withprophet faceBook withprophet twitter withprophet instagram withprophet youtube withprophet new withprophet pinterest


صِفَاتُ جسد النبيّ صلى الله عليه وسلم_12970

صِفَاتُ جسد النبيّ صلى الله عليه وسلم


ذكر خاتم النبوة

:

"وقد روي أنه ختم بخاتم النبوة" قال القرطبي في المفهم: سمي بذلك لأنه أحد العلامات التي يعرفه بها علماء الكتب السابقة، ولذا لما حصل عند سلمان من علامات صدقه ما حصل كموضع مبعثه ومهاجره جد في طلبه، فجعل يتأمل ظهره فعلم صلى الله عليه وسلم أنه يريد الوقوف على خاتم النبوة، فأزال الرداء عنه، فلما رأى سلمان الخاتم أكب عليه فقبله، وقال: أشهد أنك رسول الله. وفي قصة بحيراء الراهب: وإني أعرفه بخاتم النبوة، وقال غيره: إضافته للنبوة لكونه من آياتها أو لكونه ختمًا عليها لحفظها، أو ختمًا عليها لإتمامها كما تكمل الأشياء، ثم يختم عليها قال السهيلي: وحكمة وضعه أنه لما شق صدره وأزيل منه مغمز الشيطان ملئ قلبه حكمة وإيمانًا، فختم عليه كما يختم على الإناء المملوء مسكًا، انتهى.

بين كتفيه، وكان ينم مسكًا.

وأنه مثل زر الحجلة، ذكره البخاري.

وفي مسلم: جمع عليه خيلان، كأنها الثآليل السود عند نغض كتفه، ويروى: غضروب كتفه اليسرى.

__________

وروى الحربي في غريبة وابن عساكر في تاريخه عن جابر، قال أردفني صلى الله عليه وسلم خلفه، فالتقمت خاتم النبوة بفمي فكان ينم علي مسكًا. ومر في حديث شداد: أنه من نور يحار الناظر دونه، قال شيخنا: فلعل المراد أن الذي ختم به شديد اللمعان حتى كأنه جسم من نور، قلت: بقاؤه على ظاهره أولى.

"بين كتفيه" وفي مسلم: إلى جهة كتفه اليسرى، فالبينية تقريبية إذا الصحيح كما يأتي في المتن عن السهيلي أنه عند كتفه الأيسر، "وكان ينم مسكًا" روي بضم النون وكسرها، أي: تظهر منه رائحة المسك، قال في المقتفى: من قولهم نمت الريح إذا جلبت الرائحة، انتهى، وهو مستعار من النميمة، ومنه سمي الريحان نمامًا لطيب رائحته، وهي استعارة لطيفة شائعة.

"وأنه مثل زر" بزاي فراء على المشهور، وقيل بالعكس. "الحجلة" بفتحتين، وقيل: بسكون الجيم مع ضم الحاء، وقيل: مع كسرها ذكره غير واحد. وفي المطالع: أن بعضهم ضبطه بضم الحاء وفتح الجيم على أنه من حجل الفرس. "ذكره" أي: رواه "البخاري" وكذا مسلم كلاهما من حديث السائب بن يزيد.

"وفي" صحيح "مسلم" ومسند أحمد من حديث عبد الله بن سرجس وهو بفتح المهملة وسكون الراء وكسر الجيم، فمهملة: أنه "جمع عليه خيلان؛ كأنها" أي: الخيلان "الثآليل السود" فالتشبيه في لونها لا صورتها "عند نغض" بضم النون وفتحها وسكون المعجمة آخره ضاد معجمة؛ كما ضبطه المصنف بشرح البخاري. "كتفه" اليسرى، "ويروى" بدل نغض "غضورف" بضم الغين وسكون الضاد المعجمتين فراء مضمومة فواو ساكنة ففاء، ويقال: غضروف بتقديم الراء أيضًا، وهو رأس لوح "كتفه اليسرى" محذوف من الأول لدلالة الثاني، وهذا نقل لما في مسلم بالمعنى، ولفظه من حديث المذكور؛ ثم درت خلفه، فنظرت إلى خاتم النبوة بين كتفيه عندنا غض كتفه اليسرى جمعًا عليه خيلان كأمثال الثآليل، ودرت من الدوران وجمعًا نصب على الحال.

قال السهيلي: وحكمة وضعه عند النغض؛ لأنه معصوم من وسوسة الشيطان، وذلك الموضع منه يدخل الشيطان، وقد روى ابن عبد البر بسند قوي عن عمر بن عبد العزيز: أن رجلا

وفي كتاب أبي نعيم: الأيمن.

وفي مسلم أيضًا: كبيضة الحمامة.

وفي صحيح الحاكم: شعر مجتمع.

وفي البيهقي: مثل السلعة.

__________

سأل ربه أن يريه موضع الشيطان من ابن آدم، فأرى جسدًا ممهى يرى داخله من خارجه، وأرى الشيطان في صورة ضفدع عند كتفه حذاء قلبه له خرطوم كخرطوم البعوضة، وقد أدخله في منكبه الأيسر إلى قلبه يوسوس إليه، فإذا ذكر الله تعالى العبد خنس، قال في الفتح: وهو مقطوع وله شاهد مرفوع عن أنس عند أبي يعلى وابن عدي، ولفظه: "أن الشيطان واضع خطمه على قلب ابن آدم" الحديث، وممهى بضم الميم الأولى وسكون الثانية وتخفيف الهاء اسم مفعول من أمهاه، أي: مصفى. وفي النهاية: أنه رأى ذلك منامًا قال: والمها البلور، وكل شيء صفى فهو ممهى تشبيهًا به زاد في الفائق أو مقلوب من مموه وهو مفعل من أصل الماء، أي: مجعول الماء.

"وفي كتاب أبي نعيم" عند نغض أو غضروف كتفه "الأيمن" ولا شك في شذوذ هذا لمباينته ما في الصحيح الواجب تقديمه، وعلم من تعبيره أولا باليسرى، وثانيًا بالأيمن، أن الكتف يذكر ويؤنث، وبه صرح ابن مالك. "وفي مسلم أيضًا" عن جابر بن سمرة أثناء حديث بلفظ: ورأيت الخاتم عند كتفه، "كبيضة" نقل بالمعنى، ولفظه: مثل بيضة "الحمامة" يشبه جسده، وأخرجه عنه أيضًا من وجه آخر مختصرًا بلفظ: رأيت خاتمًا في ظهر رسول الله صلى الله عليه وسلم كأنه بيضة حمام، ووقع في رواية لابن حبان: كبيضة نعامة. قال الحافظ الهيثمي: والصواب ما في الصحيح. وقال الحافظ ابن حجر: قد تبين من رواية مسلم أنها غلط من بعض رواته.

"وفي صحيح الحاكم" المستدرك: وكذا في الترمذي وأبي يعلى والطبراني كلهم من حديث عمرو بن أخطب، قال: قال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم: "ادن فامسح ظهري"، فدنوت ومسحت ظهره ووضعت أصابعي على الخاتم، فقيل له: وما الخاتم؟ قال: "شعر مجتمع" عند كتفه، أي: ذو شعر أو فيه شعر، فلا ينافي حديث أبي سعيد عن البخاري في تاريخه، والبيهقي: أنه لحمة ناتئة، وكأنه رآه على استعجال فلم ير إلا الشعر فأخبر عنه.

"وفي البيهقي" وأحمد وابن سعد من طرق عن أبي رمثة بكسر الراء وسكون الميم فثاء مثلثة، قال: انطلقت مع أبي إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فنظرت إلى "مثل السلعة" بين كتفيه بكسر فسكون فمهملة مفتوحة، أي: خراج كهيئة الغدة تتحرك بالتحريك، ورواه قاسم بن ثابت من

وفي الشمائل: بضعة ناشزة.

وفي حديث عمرو بن أخطب: كشيء يختم به.

وفي تاريخ ابن عساكر: مثل البندقة.

وفي الترمذي ودلائل البيهقي: كالتفاحة.

وفي الروض: كأثر المحجمة القباضة على اللحم.

وفي تاريخ ابن أبي خيثمة: شامة خضراء محتفرة في اللحم.

__________

حديث قرة بن إياس.

"وفي الشمائل" للترمذي عن أبي سعيد الخدري، قال: الخاتم الذي بين كتفي رسول الله صلى الله عليه وسلم "بضعة" بفتح الموحدة، وحكي كما في الفتح ضمها وكسرها أيضًا وسكون المعجمة، أي: قطعة لحم "ناشزة" بنون وشين مكسورة، فزاي معجمتين مرتفعة ولأحمد عنه لحم ناشز بين كتفيه، وللبيهقي والبخاري في التاريخ عنه لحمة ناتئة وكلتا الروايتين تفسر رواية بضعة. "وفي حديث" ابن أبي شيبة عن "عمرو بن أخطب" بفتح الهمزة وسكون المعجمة صحابي بدري خرج له مسلم والأربعة، "كشيء يختم به" لفظ ابن أبي شيبة عنه: رأيت الخاتم على ظهره صلى الله عليه وسلم هكذا؛ كأنه يختم به، أي: على صورة الآلة التي يختم بها. وفي الشمائل عنه: "شعرات مجتمعات، ومر لفظ الجماعة عنه: شعر مجتمع، فيحمل على أن مراده أن الشعرات على صورة الشيء الذي يختم به بلا منافاة.

"وفي تاريخ ابن عساكر" وتاريخ الحاكم وصحيح ابن حبان عن ابن عمر: "مثل البندقة" من اللحم "وفي" جامع "الترمذي ودلائل البيهقي" عن أبي موسى الأشعري"كالتفاحة" ولفظه: كان خاتم النبوة أسفل من غضروف كتفه مثل التفاحة.

"وفي الروض" الأنف على قول ابن هشام كان كأثر المحجم، يعني: "كأثر المحجمة" بكسر الميم "القابضة على اللحم" حتى يكون ناتئًا، انتهى كلام الروض. قال الشامي: هي الآلة التي يجتمع بها دم الحجامة عند المص، والمراد من أثرها اللحم الناتئ من قبضها عليه ويأتي أنه غير ثابت، أي: ضعيف. وقد رواه أحمد والبيهقي عن التنوخي رسول هرقل في حديثه الطويل بلفظ: فإذا أنا بخاتم في موضع غضروف الكتف، مثل المحجمة الضخمة.

"وفي تاريخ" أبي بكر "بن أبي خيثمة" عن بعضهم "شامة خضراء محتفرة" بالراء، أي: غائرة "في اللحم" مغطاة بالجلد.

وفيه أيضًا: شامة سوداء تضرب إلى الصفرة حولها شعرات متراكمات كأنها عرف الفرس.

وفي تاريخ القضاعي: ثلاث شعرات مجتمعات.

وفي كتاب الترمذي الحكيم: كبيضة حمام، مكتوب في باطنها: الله وحده لا شريك له، وفي ظاهرها: توجه حيث كنت فإنك منصور.

وفي كتاب المولد لابن عائذ: كان نورًا يتلألأ.

وفي سيرة ابن أبي عاصم: عذرة كعذرة الحمام....................

__________

"وفيه أيضًا" عن عائشة، قالت: كان خاتم النبوة "شامة سوداء تضرب إلى الصفرة حولها شعرات متراكمات" مجتمعات "كأنها عرف" بضم العين شعر عنق "الفرس" أي: في الاجتماع، ويأتي أنهما غير ثابتين.

"وفي تاريخ" أبي عبد الله محمد بن سلامة "القضاعي" بضم القاف وضاد معجمة وعين مهملة مر بعض ترجمته "ثلاث شعرات مجتمعات" بجره نعت لشعرات، ورفعه نعت لثلاث.

"وفي كتاب" نوادر الأصول للإمام الحافظ محمد بن علي "الترمذي الحكيم" الصوفي سمع الكثير من الحديث بالعراق ونحوه، وهو من طبقة البخاري حدث عن قتيبة بن سعيد وغيره، وحسبك فيه قول الحافظ ابن النجار في تاريخه: كان إمامًا من أئمة المسلمين له المصنفات الكبار في أصول الدين ومعاني الحديث، لقي الأئمة الكبار وأخذ عنهم. وقول أبي نعيم في الحلية: له التصانيف الكثيرة في الحديث، مستقيم الطريقة تابع للأثر له حكم عليه الشأن، وقول ابن عطاء الله: كان الشاذلي والمرسي يعظمانه جدًا، ولكلامه عندهما الحظوة التامة، ويقولان: هو أحد الأوتاد الأربعة. وأطال القشيري وغيره الثناء عليه، مات سنة خمس وتسعين ومائتين. "كبيضة حمامة مكتوب في باطنها" أي: البيضة، قال شيخنا: ولعل المراد ما يلي جسده الشريف. "الله وحده لا شريك له، وفي ظاهرها" قال شيخنا: لعل المراد ما يقابل الجهة التي خلفه "توجه حيث كنت" أي: إلى أي جهة أردت، فلا تفرق بين مكان ومكان، "فإنك منصور" ورواه أبو نعيم أيضًا ويأتي أنه غير ثابت، وقال في المورد: هو حديث باطل، انتهى. ولا يقدح في جلاله من خرجه؛ لأن المحدثين عندهم إذا أبرزوا الحديث بسنده برءوا من عهدته.

"وفي كتاب المولد" النبوي "لابن عائذ" بمهملة فتحتية فمعجمة عن شداد بن أوس "كان نورًا يتلألأ" أي: صورة ذات نور كأنه لشدته ما يمكن من وصفه بصورة يعبر بها عنه، "وفي سيرة ابن أبي عاصم عذرة كعذرة الحمام" في النهاية العذرة بالضم وجع في الحلق يهيج من الدم أو

قال أبو أيوب: يعني قرطمة الحمامة. وهي نقطة على أصل منقارها كما يأتي فليس المراد بالعذرة حقيقتها.

وفي تاريخ نيسابور: مثل البندقة من لحم مكتوب فيه باللحم: محمد رسول الله.

وعن عائشة: كتينة صغيرة تضرب إلى الدهمة، وكان مما يلي الفقار قالت: فلمسته حين توفي فوجدته قد رفع.

__________

قرحة تخرج في الخرم الذي بين الأنف والحلق.

"قال أبو أيوب: يعني قرطمة الحمامة وهي نقطة على أصل منقارها، كما يأتي فليس المراد بالعذرة حقيقتها وفي تاريخ نيسابور" بفتح النون لأبي عبد الله الحاكم، وكذا في صحيح ابن حبان من طريق إسحاق بن إبراهيم قاضي سمرقند: حدثنا ابن جريج، عن عطاء، عن ابن عمر، قال: كان خاتم النبوة على ظهره صلى الله عليه وسلم "مثل البندقة من اللحم مكتوب فيه باللحم" يحتمل أن اللحم بارز أو غائر بحروف "محمد رسول الله" ولا يتوهم أحد أنه بمداد مع قوله: باللحم، ويأتي أنه ضعيف وإنما قصر عزوه لتاريخ الحاكم لزيادته على ابن حبان لفظًا باللحم، ولقوله: "و" فيه أيضًا "عن عائشة" رضي الله عنها "كتينة صغيرة تضرب إلى الدهمة" بضم الدال السواد، "وكان مما يلي الفقار" بفتح الفاء وكسرها؛ كما في القاموس.

واقتصر المصباح على الفتح، فقال جمع فقارة كسحاب جمع سحابة عظام الظهر. "قالت فالتمسته حين توفي فوجدته قد رفع" أي: ظهوره، فاختفى في جسده كما تتقلص الأنثيان عند الوفاة، لا أنه نزع من جسده فلا ينافي قول شيخ الإسلام الولي ابن العراقي في جواب سؤال، وأما دفنه معه فلا شك فيه؛ لأنه قطعة من جسده، انتهى. وعليه: فهل يبعث به يوم القيامة ظاهرًا في جسده كالدنيا إظهارًا لشرفه بتلك العلامة التي لم تكن لغيره، فإن شامات الأنبياء كانت في أيديهم أم لا؟ فإن قيل: النبوة والرسالة باقيتان بعد الموت، كما هو مذهب الأشعري وعامة أصحابه؛ لأن الأنبياء أحياء في قبورهم فلم رفع ما هو علامة على ذلك؟

أجيب: بأنه لما وضع لحكمة هي تمام الحفظ والعصمة من الشيطان، وقد تم الأمن منه بالموت، لم يبق لبقائه من جسده فائدة، لكن توقف العلامة الشامي في رفعه عند الوفاة المروي هنا عن عائشة، قال: لا أظنه صحيحًا، فينظر سنده.

قال: وروى أبو نعيم والبيهقي من طريق الواقدي عن شيوخه، قالوا شكوا في موته صلى الله عليه وسلم، فقال بعضهم: مات، وبعضهم لم يمت، فوضعت أسماء بنت عميس يدها بين كتفيه صلى الله عليه وسلم،

حكى هذا كله الحافظ مغلطاي.

لكن قال في فتح الباري: ما ورد من أن الخاتم كان كأثر المحجم، أو الشامة السوداء أو الخضراء، أو المكتوب عليها: محمد رسول الله، أو: سر فإنك المنصور. لم يثبت منها شيء. قال: ولا تغتر بشيء مما وقع منها في صحيح ابن حبان، فإنه غفل حيث صحح ذلك.

وقال الهيثمي.................................

__________

فقالت: قد مات قد رفع الخاتم من بين كتفيه، قال: والواقدي متروك، بل كذبه جماعة.

"حكى هذا" الذي ساقه المصنف من اختلاف الروايات في قدر الخاتم "كله الحافظ مغلطاي" في الزهر الباسم مقرًا له ومن قبله الحافظ القطب الحلبي، وبقي من الروايات: أنه كركبة عنز، رواه الطبراني وابن عبد البر وأبو نعيم في المعرفة من حديث عباد بن عبد عمرو، وزاد: وكان صلى الله عليه وسلم يكره أن يرى الخاتم، وسنده ضعيف. ورواه ابن عساكر من طريق أبي يعلى، وقال: كركبة البعير. قال في الإصابة: وفي سنده من لا يعرف، وقال الشامي: هو وهم من بعض رواته؛ كأنه تصحف عليه كركبة عنز بركبة بعير، وأنه بين كتفيه كدارة القمر مكتوب فيها سطران، الأول: لا إله إلا الله، وفي السطر الأسفل: محمد رسول الله؛ رواه أحمد بن إسماعيل الدمشقي، قال في المورد والغرور: وهو باطل بين البطلان، وأنه كبيضة نعامة، رواه ابن حبان، ومر أنه غلط.

"لكن قال" شيخ الإسلام الحافظ ابن حجر "في فتح الباري: ما ورد من أن الخاتم كان كأثر المحجم" كما في الروض وغيره "أو الشامة السوداء أو الخضراء" كما في تاريخ ابن أبي خيثمة "أو المكتوب عليها محمد رسول الله"؛ كما في تاريخ الحاكم وغيره "أو سر فإنك المنصور" كما في النوادر، "لم يثبت منها شيء" بل بعضها باطل، وبعضها ضعيف، فلا معنى لذكرها مع السكوت عليها، قال -أعني الحافظ: وقد أطنب الحافظ قطب الدين في استيعابها في شرح السيرة، وتبعه مغلطاي ولم يبينا شيئًا من حالها، والحق ما ذكرته.

قال: ولا تغتر بشيء مما وقع منها في صحيح ابن حبان، فإنه غفل" بفتح الفاء وتكسر، ذكره الأنصاري، "حيث صحح ذلك" بإيراده في صحيحه المسمى بالأنواع والتقاسيم، "وقال" الحافظ نور الدين أبو الحسن علي بن أبي بكر بن سليمان "الهيثمي" رفيق أبي الفضل العراقي ولد سنة خمس وثلاثين وسبعمائة، ورافق العراقي في سماع الحديث ولازمه، وألف وجمع ومات في تاسع عشر رمضان سنة سبع وثمانمائة.

في "مورد الظمآن" بعد أن أورد الحديث ولفظه: مثل البندقة من اللحم مكتوب عليه: محمد رسول الله. اختلط على بعض الرواة خاتم النبوة بالخاتم الذي كان يختم به.

وبخط الحافظ ابن حجر على الهامش: البعض المذكور هو إسحاق ابن إبراهيم قاضي سمرقند وهو ضعيف.

وقوله: زر الحجلة -بالزاي والراء- والحجلة -بالحاء المهملة والجيم- قال النووي: هي واحدة الحجال، وهي بيت كالقبة، لها أزرار كبار وعرًا، هذا هو الصواب. وقال بعضهم: المراد بالحجلة: الطائر المعروف. وزرها بيضها، وأشار إليه الترمذي

__________

وفي نسخة: وقال شيخه الهيثمي: والضمير لصاحب فتح الباري؛ لأنه شيخه وذكره في مشايخه "في مورد الظمآن" إلى زوائد ابن حبان "بعد أن أورد الحديث، ولفظه: مثل البندقة من اللحم مكتوب عليه محمد رسول الله، اختلط على بعض الرواة خاتم النبوة بالخاتم الذي كان يختم به" صلى الله عليه وسلم "وبخط" تلميذه "الحافظ ابن حجر على الهامش: البعض المذكور هو إسحاق بن إبراهيم" راويه عن ابن جريج "قاضي سمرقند" بفتح المهملة والميم وسكون الراء وفتح القاف وسكون النون ودال مهملة: مدينة عظيمة، يقال لها اثنا عشر بابًا بين كل بابين فرسخ وهو معرب شمركند بالمعجمة والكاف، قال المجد: وإسكان الميم وفتح الراء لحن، "وهو ضعيف" فلا يعول على مروياته، ثم أخذ في تفسير بعض ما مر على عادتهم، فقال: "وقوله: زر الحجلة بالزاي والراء" بعدها في المشهور، وبه جزم عياض وغيره، وقيل قبلها: حكاه الخطابي، وفسره بأنه البيض، يقال: رزت الجرادة بفتح الراء وشد الزاي غرزت ذنبها في الأرض لتبيض، قال التوربشتي: وهو أوفق بظاهر الحديث، لكن الرواية لا تساعده. وقال في المفهم، العرب لا تسمي البيضة رزة ولا تؤخذ اللغة قياسًا والمصنف محتمل للقولين، "والحجلة بالحاء المهملة والجيم" المفتوحتين أو بسكون الجيم مع ضم الحاء أو كسرها.

"قال النووي" في شرح مسلم "هي واحدة الحجال، وهي بيت كالقبة لها أزرار كبار وعرا" جمع عروة، قال السيوطي وغيره: هي المعروفة الآن بالبخانة، "هذا هو الصواب" في تفسيرها، وبه جزم الأزهري، فقال في التهذيب: الحجلة بيت كالقبة يستر بالثياب ويجعل له باب من جنسه فيه زر وعروة تشد إذا أغلقت، قال القرطبي: وهو المشهور والأشبه بالمعنى، وبه جزم السهيلي، فالزر على هذا حقيقة؛ لأنها ذات أزرار وعرا.

"وقال بعضهم: المراد بالحجلة الطائر المعروف وزرها بيضها، وأشار إليه الترمذي"

وأنكره عليه العلماء.

وقوله: جمع -بضم الجيم وإسكان الميم- أي كجمع الكف، وصورته: أن تجمع الأصابع وتضمها.

وقوله: خيلان -بكسر الخاء المعجمة وإسكان التحتية- جمع خال، وهو الشامة على الجسد.

وقوله: نغض -بالنون والغين والضاد، المعجمتين- قال النووي: النُّغْض والنَّغْض والناغض: أعلى الكتف، وقيل هو العظم الرقيق الذي على طرفه، وقيل: ما يظهر منه............

__________

فقال في جامعه: المراد بالحجلة هذا الطائر وزرها بيضها "وأنكره عليه العلماء"؛ لأن اللغة لا تساعد على الزر بمعنى البيض وحمله على الاستعارة تشبيهًا لبيضها بأزرار الحجال إنما يصار إليه إذا ورد ما يصرف اللفظ عن ظاهره، لكن قال ابن الأثير: يشهد له حديث مثل بيضة الحمامة، وقيل: المراد بالحجلة من حجل الفرس، نقله البخاري في الصحيح عن محمد بن عبيد الله، واستبعده السهيلي بأن التحجيل إنما يكون في القوائم؛ وأما الذي في الوجه، فهو الغرة.

قال الحافظ: وهو كما قال: إلا أن منهم من يطلقه على ذلك مجازًا، وكأنه أراد أنها قدر الزور إلا فالغرة لا زر لها، انتهى. وفيه ما قد يجاب به عن قول ابن قرقول: إن كان سمى البياض بين عيني الفرس حجلة لكونها بياضًا؛ كما سمي بياض القوائم تحجيلا، فما معنى الزر؟ مع هذا لا يتجه لي فيه وجه. "وقوله: جمع، بضم الجيم" جزم به ابن الأثير وغيره وحكى ابن الجوزي وابن دحية كسرها، وجزم به في المفهم. "وإسكان الميم، أي: كجمع الكف، وهو صورته بعد أن تجمع الأصابع وتضمها" أي: الأصابع إلى باطن الكف؛ كالقابض على شيء هذا المتبادر، واحتمال أن ذلك مع انتشارها بعيد جدًا، بل يمنعه جواب عياض الآتي في المتن، وتفسير المصنف هذا حكاه في الروض عن القتيبي، وصدر بقوله: يعني كالمحجمة لا كجمع الكف، ومعناه كمعنى الأول، أي: كأثر الجمع، كذا قال: وهو تكلف والمتبادر تفسير ابن قتيبة، وقد تبعه عليه عياض والنووي والمصنف وغيرهم، الآتي.

"وقوله خيلان بكسر الخاء المعجمة وإسكان التحتية جمع خال، وهو الشامة على الجسد" جمعها شام وشامات، "وقوله: نغض، بالنون" تضم وتفتح "والغين" الساكنة "والضاد المعجمتين، قال النووي: النغض" بضم النون "والنغض" بفتحها "والناغض" بألف بين النون والغين، "أعلى الكتف" وهو رأس لوحه، "وقيل: هو العظم الرقيق الذي على طرفه، وقيل: ما يظهر منه.

عند التحرك بأعضاء التحرك، سمي ناغضًا للحركة.

وقوله: بضعة ناشزة -بالمعجمة والزاي- قطعة لحم مرتفعة على جسده. وبيضة الحمامة: معروفة. انتهى.

والثآليل -بالمثلثة- جمع ثؤلول: وهو حب يعلو ظاهر الجسد، واحدته كالحمصة فما دونها.

وفي القاموس: وقرطمتا الحمام -أي بكسر القاف- نقطتان على أصل منقاره.

وقال بعض العلماء: اختلفت أقوال الرواة في خاتم النبوة، وليس ذلك باختلاف، بل كل شبه بما سنح له، وكلها ألفاظ مؤداها واحد، وهو: قطعة لحم، ومن قال: شعر، فلأن الشعر حوله متراكم عليه، كما في الرواية الأخرى.

__________

عند التحرك بأعضاء التحرك"، وفي شرح مسلم للآبي، قال المازري: قال شمر: الناغض من الإنسان أصل العنق حيث ينغض رأسه ونغض الكتف هو العظم الرقيق على طرفه. وقال غيره: الناغض فرع الكتف، "سمي نغضًا للحركة" ومنه قيل للظلم ناغض؛ لأنه يحرك رأسه إذا عدا، أي: جرى. وقال النووي: ناغض الكتف ما رق منه، سمي بذلك لنغوضه، أي: لتحركه، نغض رأسه حركه، ومنه قوله تعالى: {فَسَيُنْغِضُونَ إِلَيْكَ رُءُوسَهُمْ} [الإسراء: 51] ، أي: يحركونها استهزاء.

"وقوله: بضعة ناشزة بالمعجمة" المكسورة "والزاي قطعة لحم مرتفعة على جسده وبيضة الحمامة معروفة، انتهى" كلام النووي. "والثآليل بالمثلثة، جمع ثؤلول" بهمزة ساكنة وزان عصفور، ويجوز تخفيف الهمزة بإبدالها واوًا، "وهو حب يعلو ظاهر الجسد، واحدته كالحمصة فما دونها" وفي المفهم الخيلان جمع خال، وهي نقط سود كانت على الخاتم شبهها لسعتها بالثآليل، لا أنها كانت ثآليل، انتهى.

"وفي القاموس: وقرطمتا الحمام" قال المصنف "أي: بكسر القاف" لأن صاحب القاموس عطفه على قوله: وقرطمة بالكسر بلدة بالأندلس، وقرطمتا الحمام. "نقطتان على أصل منقاره، وقال بعض العلماء: اختلفت أقوال الرواة في خاتم النبوة" على نحو عشرين قولا، "وليس ذلك باختلاف" حقيقي "بل كل شبه بما سنح" ظهر "له" لأنه صلى الله عليه وسلم كان يستهر وواصفه أما رآه من غير قصد؛ كما في حديث عمرو بن أخطب: أو أراه له عليه السلام كما في قصة سلمان مع مزيد ما حواه صلى الله عليه وسلم من المهابة، "وكلها ألفاظ مؤداها واحد، وهو طعة لحم" بارزة عليها شعرات، "فمن قال: شعر فلأن الشعر حوله متراكم" مجتمع "عليه؛ كما في الرواية الأخرى" عن

وقال القرطبي: الأحاديث الثابتة دالة على أن خاتم النبوة كان شيئًا بارزًا أحمر عند كتفه الأيسر، إذا قلل، قدر بيضة الحمامة، وإذا كثر: جمع اليد.

وقال القاضي عياض: وهذه الروايات متقاربة، متفقة على أنه شاخص في جسده، قدر بيضة الحمامة، وزر الحجلة. وأما رواية جمع الكف فظاهرها المخالفة، فتتأول على وفق الروايات الكثيرة............................

__________

عائشة، فإن أشكل برواية محتفرة في اللحم، أجيب: بأنها إن صحت يجوز أن حولها احتفار ليزداد ظهورها وتميزها عن الجلد.

"وقال" أبو العباس أحمد بن عمر بن إبراهيم الأنصاري "القرطبي" المالكي الفقيه المحدث نزيل الإسكندرية ومدرسها، ولد سنة ثمان وسبعين وخمسمائة، وتوفي في ذي القعدة سنة ست وخمسين وستمائة، واختصر الصحيحين، وصنف المفهم في شرح صحيح مسلم، فقال فيه: "الأحاديث الثابتة دالة" وفي نسخة: تدل "على أن خاتم النبوة كان شيئًا بارزًا أحمر عند كتفه الأيسر إذا قلل" قيل فيه: هو "قدر بيضة الحمامة، وإذا كثر" قيل فيه: هو "جمع اليد" أي: قدره فقدر وجمع مرفوعان ويجوز النصب بتقدير كان، وحاصله: أن اختلافه باختلاف الأحوال، وكذا يقال في الاختلاف في لونه.

"قال القاضي" أبو الفضل "عياض" بن موسى بن عياض السبتي الدار والبلاد الأندلسي الأصل، حافظ مذهب مالك الأصولي العلامة الحافظ إمام المحدثين وأعرف الناس بعلومه وبالتفسير وفنونه وبالنحو واللغة وكلام العرب وأيامهم وأنسابهم، شاعر بليغ حليم صبور جواد كثير الصدقة صاحب التصانيف المشهورة؛ كشرح مسلم والشفاء والأعلام والمشارق، وهو كتاب لو وزن بالجوهر أو كتب بالذهب كان قليلا فيه، وفيه أنشد:

مشارق أنوار تبدت بسبتة ... ومن عجب كون المشارق بالغرب

ولد بسبتة سنة ست وسبعين وأربعمائة، وتوفي متغربًا عن وطنه في شهر رمضان أو جمادى الآخر سنة أربع وأربعين وخمسمائة، ودفن بمراكش، وقيل مات مسمومًا سمه يهودي. "وهذه الروايات" الإشارة إلى جملة روايات ذكرها في شرح مسلم: هي مثل بيضة الحمامة وبضعة ناشزة ومثل السلعة وزر الحجلة، عند ناغض كتفه اليسرى جمعًا، ثم قال: وهذه الروايات كلها "متقاربة" في المعنى "متفقة على أنه شاخص" بارز مرتفع "في جسده قدر بيضة الحمامة، وزر الحجلة" أي: وعليه شعر، ولما كان ذا الجمع شاملا للروايات السابقة، كلها ذكره المصنف عقبها، ولم يبال بأن عياضًا إنما ذكره عقب الروايات المذكورة عنه.

"وأما رواية جمع الكف، فظاهرها المخالفة. فتتأول" تحمل "على وفق الروايات الكثيرة،

ويكون معناه: على هيئة جمع الكف، لكنه أصغر منه في قدر بيضة الحمامة. قال: وهذا الخاتم هو أثر شق الملكين بين كتفيه.

قال النووي: هذا الذي قاله ضعيف، بل باطل، لأن شق الملكين إنما كان في صدره وبطنه. انتهى.

ويشهد له قول أنس في حديث عند مسلم, يأتي في ذكر قلبه الشريف، من المقصد الثالث، إن شاء الله تعالى: فكنت أرى أثر المخيط في صدره.

لكن أجيب: بأن في حديث عتبة بن عبد السلمى -عند أحمد والطبراني- أن الملكين لما شقا صدره قال أحدهما..................................

__________

ويكون معناه على هيئة جمع الكف، لكنه أصغر منه في قدر بيضة الحمامة" وتبعه على ذا الجمع النووي، "قال" يعني عياضًا: "وهذا الخاتم هو أثر شق الملكين بين كتفيه، قال النووي: هذا الذي قاله ضعيف بل باطل؛ لأن شق الملكين إنما كان في صدره وبطنه، انتهى" وفي المفهم: هذا غلط من عياض؛ لأن الشق إنما كان في صدره وأثره إنما كان خطأ واضحًا من صدره إلى مراق بطنه؛ كما في الصحيح، ولم يرد قط في رواية أنه بلغ بالشق حتى نفذ من وراء ظهره، ولو ثبت لزم عليه أن يكون مستطيلا من بين كتفيه إلى أسفل بطنه؛ لأنه الذي يحاذي الصدر من مسيرته إلى مراق البطن، قال: فهذه غفلة من القاضي، قال: ولعل هذا الغلط وقع من بعض الناسخين لكتابه، فإنه لم يسمع عليه فيما علمت، انتهى.

"ويشهد له قول أنس في حديث عند مسلم يأتي في ذكر قلبه الشريف من المقصد الثالث إن شاء الله تعالى، فكنت أرى أثر المخيط" بكسر الميم: ما يخاط به، "في صدره" صلى الله عليه وسلم، وظاهره: أنه كان بآلة كالشق وبدل له قول الملك في حديث أبي ذر: خط بطنه فخاطه، صلى الله عليه وسلم وظاهره: أنه كان بآلة كالشق ويدل له قول الملك في حديث أبي ذر: خط بطنه فخاطه، وقوله في حديث عتبة بن عبد حصه فحاصه، وقد وقع السؤال عن ذلك ولم يجب عنه أحد، ولم أر من تعرض له بعد التتبع.

وأما قوله: "وأتيت بالسكينة فوضعت في صدري"، فالصواب كما قال ابن دحية: تخفيف السكينة لذكرها بعد شق البطن، خلافًا للخطابي ذكره الشامي.

"لكن أجيب" عن عياض؛ كما ذكره الحافظ متبرئًا من الاعتراض عليه، "بأن في حديث عتبة بن عبد" بلا إضافة "السلمى" أبي الوليد صحابي شهير أول مشاهده قريظة، مات سنة سبع وثمانين، ويقال: بعد السبعين، وقد قارب المائة رضي الله عنه. "عند أحمد والطبراني" وغيرهما ويأتي لفظه قريبًا، "أن الملكين لما شقا صدره" صلى الله عليه وسلم، وهو في بني سعد بن بكر، "قال أحدهما

للآخر: خطه، فخاطه وختم عليه بخاتم النبوة، فلما ثبت أن خاتم النبوة بين كتفيه حمل القاضي عياض ذلك على أن الشق لما وقع في صدره، ثم خيط حتى التأم كما كان، ووقع الختم بين كتفيه كان ذلك أثر الختم. وفهم النووي وغيره منه: قوله بين كتفيه متعلق بالشق وليس كذلك، بل هو متعلق بأثر الختم، وحينئذ فليس ما قاله القاضي عياض باطلا، انتهى،

__________

للآخر: خطه فخاطه" نقل بالمعنى، وإلا فالرواية حصه فحاصه، قال الشامي: بمهملة مضمومة، أي: خطه يقال حاص الثوب يحوصه حوصًا، إذا خاطه. "وختم عليه بخاتم النبوة، فلما ثبت أن خاتم النبوة كان بين كتفيه، حمل القاضي عياض ذلك على أن الشق لما وقع في صدره، ثم خيط حتى التأم" عاد "كما كان، ووقع الختم بين كتفيه كان ذلك أثر" عقب "الختم، وفهم النووي وغيره" كالقرطبي "منه قوله: بين كتفيه، متعلق بالشق" فغلطوه "وليس كذلك" أي: كما فهموه "بل هو متعلق بأثر الختم".

قال الحافظ: ويؤيده ما في حديث شداد عند أبي يعلى وأبي نعيم: أن الملك لما أخرج قلبه وغسله ثم أعاده ختم عليه بخاتم في يده من نور، فامتلأ نورًا وذلك نور النبوة والحكمة، فيحتمل أن يكون ظهر من وراء ظهره عند كتفه الأيسر؛ لأن القلب في تلك الجهة. وفي حديث عائشة عند الطيالسي والحارث وأبي نعيم: "أن جبريل وميكائيل لما تراءيا له عند المبعث هبط جبريل فسبقني لحلاوة القفا، ثم شق عن قلبي فاستخرجه ثم غسله في طست من ذهب بماء زمزم، ثم أعاده مكانه لأمه، ثم ألقاني وختم في ظهري حتى وجدت مس الخاتم في قلبي، وقال: "اقرأ" وذكر الحديث، فهذا مسند القاضي. "وحينئذ فليس ما قاله القاضي عياض باطلا انتهى" جواب الحافظ رحمه الله.

وأجاب أبو عبد الله الآبي بأنه نص في حديث أبي ذر أن وضع الخاتم كان بعد الشق، قال: فلفظة أثر في كلام القاضي ليست بفتح الهمزة والثاء، وإنما هي بكسر الهمزة وسكون الثاء، ويتخرج الكلام على حذف مضاف تتعلق به لفظة بين، أي: وضع هذا الخاتم بين كتفيه أثر شق الصدر والكلام مستقيم دون غلط، ولا بطلان وإنما جاء ما فهماه من قبيل التصحيف، انتى. وفي نسيم الرياض: حديث أبي ذر المذكور موافق لكلام عياض سواء قرئ أثر بفتحتين أو بكسر فسكون. أما الثاني فظاهر، وأما على الأول، فلأنه لما وقع بعده وبسببه جعل أثرًا، انتهى.

وأجاب بعضهم بأن قوله بين كتفيه خبر بعد خبر؛ لقوله هو فقد تحامل من اعترض عياضًا؛ لأن مثل هذا ظاهر جدًا.

وقال السهيلي: والصحيح أنه -يعني خاتم النبوة- كان عند نغض كتفه الأيسر.

واختلف هل ولد وهو به؟ أو وضع بعد ولادته؟ على قولين.

وقد وقع التصريح بوقت وضع الخاتم، وكيف وضع، ومن وضعه، في حديث أبي ذر.....................................

__________

"قال السهيلي: والصحيح أنه يعني خاتم النبوة كان عند نغض كتفه الأيسر" كما في مسلم، ففيه رد رواية الأيمن ووقع في حديث شداد في مغازي ابن عائذ في قصة شق صدره، وهو في بلاد بني سعد بن بكر، وأقبل الملك وفي يده خاتم له شعاع فوضعه بين كتفيه وثدييه، قال الحافظ: وتبعوه وهذا قد يؤخذ منه أن الختم وقع في موضعين من جسده، ومنعه شيخنا بجواز أن الختم وقع بين كتفيه في مقابلة ما بين الثديين فيكون الغرض تعيين موضعه عنده، قلت: وهو وجيه، لولا مباينته لما في مسلم أنه نغض كتفه المفسر بأعلى الكتف.

"واختلف" في جواب قول السائل: "هل ولد وهو به أو وضع بعد ولادته على قولين؟ " فقيل: ولد به، نقله ابن سيد الناس، ورده في الفتح بأن مقتضى الأحاديث السابقة أن الخاتم لم يكن موجودًا حين ولادته، قال: ففيها تعقب على من زعم أنه ولد به، واختلف القائلون بالثاني، فقيل: حين ولد، نقله مغلطاي عن يحيى بن عائذ، وورد به حديث ابن عباس عند أبي نعيم وغيره وفيه نكارة، قيل: عند شق صدره وهو في بني سعد. وورد في حديث عتبة بن عبد عند أحمد والطبراني وقطع به عياض.

قال الحافظ: وهو الأثبت. وفي حديث عائشة المار قريبًا أنه عند المبعث، وعند أبي يعلى وابن جرير الحاكم في حديث المعراج من حديث أبي هريرة: ثم ختم بين كتفيه بخاتم النبوة وطريق الجمع أن الختم تكرر ثلاث مرات في بني سعد، ثم عند المبعث، ثم ليلة الإسراء؛ كما دلت عليه الأحاديث، ولا بأس بهذا الجمع، فإن فيه إعمال الأحاديث كلها إذ لا داعي لرد بعضها وإعمال بعضها، لصحة كل منها، وإليه أشار الشامي؛ كما مر. وأما رواية بعد الولادة فضعيفة، وأما أنه ولد به، فضعيف أيضًا بطلب زاعمه، بدليله.

"وقد وقع التصريح بوقت وضع الخاتم، وكيف وضع، ومن وضعه في حديث أبي ذر" جندب بن جنادة أو يزيد ابن جنادة أو جندب بن سكن أو خلف بن عبد الله الغفاري قديم الإسلام، ذي الزهد الزائد والفضل المنوه عليه بقول خير شاهد: "ما أظلت الخضراء وما أقلت الغبراء بعد النبيين امرأ أصدق لهجة من أبي ذر"، وأخرجه أحمد والترمذي وابن ماجه.

عند البزار وغيره قال: قلت يا رسول الله: كيف علمت أنك نبي، وبم علمت أنك نبي حتى استيقنت؟ قال: $"أتاني آتيان، وفي رواية ملكان، وأنا ببطحاء مكة، فوقع أحدهما بالأرض، وكان الآخر بين السماء والأرض، فقال أحدهما لصاحبه: أهو هو؟ قال: هو هو، قال: زنه برجل" ... الحديث............................

__________

وذكر ابن الربيع أنه سكن مصر مدة ثم خرج منها لما رأى اثنين تنازعا في موضع لبنة؛ كما أمره صلى الله عليه وسلم وحديثه في مسلم وغيره، مات بالربذة في ذي الحجة سنة اثنتين وثلاثين، "عند البزار وغيره" كالدارمي وابن أبي الدنيا وابن عساكر والروياني والضياء في المختارة، "قال: قلت: يا رسول الله! " أخبرني "كيف علمت أنك نبي وبم؟ " بأي دليل "علمت أنك نبي حتى استيقنت" أي: تيقنت، أي: علمت، "أتاني آتيان"، وفي رواية: "ملكان" هما جبريل وميكائيل كما في النور، أتياه في صورة طائرين، فروى أحمد والدارمي والحاكم وصححه والطبراني والبيهقي وأبو نعيم عن عتبة بن عبد: أنه صلى الله عليه وسلم قال: "كانت حاضنتي من بني سعد بن بكر، فانطلقت أنا وابن لها في بهم لنا ولم نأخذ معنا زاد، فقلت: يا أخي اذهب فأتنا بزاد من عند أمنا، فانطلق أخي ومكثت عند البهم، فأقبل إليّ طيران كأنهما نسران، فقال أحدهما لصاحبه: أهو هو؟ قال: نعم، فأقبلا يبتدراني فأخذاني فبطحاني للقفا فشقا بطني ثم استخرجا قلبي فشقاه، فأخرجا منه علقتين سوداوين، فقال أحدهما لصاحبه: ائتني بماء ثلج فغسلا به جوفي، ثم قال: ائتني بماء برد، فغسلا به قلبي، ثم قال: ائتني بالسكينة فذراها في قلبي، ثم قال أحدهما لصاحبه: حصه، فحاصه وختم عليه بخاتم النبوة" الحديث.

ولابن إسحاق ورواه البيهقي عن يحيى بن جعدة مرسلا يرفعه: "أن ملكين جاءاني في صورة كركيين معهما ثلج وبرد وماء بارد، فشق أحدهما بمنقاره صدري ومج الآخر بمنقاره فيه فغسله" قلت: فإن صحت هذه الرواية أفادت آلة الشق في هذه المرة، لكن قال السهيلي: هي رواية غريبة ذكرها يونس عن ابن إسحاق.

"وأنا ببطحاء مكة" أي: بنواحيها؛ لأنه كان في بني سعد وليست بمكة إذ الأبطح بمكة المحصب، ولعله قال ذلك ليبين أنه في ابتداء أمره، إذ جوابه لأبي ذر كان بالمدينة وبهذا اندفع قول السهيلي: أنه وهم من بعض الرواة، ولم يقع في رواية البزار بطحاء مكة، انتهى.

"فوقع" نزل "أحدهما بالأرض، وكان الآخر بين السماء والأرض، فقال أحدهما لصاحبه: أهو هو؟ قال: هو هو، قال: زنه برجل" ... الحديث, أسقط منه ما لفظه: "فوزنني برجل فرجحته، ثم قال: زنه بعشرة فوزنني بعشرة فرجحتهم، ثم قال: زنه بألف فوزنني فرجحتهم، فجعلوا ينثرون علي من كفة الميزان؛ فقال أحدهما للآخر: لو وزنته بأمته رجحها".

وفيه: "ثم قال أحدهما لصاحبه: شق بطنه، فشق بطني فأخرج قلبي فأخرج منه مغمز الشيطان".

__________

"وفيه" عقب هذا، "ثم قال أحدهما لصاحبه: شق بطنه، فشق بطني فأخرج قلبي فأخرج منه مغمز الشيطان" بفتح الميمين وإسكان الغين المعجمة هكذا ضبطه البرهان وضبطه الشامي بكسر الميم الثانية، فالله أعلم. قال في العيون: وهو الذي يغمزه الشيطان من كل مولود إلا عيسى وأمه؛ لقول أمها حنة: {إِنِّي أُعِيذُهَا بِكَ وَذُرِّيَتَهَا مِنَ الشَّيْطَانِ الرَّجِيمِ} .

ولأنه لم يخلق من مني الرجال وإنما خلق من نفخة روح القدس.

قال السهيلي: ولا يدل هذا على فضله على المصطفى صلى الله عليه وسلم؛ لأنه عند نزع ذلك منه ملئ حكمة وإيمانا بعد أن غسله روح القدس بالثلج والبرد، زاد البرهان: وقوله: "مغمز الشيطان" محل نظر، فإن جاء بسند صحيح فمؤول. وقد رواه مسلم، وقال: "هذا حظ الشيطان منك" انتهى. قلت: لا شك في صحة إسناده فقد صححه الضياء، وقد قال العلماء: إن تصحيحه أعلى من تصحيح الحاكم، وتأويله سهل هو أن هذا محل الغمز والغمز عبارة عما يؤلمه ويؤذيه، فهو من الأمراض الحسية التي الأنبياء فيها كغيرهم. وقد قال السهيلي: إنما كان ذلك المغمز فيه لموضع الشهوة المحركة للمني، وذلك المغمز راجع إلى الأب دون الابن المطهر صلى الله عليه وسلم، انتهى.

وقوله: وقد رواه: أي: الحديث من حيث هو لا حديث أبي ذر؛ كما قد يوهمه فإن مسلمًا إنما رواه من حديث أنس: أنه صلى الله عليه وسلم أتاه جبريل وهو يلعب مع الغلمان فأخذه وصرعه فشق عن قلبه واستخرج القلب ثم شق القلب، فاستخرج منه علقة، فقال: هذا حظ الشيطان منك، ثم غسله في طست من ذهب بماء زمزم ثم لأمه، فأعاده مكانه وجعل الغلمان يسعون إلى أمه -يعني ظئره- فقالوا: إن محمدًا قد قتل، فجاءوا وهو منقطع اللون، قال أنس: فلقد كنت أرى أثر المخيط في صدره؛ ورواه أحمد أيضًا عنه. وفي الصحيحين عن أبي هريرة، عنه صلى الله عليه وسلم: "فلقد كنت أرى أثر المخيط في صدره"، ورواه أحمد أيضًا عنه. وفي الصحيحين عن أبي هريرة، عنه صلى الله عليه وسلم: "ما من مولد يولد إلا نخسه الشيطان، فيستهل صارخًا من نخسة الشيطان، إلا ابن مريم وأمه"، قال أبو هريرة: اقرءوا إن شئتم: {إِنِّي أُعِيذُهَا بِكَ وَذُرِّيَتَهَا مِنَ الشَّيْطَانِ الرَّجِيمِ} ، قال عياض: يريد أن الله قبل دعاءها مع أن الأنبياء معصومون. وفي رواية: فذهب ليطعن في خاصرته فطعنه من الحجاب، قال النووي: أشار عياض إلى أن جميع الأنبياء يشاركون عيسى في هذه الخصوصية، انتهى. وقد تعقب الآبي عياضًا بأن هذا الطعن من الأمراض الحسية والأنبياء فيها كغيرهم، فيحمل الحديث على العموم إلا فيما استثني ولا يحتاج لقوله: الأنبياء معصومون, انتهى.

وعلق الدم فطرحهما، فقال أحدهما لصاحبه: اغسل بطنه غسل الإناء، واغسل قلبه غسل الملاء، ثم قال أحدهما لصاحبه: خط بطنه، فخاط بطني وجعل الخاتم بين كتفي كما هو الآن، ووليا عني، وكأني أرى الأمر معاينة".

__________

قال الطيبي: النخس عبارة عما يؤلمه ويؤذيه، لا كما زعمت المعتزلة أنه تخييل واستهلاله صارخًا منه تصوير لطعمه فيه، انتهى. وقول الزمخشري: المراد بالمس الطمع في إغوائه واستثناء مريم وابنها لعصمتهما، ولما لم يخص هذا المعنى بهما عم الاستثناء كي من يكون على صفتهما شنع عليه التفتازاني بأنه إما تكذيب للحديث بعد صحته، وإما قول بتعليل الاستثناء والقياس عليه وليت شعري من أين ثبت تحقق طمع الشيطان ورجائه في أن هذا المولود محل لإغوائه ليلزمنا إخراج كل ما لا سبيل له إلى إغوائه فلعله يطمع في إغواء من سوى مريم وابنها ولا يتمكن منه، وقال قبل ذلك: طعن الزمخشري في الحديث بمجرد أنه لم يوافق هواه وإلا فأي مانع من أن يمس الشيطان المولود حين يولد بحيث يصرح كما يرى ويسمع، وليست تلك المسة للإغواء، انتهى.

"وعلق الدم فطرحهما" صريح في أنه غير المغمز، وفي حديث عتبة بن عبد: "ثم استخرجا قلبي فشقاه، ثم أخرجا منه علقتين سوداوين" قال الشامي: فتكون إحداهما محل غمز الشيطان والأخرى منشأ الدم الذي قد يحصل منه إضرار في البدن، وعلى هذا فلا حاجة لما أجيب به عن حديث العلقتين؛ باحتمال أنها علقة واحدة انقسمت عند خروجها قسمين، فسمي كل جزء منها علقة مجازًا. "فقال أحدهما لصاحبه: اغسل بطنه غسل الإناء، واغسل قلبه غسل الملاء" جمع ملاءة بالضم والمد: الثوب الذي يتغطى ب، وأسقط المصنف من حديث أبي ذر هذا، ما لفظه: ثم دعا بسكينة كأنها برهرة بيضاء، فأدخلت قلبي.

قال السهيلي: البرهرة بصيص البشرة، وزعم الخطابي: أنه أراد بها سكينة بيضاء صافية الحديد، متمسكًا بأنه عثر على رواية فيها، فدعا بسكينة كأنها درهمة بيضاء، قال ابن الأنباري: هي السكينة المعوجة الرأس، التي تسميها العامة: المنجل بالجيم، قال ابن دحية: والصواب السكينة بالتخفيف لذكرها بعد شق البطن، فإنما عنى بها فعلية من السكون وهي أكثر ما تأتي في القرآن بمعنى السكون والطمأنينة.

"ثم قال أحدهما لصاحبه: خط بطنه، فخاط بطني" هذا لفظ حديث أبي ذر، وحديث عتبة: حصه فحاصه؛ كما مر. "وجعل الخاتم بين كتفي، كما هو الآن" فصرح بأنه ما ولد بالخاتم، وإن واضعه الملك وكيفية وضعه، "ووليا عني وكأني أرى الأمر" الآن "معاينة" أي: عيانًا إشارة إلى شدة استحضاره، وهذا الحديث وإن أورده الشامي في أحاديث فيها ذكر شق

وعند أبي نعيم في الدلائل: أنه صلى الله عليه وسلم لما ولد، ذكرت أمه أن الملك غمسه في الماء الذي أنبعه ثلاث غمسات، ثم أخرج سرقة من حرير أبيض، فإذا فيها خاتم فضرب على كتفه كالبيضة المكنونة، تضيء كالزهرة.

وقيل: ولد به.

روى الحاكم في المستدرك عن وهب بن منبه قال: لم يبعث الله نبيًا إلا وقد كان عليه شاما



كلمات دليلية: