بن غنم بن كعب بن سلمة:

عمير بن الحمام.

ومن بني حبيب أو خبيب بن عبد حارثة بن مالك: رافع بن المعلى «5» .

ومن بني النجار، ثم من بني عدي بن النجار: حارثة بن سراقة بن الحارث.

__________

(1) واد من ناحية المدينة بينه وبين بدر مرحلة- ياقوت.

(2) في مغازي الواقدي: 1/ 145 «عمير بن عبد عمرو» .

(3) في مغازي الواقدي: 1/ 145 «عاقل بن أبي البكير» .

(4) في الأصل «قشحم» صوابه ما أثبتنا عن مغازي الواقدي: 1/ 146، وابن هشام: 1/ 707، والاشتقاق لابن دريد: 454 وعنده هو «أحمر بن حارثة» وفسحم اسم أمه.

(5) هو عند الواقدي: 1/ 146 «من بني زريق» ومن المفيد التنويه به أن هناك خلافا بين رواية ابن اسحق عموما وما جاء عند الواقدي فلينظر.

ومن بني غنم بن مالك بن النجار: عوف ومعوذ ابنا الحارث بن سواد، وهما ابنا عفراء، ثمانية نفر.

وكان الفتية الذين قتلوا مع قريش يوم بدر فنزل فيهم القرآن فيما ذكر لنا.

«إِنَّ الَّذِينَ تَوَفَّاهُمُ الْمَلائِكَةُ ظالِمِي أَنْفُسِهِمْ قالُوا فِيمَ كُنْتُمْ قالُوا كُنَّا مُسْتَضْعَفِينَ فِي الْأَرْضِ قالُوا أَلَمْ تَكُنْ أَرْضُ اللَّهِ واسِعَةً فَتُهاجِرُوا فِيها فَأُولئِكَ مَأْواهُمْ جَهَنَّمُ وَساءَتْ مَصِيراً» [3- و] «1» . وذلك أنهم كانوا أسلموا (ولما هاچر) «2» رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى المدينة حبسهم آباءهم وعشائرهم بمكة وفتنوهم فافتتنوا ثم ساروا مع قومهم إلى بدر فأصيبوا به جميعاً فهم فتية مفتنون.

ومن بني أسد بن عبد العزى بن قصي: الحارث بن ربيعة (وعقيل) «3» بن الأسود بن المطلب بن أسد.

ومن بني مخزوم أبو قيس بن الفاكة بن المغيرة وأبو قيس بن الوليد بن المغيرة.

ومن بني جمح: علي بن أمية بن خلف.

ومن بني سهم: العاص بن منبه بن الحجاج.

«4» فلما قدم رسول الله صلى الله عليه وسلم من بدر إلى المدينة وكان فراغه من بدر في عقب رمضان أو في أول شوال، فلم يقم بالمدينة إلا سبع ليال حتى غزا بنفسه يريد بني سليم، حتى بلغ ماء من مياههم يقال له الكدر «5» ، فأقام عليه ثلاث

__________

(1) سورة النساء: 97.

(2) زيد ما بين الحاصرتين كيما يستقيم الكلام، هذا وحذف الخبر من رواية ابن هشام كما أنه لم يرد عند الواقدي.

(3) زيد ما بين الحاصرتين من مغازي الواقدي 1/ 148، وابن هشام: 1/ 709.

(4) الحديث الآن عن غزوة بني سليم بالكدر، وليس في الأصل عنوان.

(5) روى ياقوت عن الواقدي أن بين الكدر وبين المدينة ثمانية برد، هذا وهناك خلاف بين المؤرخين حول زمن هذه الغزوة وترتيبها بين المغازي، انظر مغازي الواقدي: 1/ 182- 184. الروض الأنف: 3/ 142. ابن سعد، ط. بيروت: 2/ 31. الطبري: 2/ 482. السيرة الحلبية: 2/ 217. البداية والنهاية لابن كثير: 3/ 344.

ليال، ثم رجع إلى المدينة ولم يلق كيداً، فأقام بقية شوال وذا القعدة وفادى في إقامته تلك جل الأسارى من قريش.

غزوة السويق

ثم غزا أبو سفيان بن حرب غزوة السويق في ذي الحجة، وولي تلك الحجة المشركون من تلك السنة.

أخبرنا عبد الله بن الحسن الحراني قال: حدثنا النفيلي قال: نا محمد بن سلمة عن محمد بن إسحاق قال: (3- ظ) فكان أبو سفيان كما حدثني محمد بن جعفر بن الزبير، ويزيد بن رومان، ومن لا أتهم، عن عبد الله بن كعب بن مالك، وكان من أعلم الأنصار، حين رجع إلى مكة ورجع فل قريش من بدر حلف ألا يمس رأسه ماء من جنابة «1» حتى يغزو محمدا- صلى الله عليه- فخرج في مائتي راكب من قريش ليبر يمينه فسلك النجدية حتى نزل بصدر قناة إلى جانب جبل يقال له تيت: «2» من المدينة على بريد أو نحوه، ثم خرج من الليل حتى أتى بني النضير من تحت الليل فأتى حيي بن اخطب فضرب عليه بابه فخاف فلم يفتح له فانصرف إلى سلام بن مشكم وكان سيد بني النضير في زمانه ذلك، وصاحب كنزهم «3» ، فاستأذن عليه، فأذن له وقراه وسقاه وبطن له من خبر الناس، ثم خرج من عقب ليلته حتى أتى أصحابه، فبعث رجالاً من قريش إلى المدينة، فأتوا ناحية منها يقال لها العريض

__________

(1) علق السهيلي على هذا في روضه: 3/ 142- 143 «في هذا الحديث إن الغسل من الجنابة كان معمولا به في الجاهلية» .

(2) في ابن هشام: 2/ 44 «ثيب» وعند الطبري: 2/ 484 «تيب» وفي البداية والنهاية 3/ 344 «نيب» وظبطها ياقوت «تيت» وكما ورد في النص نقلا عن ابن إسحق.

(3) المال الذي كانوا يجمعونه ويدخرونه لنوائبهم وما يعرض لهم، وكان حليا يعيرونه لأهل مكة- السيرة الحلبية: 2/ 223.

فحرقوا في أصوار «1» من نخل بها، ووجدوا رجلاً من الأنصار وحليفاً له في حرث لهما فقتلوهما، ثم انصرفوا راجعين، ونذر بهم الناس، فخرج رسول الله صلى الله عليه في طلبهم حتى انتهى إلى قرقرة الكدر، ثم انصرف راجعاً وقد فاته أبو سفيان وأصحابه، وقد رأوا أزواداً من أزواد القوم قد طرحها، في الحرث يتخففون منها للنجاء، فقال المسلمون حين رجع بهم رسول الله صلى الله عليه: اتطمع لنا أن تكون لنا غزوة؟ قال: نعم، فقال أبو سفيان وهو يتجهز غازياً من مكة إلى المدينة أبياتاً من الشعر:

كروا على يثرب وجمعهم ... فإنّ ما جمعوا لكم نفل (4- و)

إن يك يوم القليب كان لهم ... فإن ما بعده لكم دول

واللات لا أقرب النساء ولا ... يمس رأسي وجلدي الغسل

حتى تبيروا قبائل الأوس وال ... خزرج إن الفؤاد مشتعل

فأجابه كعب بن مالك:

يا لهف أم المشجعين على ... جيش ابن حرب في الحرة الفشل

إذ يطرحون الرمال من نسم الط ... ير ترقوا بقية «2» الجبل

جاؤوا بجمع لو قيس منزله ... لم يك إلا كمعرس الدؤل

الدؤل دويبة أصغر من القطا ع ط «3»

وبة سمي أبو الأسود الدؤلي.

وقال أبو سفيان بن حرب حين انصرف من المدينة إلى مكة:

إني تخيرت المدينة واحداً ... لحلف فلم أندم ولم اتلوم

سقاني فرواني كميتاً مدامة ... على عجل مني سلام بن مشكم

فلما تولى الجيش قلت ولم أكن ... لأترحه «4» أبشر بعز ومغنم

__________

(1) قال السهيلي في روضه: 3/ 142 «أصوار نخل هي جمع صور، والصور نخل مجتمعة» .

(2) في الطبري: 2/ 484 «لقنة» هذا ولم يرد الشعر في طبقات ابن سعد ولا عند ابن هشام ولا في السيرة الحلبية.

(3) أي من الذئب.

(4) المترح: الذي أثقله الدين- الروض الأنف: 3/ 142.

تأمل فإن القوم في سرواتهم ... صريح لؤي لا شماطيط جرهم «1»

فما كان إلا بعض ليلة راكب ... أتى ساعياً من غير حلة معدم

غزوة ذي أمر إلى نجد سنة ثلاث

فلما رجع رسول الله صلى الله عليه وسلم من غزوة السويق «2» أقام بالمدينة ذا الحجة والمحرم، أو قريباً منه ثم غزا نجداً يريد بني غطفان وهي غزوة ذي أمر «3» ، فأقام بنجد صفراً كله، أو قريباً من ذلك، ثم رجع إلى المدينة ولم يلق كيداً.

أخبرنا عبد الله بن الحسن الحراني [4- ظ] قال: حدثنا النفيلي قال: نا محمد بن سلمة عن محمد بن إسحاق قال: حدثني رجل من أهل الشام يقال له أبو منظور عن عمه قال: حدثني عمي عن عامر الرام أخي النضر قال: إني لببلادنا إذ رفعت إلي ألوية ورايات فقلت: ما هذا؟ قالوا: هذا لواء رسول الله صلى الله عليه وسلم، فأتيته وهو تحت شجرة قد بسط له تحتها كساء وهو جالس عليه، وقد اجتمع إليه أصحابه رضي الله عنهم فجلست إليهم، فذكر رسول الله صلى الله عليه وسلم الأسقام فقال: إن المؤمن إذا أصابه السقم، ثم أعفاه الله منه كان كفارة لما مضى من ذنوبه وموعظة له فيما يستقبل به، وإن المنافق إذا مرض ثم أعفي كان كالبعير عقله أهله ثم أرسلوه ولم يدر لم أرسلوه، فقال رجل ممن حوله: وما الأسقام، والله ما مرضت قط؟ قال: قم عنا فلست منا، قال: فبينا نحن عنده إذ أقبل

__________

(1) الشماميط: الأخلاط من الناس- الروض الأنف: 3/ 142. وجرهم احدى قبائل العرب البائدة كانت تسكن منطقة مكة أيام النبي ابراهيم وقد أجلتها خزاعة عن مكة.

(2) السويق: هو قمح وشعير يقلى ثم يطحن ليسف تارة بماء، وتارة بسمن وتارة بعسل وسمن.

(3) ذي أمر موضع معروف وراء بطن نخل، وبطن نخل قرية قريبة من المدينة على طريق البصرة- التنبيه والاشراف ط الصاوي: 210 ومراصد الاطلاع.

رجل عليه كساء معه شيء في يده قد التف عليه، فقال: يا رسول الله لما رأيتك أقبلت فمررت بغيضة من شجر فسمعت فيها أصوات فراخ طائر فأخذتهن فوضعتهن في كسائي، فأقبلت أمهن حتى استدارت على رأسي، فكشفت لها عنهن فوقعت معهن فلففتهن، فهن الآن معي، فقال: ضعهن عنك، قال:

فوضعتهن بكسائي وأبيت إلا لزومهن فقال: رسول الله صلى الله عليه وسلم: أتعجبون لرحمة أم الأفراخ فراخها؟ قالوا: نعم، قال: فو الذي بعثني بالحق لله أرحم بعباده من أم الأفراخ بفراخها، ارجع بهن حتى تضعهن من حيث أخذتهن وأمهن معهن، قال: فرجع بهن «1» .

ثم رجع رسول الله صلى الله عليه وسلم [5- و] إلى المدينة ولم يلق كيداً فلبث بها شهر ربيع الأول كله إلا قليلاً منه «2» ، ثم غزا يريد قريشا وبني سليم حتى بلغ بحران معدن بالحجاز في ناحية الفرع، وذلك المعدن للحجاج بن علاظ البهزي فأقام به شهر ربيع الآخر وجمادى الأولى «3» ثم رجع إلى المدينة ولم يلق كيداً.

وقد «4» كان فيما بين ذلك من غزو رسول الله صلى الله عليه وسلم بني قينقاع وكان من حديث بني قينقاع أن رسول الله صلى الله عليه وسلم جمعهم في سوق بني قينقاع فقال لهم:

يا معشر يهود احذروا من الله مثل ما نزل بقريش من النقمة، واسلموا فإنكم قد عرفتم أني نبي مرسل، تجدون ذلك في كتابكم، وعهد الله إليكم، قالوا: يا محمد

__________

(1) لم يرد هذا الخبر عند ابن هشام، كما أن الواقدي لم يذكره.

(2) سقط عنوان هذه الغزوة وهو «غزوة الفرع من نجران» من الأصل، وهو عند ابن هشام: 2/ 46، ابن سعد: 2/ 35. الواقدي: 1/ 196. الطبري: 2/ 487. السيرة الحلبية: 2/ 224.

(3) لم يرد اسم صاحب المعدن عند الواقدي وابن هشام، وذكر الواقدي: 1/ 197 أن غيبة النبي عن المدينة كانت عشر ليال، والفرع- بضمتين- قرية من ناحية المدينة وفيها عينان يقال لهما الربض والنجف يسقيان عشرين ألف نخلة، وبحران موضع بالحجاز معروف بينه وبين المدينة ثمانية برد.

(4) سقط عنوان هذه الغزوة وهو «أمر بني قينقاع» من الأصل، انظر ابن هشام: 2/ 47. الواقدي: 1/ 176- 180. الطبري: 2/ 479- 483.

إنك ترانا كقومك، يغرك «1» إنك لقيت قوماً لا علم لهم بالحرب فأصبت منهم فرصة! إنا والله لو حاربناك لتعلمن أنا نحن الناس.

أخبرنا عبد الله بن الحسن الحراني قال: نا النفيلي قال: حدثنا محمد بن سلمة عن محمد بن اسحاق قال: حدثني مولى لآل زيد بن ثابت عن سعيد بن جبير أو عكرمة عن ابن عباس قال: ما نزل هؤلاء الآيات إلا فيهم «قُلْ لِلَّذِينَ كَفَرُوا سَتُغْلَبُونَ وَتُحْشَرُونَ إِلى جَهَنَّمَ وَبِئْسَ الْمِهادُ» إلى قوله «قَدْ كانَ لَكُمْ آيَةٌ فِي فِئَتَيْنِ الْتَقَتا» أي في أصحاب بدر من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم وقريش «فِئَةٌ تُقاتِلُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَأُخْرى كافِرَةٌ» إلى قوله: «إِنَّ فِي ذلِكَ لَعِبْرَةً لِأُولِي الْأَبْصارِ» «2» .

أخبرنا عبد الله بن الحسن الحراني قال حدثنا النفيلي قال: نا محمد ابن سلمة عن محمد بن اسحاق قال: حدثني عاصم بن عمر بن قتادة أن بني قينقاع كانوا أول يهود نقضوا ما بينهم وبين رسول الله صلى الله عليه وسلم عليه وحاربوا [5- ظ] فيما بين بدر وأحد «3» فحاصرهم رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى نزلوا على حكمه، فقام إليه عبد الله بن أبي بن سلول حين أمكنه الله منهم فقال: يا محمد أحسن في موالي، وكانوا حلفاء الخزرج، فأبطأ عنه رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: يا محمد أحسن في موالي، فأعرض عنه رسول الله، فأدخل يده في جيب درع رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال: فقال رسول الله، وغضب رسول الله، ثم قال.

أرسلني: فقال: لا والله لا أرسلك حتى تحسن في موالي، اربع مائة حاسر وثلاثمائة دارع منعوني من الأحمر والأسود تحصدهم في غواة واحدة، إني الله أمرءاً أخشى الدوائر، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: هم لك.

أخبرنا عبد الله بن الحسن الحراني قال: نا النفيلي قال: نا محمد بن سلمة عن محمد بن اسحاق قال: حدثني أبي اسحاق بن يسار عن عبادة ابن

__________

(1) في ابن هشام: 2/ 47 «لا يغرنك أنك لقيت» وعند الواقدي: 1/ 176 «لا يغرنك من لقيت» .

(2) سورة آل عمران: 12- 13.

(3) قطع ابن هشام: 2/ 47- 48 خبر ابن اسحق ليذكر سبب حصار الرسول يهود بني قينفاع وهو اعتداءهم على احدى نساء المسلمين، انظر أيضا مغازي الواقدي: 1/ 176.

الوليد بن عبادة بن الصامت قال: لما حاربت بنو قينقاع تشبث بأمرهم عبد الله ابن أبي بن سلول وقام دونهم ومشى عبادة بن الصامت إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، وكان أحد بني عوف بن الخزرج، ولهم من حلفه مثل الذي لهم من عبد الله بن أبي فخلعهم إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، وتبرأ إلى الله وإلى رسوله من حلفهم فقال:

يا رسول الله أتولى الله ورسوله والمؤمنين، وأبرأ إلى الله وإلى رسوله من حلف هؤلاء الكفار وولايتهم، قال: ففيه وفي عبد الله بن أبي نزلت القصة في المائدة:

«يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَتَّخِذُوا الْيَهُودَ وَالنَّصارى أَوْلِياءَ» إلى قوله: «فَتَرَى الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ يُسارِعُونَ فِيهِمْ» يعني عبد الله بن أبي لقوله: أخشى الدوائر «يَقُولُونَ نَخْشى أَنْ تُصِيبَنا دائِرَةٌ فَعَسَى اللَّهُ أَنْ يَأْتِيَ بِالْفَتْحِ أَوْ أَمْرٍ مِنْ عِنْدِهِ» (6- و) إلى قوله: «وَهُمْ راكِعُونَ» وذلك لقول عبادة بن الصامت:

أتولى الله ورسوله وأبرأ من بني قينقاع من حلفهم وولايتهم. «وَمَنْ يَتَوَلَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَالَّذِينَ آمَنُوا فَإِنَّ حِزْبَ اللَّهِ هُمُ الْغالِبُونَ «1» » .

وسرية زيد بن حارثة التي بعثه رسول الله صلى الله عليه وسلم فيها، حين أصابت عير قريش، فيها أبو سفيان بن حرب على القردة «2» ، ماء من مياه نجد.

وكان من حديثها أن قريشاً كانت قد أخافت طريقها التي تسلك إلى الشام، حين كان من وقعة بدر ما كان، فسلكوا طريق العراق «3» ، وخرج منهم تجار فيهم أبو سفيان بن حرب ومعه فضة كثيرة، وهو عظم تجارتهم، واستأجروا من بني بكر بن وائل رجلاً يقال له: فرات بن حيان يدلهم على الطريق، وبعث رسول الله صلى الله عليه وسلم زيد بن حارثة في ذلك الوجه، فلقيهم على ذلك الماء فأصاب تلك العير وما فيها، وأعجزه الرجال، فقدم بها رسول الله صلى الله عليه وسلم.

__________

(1) سورة المائدة: 51- 56.

(2) بين الربذة والغمر وذات غرض من جادة العراق- التنبيه والأشراف. ط. الصاوي: 210.

(3) انظر شروحا أو فى لهذه المسألة عند الواقدي: 1/ 197- 198. ابن هشام: 2/ 50.

فقال «1» حسان بن ثابت يذكر قريشاً وأخذها على ذلك الطريق بعد أحد في غزوة بدر الآخرة، وذلك أن رسول الله صلى الله عليه وسلم خرج لميعاد أبي سفيان منصرفه من أحد، فسار حتى نزل بدراً، فأقام بها ثمان ليال، واخلفه أبو سفيان، فقال حسان بن ثابت «2» :

دعوا، فلجات الشام قد حار «3» دونها ... جلاد كأفواه المخاض الأوارك

بأيدي رجال هاجروا نحو ربهم ... وأنصاره حقاً وأيدي الملائك

إذا سلكت للغور من رمل عالج «4» ... فقولا لها ليس الطريق هنالك

أقمنا على الرس النزوع ثمانياً ... بأرعن جرار عريض المبارك

بكل كميت جوزه نصف خلقه ... وقب طوال مشرفات الحوارك

ترى العرفج العاديّ تذري أصوله ... مناسم أخفاف المطي الرواتك (6- ظ)

فإن نلق في تطوافنا والتماسنا ... فرات بن حيان يكن رهن هالك

وإن نلق قيس بن امرىء القيس بعده ... يزد في سواد لونه لون حالك

وقتل «5» كعب بن الأشرف، وكان من حديثه أنه لما أصيب أهل بدر، وقدم زيد بن حارثة إلى أهل السافلة، وقدم عبد الله بن رواحة إلى أهل العالية مبشرين، بعثهما رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى أهل المدينة من المسلمين بفتح الله وقتل من قتل من المشركين، كما حدثني عبد الله بن المغيث بن أبي بردة الطفري، وعبد الله ابن أبي بكر بن محمد بن عمرو بن حزم، وعاصم بن عمر بن قتادة، وصالح بن أبي

__________

(1) بدأ الحديث الآن عن غزوة بدر الموعد، انظر الواقدي: 1/ 384- 391.

(2) انظر ديوان حسان. ط. دار صادر: 1/ 85. مغازي الواقدي: 1- 390- 391. الروض الأنف: 3- 249. مع خلاف بالرواية من حيث الكلمات وتعداد الأبيات وترتيبها

(3) في جميع الروايات الأخرى «حال» . والفلجات جمع فلج وهي العين الجارية، والمخاض الحوامل من الإبل، والأوارك التي أكلت الأراك فدميت أفواهها.

(4) عالج مكان به رمل كثير.

(5) سقط من الأصل عنوان هذا الخبر وهو «مقتل كعب بن الأشرف» . انظر مغازي الواقدي: 1- 184- 193. ابن هشام: 2- 51. ابن سعد: 2- 31. الطبري: 2- 487.

أمامة بن سهل كل قد حدثني بعض حديثه (قالوا:) «1» قال كعب بن الأشرف، وكان رجلاً من طيء، ثم أحد بني نبهان، وكانت أمه من بني النضير حين بلغه الخبر: ويحكم أحق هذا؟ أترون أن محمداً قتل هؤلاء الذين يسمي هذان الرجلان- يعني زيداً وعبد الله- فهؤلاء أشراف العرب وملوك الناس، والله لئن كان محمداً أصاب هؤلاء القوم لبطن الأرض خير من ظهرها! فلما تيقن عدو الله الخبر خرج حتى قدم مكة، فنزل على المطلب بن أبي وداعة بن ضبيرة السهمي وعنده عاتكة ابنة أبي العاص «2» بن أمية بن عبد شمس فأنزلته وأكرمته وجعل يحرض على رسول الله صلى الله عليه وسلم، وينشد الأشعار ويبكي على اصحاب القليب من قريش الذين أصيبوا «3» ؛ ثم رجع كعب بن الأشرف «4» فشبب بأم الفضل ابنة الحرث «5» ، ثم شبب بنساء المسلمين، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم- كما حدثني عبد الله ابن مغيث-: من لي بابن الأشرف؟ فقال: محمد بن مسلمة أخو بني عبد الأشهل أنا لك به يا رسول الله، أنا اقتله، قال: افعل إن قدرت على ذلك، فرجع محمد فمكث ثلاثاً لا يأكل ولا (7- و) يشرب إلا ما يعلق نفسه فذكر ذلك لرسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال «6» : لم تركت الطعام والشراب؟ قال: يا رسول الله إني قلت لك قولاً لا أدري هل أقر به أم لا، قال: إنما عليك الجهد، قال: يا رسول الله أنه لا بد لنا أن نقول، قال: قولوا ما بدا لكم فأنتم في حل من ذلك، فأجمع في قتله محمد بن مسلمة، وسلكان بن سلامة بن وقش، وهو أبو نائلة أحد بني عبد الأشهل، «7» ، والحارث بن أوس بن معاذ احد بني عبد الأشهل،

__________

(1) زيد ما بين الحاصرتين من ابن هشام: 2- 51.

(2) في مغازي الواقدي: 1- 185 «بنت أسيد بن أبي العيص» .

(3) هنا ذكر ابن هشام: 2- 52 عن ابن إسحق شعر كعب في بكاء أصحاب القليب وأورد رد حسان وسواه عليه، وكذلك فعل الواقدي في مغازيه: 1- 185- 187.

(4) أي إلى المدينة.

(5) زوج العباس عم الرسول، وفي الطبري: 2- 488 بعض ما قاله فيها.

(6) في ابن هشام: 2- 54 «فدعاه فقال له» .

(7) زاد ابن هشام: 2- 55 «وكان أخا كعب بن الأشرف من الرضاعة» .

ثم قدموا إلى عدو الله ابن الأشرف قبل أن يأتوه سلكان بن سلامة أبا نائلة فجاءه، فتحدث معه ساعة وتناشدا، وكان أبو نائلة يقول الشعر ثم قال:

ويحك يابن الأشرف إني قد جئتك لحاجة أريد ذكرها لك فاكتمها عني، قال: أفعل، قال: كان قدوم هذا الرجل علينا من البلاء، عادتنا العرب ورمتنا عن قوس واحدة، وقطعت عنا السبل حتى ضاع العيال، وجهدت الأنفس، فأصبحنا وقد جهدنا وجهد عيالنا، فقال كعب: أنا ابن الأشرف أما والله لقد كنت أخبرك يابن سلامة أن الأمر سيصير إلى ما كنت أقول لك، فقال سلكان: إني قد أردت أن تبيعنا طعاماً ونرهنك. ونوثق لك ونحسن في ذلك، قال: ترهنوني أبناءكم؟ قال: أردت أن تفضحنا إن لي أصحاباً على مثل رأيي، وقد أردت أن آتيك بهم لتبيعهم وتحسن في ذلك ونرهنك من الحلقة مالك فيه وفاء، وأراد سلكان أن لا ينكر السلاح إذا جاؤوا به، قال: إن في الحلقة لوفاء، فرجع سلكان إلى أصحابه فأخبرهم خبره، وأمرهم أن يأخذوا [7- ظ] السلاح، ثم ينطلقوا فيجتمعوا إليه، فاجتمعوا عند رسول الله صلى الله عليه.

أخبرنا عبد الله بن الحسن الحراني قال: نا النفيلي قال: نا محمد بن سلمة عن محمد بن إسحاق قال: حدثني ثور عن عكرمة مولي ابن عباس عن ابن عباس قال: مشى معهم رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى بقيع الغرقد «1» ، ثم وجههم وقال:

انطلقوا على اسم الله، اللهم أعنهم ثم رجع إلى بيته في ليلة مقمرة، فانتهوا إلى حصنه، فهتف به أبو نائلة وكان حديث عهد بعرس، فوثب في ملحفته، فأخذت امرأته بناحيتها وقالت: إنك رجل محارب وإن صاحب الحرب لا ينزل في مثل هذه الساعة، قال «2» : أبو نائلة لو وجدني نائماً ما أيقظني، قالت: فو الله إني لأعرف في صوته الشر، قال: يقول «3» لها: لو يدعى الفتى لطنعة لأجاب.

__________

(1) مقبرة أهل المدينة، وهي داخل المدينة- ياقوت-.

(2) في ابن هشام: 2- 56 «إنه أبو نائلة» .

(3) أي كعب.

(قال أبو شعيب: حدثنا التوزي أبو محمد قال قال الأصمعي ما تكلم لهذه الكلمة لو وجدني نائماً ما أيقظني أحد في جاهلية ولا إسلام إلا قتل) قال: فنزل فتحدث معه ساعة، وتحدثوا معه، ثم قال: هل لك يابن الأشرف أن نتماشى إلى شعب العجوز «1» فنتحدث بقية ليلتنا هذه؟ قال: إن شئتم، فخرجوا يتماشون ساعة، ثم إن أبا نائلة شام يده في فود رأسه ثم شم يده، ثم قال ما رأيت كالليلة طيباً أعطر قط، ثم مشى ساعة ثم عاد لمثلها حتى اطمأن، ثم مشى ساعة ثم عاد لمثلها فأخذ بفودي رأسه، ثم قال اضربوا عدو الله فضربوه فاختلفت عليه أسيافهم فلم تغن شيئاً، قال محمد بن مسلمة فذكرت مغولاً «2» في سيفي حين رأيت أسيافنا لم تفن شيئاً، فأخذته وقد صاح عدو الله صيحة لم تبق حولنا حصن إلا أوقدت عليه النار فوضعته في ثنته «3» ثم تحاملت عليه حتى بلغت (8- و) عانته فوقع عدو الله وقد أصيب الحارث بن أوس بن معاذ فجرح في رأسه أو في رجله أصابه بعض أسيافنا، قال: فخرجنا حتى سلكنا على بني أمية بن زيد، ثم على بني قريظة، ثم على بعاث حتى اسندنا في حرة العريض «4» وقد أبطأ عنا صاحبنا الحارث بن أوس ونزفه الدم، فوقفنا له ساعة، ثم أتانا يتبع آثارنا، فاحتملناه فجئنا به رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو قائم يصلي، فسلمنا عليه فخرج إلينا فأخبرناه بقتل عدو الله، وتفل على جرح صاحبنا، ورجعنا إلى أهلنا، فأصبحنا وقد خافت يهود تبعتنا، فليس بها يهودي الا وهو يخاف على نفسه.

وقال «5» رسول الله صلى الله عليه وسلم: من ظفرتم به من رجال يهود فاقتلوه، فوثب محيصة بن مسعود على أبي سنينة «6» ، رجل من تجار يهود- وكان يلابسهم ويبايعهم

__________

(1) قرب المدينة.

(2) المغول: حديدة دقيقة لها حد ماض.

(3) في مغازي الواقدي: 1- 190 «في سرته» والسنة ما بين أسفل البطن إلى العانه.

(4) جميع هذه الأماكن في ضواحي المدينة.

(5) سقط عنوان هذا الخبر من الأصل وهو «أمر محيصة وحويصة» .

(6) في مغازي الواقدي: 1- 191 «ابن سنينة» .

فقتله، وكان حويصة بن مسعود إذ ذاك لم يسلم فقال لمحيصة، وكان أسن منه- لما قتله، وجعل يبصره «1» : يا عدو الله أقتلته أما والله لرب شحم في بطنك من ماله! فقال محيصة: والله لقد أمرني بقتله من لو أمرني بقتلك لضربت عنقك قال: فقال: والله إن ديناً بلغ بك هذا لدين له شأن، انطلق إلى صاحبك حتى أسمع منه، فانطلق إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم عليه، فكان أول إسلام حويصة فقال محيصة:

يلوم ابن أمي لو أمرت بقتله ... لطبقت ذفراه «2» بابيض قاضب

حسام كلون الملح أخلص صقله ... متى ما اصوبه فليس بكاذب

وما سرني أني قتلتك طائعاً ... وأن لنا ما بين بصري فمأرب «3»

وقال علي بن أبي طالب عليه السلام في قتل ابن الأشرف:

عرفت ومن يعتدل يعرف ... وأيقنت حقاً فلم أصدف

عن الكلم المحكمات التي ... من الله ذي الرأفة الأراف [8- ظ]

رسائل تدرس في المؤمنين ... بهن اصطفى أحمد المصطفى

فأصبح أحمد فينا عزيزاً ... عزيز المقامة والموقف

فيا أيها الموعدوه سفاها ... ولم يأت حوباً ولم يعنف

ألستم تخافون أدنى العذاب ... وما أمن الله كالأخوف

وأن تصرعوا تحت أسيافه ... كمصرع كعب أبي الأشرف

غداة رأى الله طغيانه ... فأعرض كالجمل الأحنف

فأنزل جبريل في قتله ... بوحي إلى عبده ملطف

فدس الرسول رسولاً إليه ... بأبيض ذي هبّة مرهف

__________

(1) في ابن هشام: 2- 58 «جعل حويصة يضربه ويقول: أي عدو الله» .

(2) لطبقت: لقطعت، والذفرى عظم نائي وراء الأذن.

(3) مغازي الواقدي: 1- 192 مع بعض الخلاف.

فباتت له عيون مغولا ... ت ومن دمع كعب لها تذرف

فقلنا لأحمد ذرنا قليلاً ... فإنا من القوم لم نشتف

فأجلاهم ثم قال اظعنوا ... دحوراً على رغم الآنف

فأجلى النضير إلى غربة ... وكانوا بدار ذوي زخرف

إلى أذرعات رد أفاوهم ... على كل ذي دبر أعجف «1»

وكانت أقامه رسول الله صلى الله عليه وسلم بالمدينة بعد قدومه من بحران جمادى الآخرة ورجباً وشعبان ورمضان وغزته قريش غزوة أحد في شوال سنة ثلاث.

__________

(1) لم يرد هذا الشعر في مغازي الواقدي ولا عند ابن هشام أو الطبري.

غزوة أحد

«1» أخبرنا عبد الله بن الحسن الحراني قال: نا النفيلي عن محمد بن سلمة عن محمد بن إسحاق قال: وكان من حديث أحد كما حدثني محمد بن مسلم بن عبيد الله الزهري، ومحمد بن يحيى بن حبان، وعاصم بن عمر بن قتادة والحصين بن عبد الرحمن بن عمرو بن سعد بن معاذ وغيرهم من علمائنا كل قد حدثني بعض الحديث عن يوم أحد، فاجتمع حديثهم كله فيما سقت من هذا الحديث عن يوم أحد، قال: لما أصيبت قريش؛ أو من قاله منهم ببدر وأصحاب القليب من (9- و) كفار قريش؛ فرجع فلهم إلى مكة، ورجع أبو سفيان بن حرب (بعيره) «2» مشى عبد الله بن أبي ربيعة وعكرمة بن أبي جهل وصفوان بن أمية في رجال من قريش ممن أصيب آباؤهم وأبناؤهم واخوانهم ببدر وكلموا أبا سفيان بن حرب ومن كانت له في تلك العير تجارة فقالوا: يا معاشر قريش إن محمداً قد وتركم وقتل رجالكم وخياركم فأعينونا بهذا المال على حربه لعلنا أن ندرك منه ثأرنا بما أصاب منا؛ ففيهم فيما ذكر لي بعض أهل العلم أنزل الله «إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا يُنْفِقُونَ أَمْوالَهُمْ لِيَصُدُّوا عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ فَسَيُنْفِقُونَها ثُمَّ تَكُونُ عَلَيْهِمْ حَسْرَةً ثُمَّ يُغْلَبُونَ وَالَّذِينَ كَفَرُوا إِلى جَهَنَّمَ يُحْشَرُونَ» «3» .

فلما فعل ذلك أبو سفيان وأصحاب تلك العير أجمعت قريش لحرب رسول

__________

(1) الخبر الآن عن غزوة أحد، وقد سقط العنوان من الأصل، وخبر أحد مشهور انظره في مغازي الزهري في مصنف عبد الرزاق: 5- 363- 367. مغازي الواقدي: 1- 199- 334 ابن هشام 2- 1060 ابن سعد: 2- 36. الطبري: 2- 499. السيرة الحلبية: 2- 228.

(2) زيد ما بين الحاصرتين من ابن هشام: 2- 60.

(3) سورة الأنفال: 36.

الله صلى الله عليه وسلم بأحابيشها ومن أطاعهم من قبائل بني كنانة وأهل تهامة، كل أولئك قد استغووا على حرب رسول الله صلى الله عليه وسلم. وكان أبو عزيز بن عمرو بن عبد الله الجمحي «1» قد من عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم وعاهده أن لا يظاهر عليه، فأجمعت قريش السير إلى أحد، قال صفوان بن أمية: يا أبا عزيز إنك امرؤ شاعر فأعنا بلسانك واخرج معنا، فقال: إن محمدا قد من علي، ولا أريد أن أظاهر عليه أحداً، قال: بلى فأعنا بنفسك، فلك إن رجعت أن أغيثك، فإن أصبت أجعل بناتك مع بناتي يصيبهن ما أصابهن من عسر ويسر، فخرج أبو عزيز يسير في تهامة يدعو بني كنانة يقول:

يا بني عبد مناه الزرام «2» ... أنتم بنو الحرب ضرابو الهام

أنتم حماة وأبوكم حام ... لا تعدوني نصركم بعد العام

لا تسلموني لا يحل إسلام «3»

ثم دعا جبير بن مطعم بن عدي بن نوفل بن عبد منا



كلمات دليلية: