withprophet faceBook withprophet twitter withprophet instagram withprophet youtube withprophet new withprophet pinterest


صورة كتاب النبى الى هرقل

صورة كتاب النبى الى هرقل


ارسال الرسل الى الملوك

وفى هذه السنة كان ارسال الرسل الى الملوك* فى الوفاء وفى أوّل السنة السابعة كتب الى الملوك* وفى أسد الغابة فى سنة سبع بعث الرسل الى الملوك بغير لفظ الاوّل وقيل كان ارسال الرسل فى آخر سنة ست وجمع بعضهم بين القولين بان ارسال الرسل كان فى السنة السادسة ووصولهم الى المرسل اليهم كان فى السابعة* وفى المواهب اللدنية بعث ستة نفر فى يوم واحد فى المحرم سنة سبع وذكر القاضى عياض فى الشفاء مما عزاه الى الواقدى انه أصبح كل رجل منهم يتكلم بلسان القوم الذين بعثه اليهم انتهى وكان ذلك معجزة لرسول الله صلى الله عليه وسلم* وفى المنتقى خرجوا مصطحبين فى ذى الحجة الحرام* وفى شواهد النبوّة ومن أواخر ذى الحجة الحرام من السنة السادسة على القول الاظهر الى أوّل المحرم من السنة السابعة بعث الرسل الى أرباب الاديان* وفى الاكتفاء ان رسول الله صلى الله عليه وسلم خرج على أصحابه ذات يوم بعد عمرته التى صدّ عنها يوم الحديبية فقال يا أيها الناس ان الله بعثنى رحمة وكافة فأدّوا

عنى يرحمكم الله ولا تختلفوا علىّ كما اختلف الحواريون على عيسى فقال أصحابه وكيف اختلف الحواريون يا رسول الله فقال دعاهم الى الذى دعوتكم اليه فأما من بعثه مبعثا قريبا فرضى وسلم وأما من بعثه مبعثا بعيدا فكره وجهه وتثاقل فشكا ذلك عيسى الى الله تعالى فأصبح المتثاقلون وكل واحد منهم يتكلم بلغة الامّة التى بعث اليها* وروى انه صلى الله عليه وسلم بعد ما صاغ الخاتم دعا بالكاتبين فكتبوا ستة كتب الى ستة ملوك وأسماؤهم هذه* النجاشى ملك الحبشة وقيصر ويقال هرقل عظيم الروم وكسرى حاكم فارس والمدائن والمقوقس صاحب الاسكندرية ومصر والحارث والى تخوم الشام ودمشق وثمامة بن أثال وهوذة بن على الحنفيين ملكى اليمامة وقائديها ودعا ستة من أصحابه ودفع الى كل واحد منهم كتابا وبعثه الى واحد من هؤلاء الملوك فبعث عمرو بن أمية الضمرى الى النجاشى ودحية بن خليفة الكلبى الى قيصر وعبد الله بن حذافة السهمى الى كسرى وحاطب بن أبى بلتعة اللخمى الى المقوقس والشجاع بن وهب الاسدى الى الحارث بن أبى شمر الغسانى وسليط بن عمرو العامرى الى ثمامسة وهوذة*

(ذكر كتاب النبىّ صلى الله عليه وسلم الى النجاشى مع عمرو بن أمية الضمرى)

* روى ان النبىّ صلى الله عليه وسلم بعث عمرا الى النجاشى فى شأن جعفر بن أبى طالب وأصحابه وكتب اليه كتابين أحدهما يدعوه فيه الى الاسلام ويتلو عليه القرآن فكتب فيه* بسم الله الرحمن الرحيم من محمد رسول الله الى النجاشى ملك الحبشة أما بعد فانى أحمد اليك الله الذى لا اله الا هو الملك القدّوس السلام المؤمن المهيمن وأشهد ان عيسى ابن مريم روح الله وكلمته ألقاها الى مريم البتول الطاهرة المطهرة الطيبة الحصينة فحملت بعيسى فخلقه الله من روحه ونفخه كما خلق آدم بيده وانى أدعوك الى الله وحده لا شريك له والموالاة على طاعته فان تابعتنى وتؤمن بالذى جاءنى فانى رسول الله وانى أدعوك وجنودك الى الله تعالى وقد بلغت ونصحت فاقبلوا نصحى وقد بعثت اليك ابن عمى جعفرا ومعه نفر من المسلمين والسلام على من اتبع الهدى* فأخذ كتاب رسول الله صلى الله عليه وسلم ووضعه على عينيه ونزل من سريره وجلس على الارض تواضعا فقال أشهد بالله انه النبىّ الامىّ الذى ينتظره أهل الكتاب وان بشارة موسى براكب الحمار كبشارة عيسى براكب الجمل فأسلم النجاشى وشهد شهادة الحق وقال لو كنت استطيع ان آتيه لاتيته وكتب الى رسول الله صلى الله عليه وسلم* بسم الله الرحمن الرحيم من النجاشى أصحمة سلام عليك يا رسول الله ورحمة الله وبركاته الله الذى لا اله الا هو الذى هدانى للاسلام* أما بعد فقد بلغنى كتابك يا رسول الله فما ذكرت من امر عيسى عليه السلام فو رب السماء والارض ان عيسى عليه السلام لا يزيد على ما ذكرت ثفروقا انه كما قلت وقد عرفنا ما بعثت به الينا وقدم ابن عمك وأصحابه وأشهد انك رسول الله صادقا مصدّقا وقد بايعتك وبايعت ابن عمك وأسلمت على يديه لله رب العالمين وقد بعثت اليك ابنى أرها فان شئت أن آتيك بنفسى فعلت يا رسول الله فانى أشهد ان ما تقول حق والسلام عليك يا رسول الله ورحمة الله وبركاته* وذكر الواقدى عن سلمة بن الاكوع ان النجاشى توفى فى رجب سنة تسع كما سيجىء منصرف رسول الله صلى الله عليه وسلم عن تبوك قال سلمة صلى بنا رسول الله صلى الله عليه وسلم الصبح ثم قال ان أصحمة النجاشى قد توفى فى هذه الساعة فاخرجوا بنا الى المصلى حتى نصلى عليه قال سلمة فحشد الناس وخرجنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقدمنا وانا لصفوف خلفه وأنا فى الصف الرابع فكبر بنا أربعا كذا فى الاكتفاء* وقال فى المواهب اللدنية وهذا هو أصحمة الذى هاجر اليه المسلمون فى رجب سنة خمس من النبوّة وكتب اليه النبىّ صلى الله عليه وسلم كتابا يدعوه فيه الى الاسلام مع عمرو بن أمية الضمرى سنة ست من

الهجرة وأسلم على يد جعفر بن أبى طالب وتوفى فى رجب سنة تسع من الهجرة ونعاه النبىّ صلى الله عليه وسلم يوم توفى وصلى عليه بالمدينة وأما النجاشى الذى ولى بعده وكتب اليه النبىّ صلى الله عليه وسلم يدعوه الى الاسلام فكان كافرا لم يعرف اسلامه ولا اسمه وقد خلط بعضهم ولم يميز بينهما* وفى صحيح مسلم عن قتادة أن النبىّ صلى الله عليه وسلم كتب الى كسرى والى قيصر والى النجاشى والى كل جبار يدعوهم الى الاسلام والى دين الله وليس بالنجاشى الذى صلى عليه* قال ابن اسحاق فذكر لى انه بعث النجاشى بعد قدوم جعفر الى رسول الله صلى الله عليه وسلم أرها ابن النجاشى من البحر فى ستين رجلا من الحبشة فركبوا سفينة فى اثر جعفر وأصحابه حتى اذا كانوا فى وسط البحر غرقوا ووافى جعفر وأصحابه رسول الله صلى الله عليه وسلم فى سبعين رجلا وعليهم ثياب من الصوف منهم اثنان وستون من الحبشة وثمانية من أهل الشام فقرأ رسول الله صلى الله عليه وسلم سورة يس الى آخرها فبكوا حين سمعوا القرآن فأسلموا وقالوا ما أشبه هذا بما كان ينزل على عيسى فأنزل الله تعالى ولتجدنّ أقربهم مودّة للذين آمنوا الذين قالوا انا نصارى يعنى وفد النجاشى الذين قدموا مع جعفر وهم سبعون وكانوا أصحاب الصوامع* وقال مقاتل كانوا أربعين رجلا اثنان وثلاثون من الحبشة وثمانية من أهل الشام وقال عطاء كانوا ثمانين رجلا أربعون من أهل نجران من بنى الحارث واثنان وثلاثون من الحبشة وثمانية روميون من أهل الشام كذا فى معالم التنزيل* وفى الكتاب الاخر يأمره أن يزوّجه أم حبيبة ابنة أبى سفيان وكانت قد هاجرت الى الحبشة مع زوجها عبد الله بن جحش الاسدى فتنصر هناك ومات كما سيجىء فى هذا الموطن وأمره فى الكتاب بأن يبعث اليه بمن قبله من أصحابه فجهز النجاشى مهاجرى الحبشة وبعثهم فى سفينتين مع عمرو بن أمية الضمرى الى المدينة* روى انّ النجاشى دعا بحقة من عاج فجعل فيها مكتوبى النبىّ صلى الله عليه وسلم وقال لا يزال فى أهل الحبشة خير وبركة ما دام فيهم هذان المكتوبان* وأورد صاحب الاعلام ان كتاب النبىّ صلى الله عليه وسلم فى أيدى ملوك الحبشة باق الى الان يعظمونه*

(ذكر كتاب النبىّ صلى الله عليه وسلم الى قيصر مع دحية بن خليفة الكلبى)

* قيل ان اسم قيصر هرقل وقيل أغطس وقيصر كلمة افر نجية معناه شق عنه* وسببه على ما قاله المؤرخون ان أم قيصر ماتت فى المخاض فشق بطنها وأخرج فسمى قيصر وكان يفتخر بذلك على الملوك ويقال انه لم يخرج من الرحم ثم وضع هذا اللقب لكل من ملك الروم كما لقبوا ملك الترك خاقان وملك فارس كسرى وملك الشام هرقل وملك القبط فرعون وملك اليمن تبع وملك الحبشة النجاشى وملك فرغانة اخشيد وملك مصر فى الاسلام سلطان فأخذ دحية كتاب رسول الله صلى الله عليه وسلم وتوجه الى بصرى لان النبىّ صلى الله عليه وسلم أمره أن يدفع الكتاب الى عظيم بصرى وهو الحارث ملك غسان ليدفعه الى قيصر ولما انتهى دحية الى بصرى وكان حينئذ عظيم بصرى فى حمص فبعث رجلا مع دحية ليبلغه الى قيصر وقيصر ذاهب الى ايليا وهو بيت المقدس لانه لما كشف الله عنه جنود فارس مشى من حمص الى ايليا شكرا لله عز وجل فيما أولاه من ذلك* فلما جاء قيصر كتاب رسول الله صلى الله عليه وسلم قال التمسوا أحدا من قومه وكان أبو سفيان حينئذ بالشام فى رجال من قريش قدموا تجارا فى زمان الهدنة فأتى بأبى سفيان وأصحابه فسألهم عن أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم كما سيجىء ذكره الواقدى من حديث ابن عباس* وفى حديث غير هذا ذكره أيضا الواقدى عن محمد بن كعب القرظى ان دحية الكلبى لقى قيصر بحمص لما بعثه اليه رسول الله وقيصر ماش من قسطنطينية الى ايليا فى نذر كان عليه لئن أظهر الله الروم على فارس ليمشين حافيا من قسطنطينية الى ايليا وليصلين فيه

ففرشوا له بسطا ونثروا عليها الرياحين وهو يمشى عليها حتى بلغ ايليا ووفى بنذره فقال لدحية قومه لما بلغ قيصر اذا رأيته فاسجد له ثم لا ترفع رأسك أبدا حتى يأذن لك قال دحية لا أفعل هذا أبدا ولا أسجد لغير الله أبدا قالوا اذا لا يأخذ كتابك ولا يكتب جوابك قال وان لم يأخذه فقال له رجل منهم أدلك على أمر يأخذ فيه كتابك ولا يكلفك فيه السجود قال دحية وما هو قال ان له على كل عقبة منبرا يجلس عليه فضع صحيفتك تجاه المنبر فانّ أحدا لا يحركها حتى يأخذها هو ثم يدعو صاحبها فيأتيه قال أما هذا فسأفعل فعمد الى منبر من تلك المنابر التى يستريح عليها قيصر فألقى الصحيفة فدعا بها فاذا عنوانها كتاب العرب فدعا بالترجمان الذى يقرأ بالعربية فاذا فيه من محمد رسول الله الى قيصر صاحب الروم فغضب أخ لقيصر يقال له نباق فضرب فى صدر الترجمان ضربة شديدة ونزع الصحيفة من يده فقال له قيصر ما شأنك فقال تنظر فى كتاب رجل بدأ بنفسه قبلك وسماك قيصر صاحب الروم ما ذكر لك ملكا فقال له قيصر انك والله ما علمت أحمق صغيرا مجنون كبيرا تريدان تخرق كتاب رجل قبل ان أنظر فيه فلعمرى لئن كان رسول الله كما يقول لنفسه أحق أن يبدأ بها منى وان كان سمانى صاحب الروم لقد صدق ما أنا الا صاحبهم وما أملكهم ولكن الله عز وجل سخرهم لى ولو شاء لسلطهم علىّ كما سلط فارس على كسرى فقتلوه ثم فتح الصحيفة فاذا فيها* بسم الله الرحمن الرحيم من محمد رسول الله الى قيصر صاحب الروم سلام على من اتبع الهدى* أما بعد* يا أَهْلَ الْكِتابِ تَعالَوْا إِلى كَلِمَةٍ سَواءٍ بَيْنَنا وَبَيْنَكُمْ أَلَّا نَعْبُدَ إِلَّا اللَّهَ وَلا نُشْرِكَ بِهِ شَيْئاً وَلا يَتَّخِذَ بَعْضُنا بَعْضاً أَرْباباً مِنْ دُونِ اللَّهِ فَإِنْ تَوَلَّوْا فَقُولُوا اشْهَدُوا بِأَنَّا مُسْلِمُونَ فى آيات من كتاب الله يدعوه الى الله ويزهده فى ملكه ويرغبه فيما رغبه الله من الاخرة ويحذره بطش الله وبأسه كذا فى الاكتفاء* وفى الصحيح وكان ابن الناطور صاحب ايليا وهرقلة أسقفا على نصارى الشام يحدّث ان هرقل حين قدم ايليا أصبح يوما خبيث النفس مهموما فقال له بعض بطارقته قد استنكرنا هيئتك قال ابن الناطور وكان هرقل حزاء ينظر فى النجوم ماهرا فى الاحكام النجومية يستخرج أحكام الاجسام السفلية من آثار الاجرام العلوية عالما بسائر القواعد النجومية فقال لهم حين سألوه أجل انى رأيت الليلة حين نظرت فى النجوم أن ملك الختان قد ظهر فمن يختتن من هذه الامة قالوا ما نعلم يختتن الا اليهود فلا يهمنك شأنهم وهم فى حكمك وسلطانك واكتب الى مدائن ملكك فليقتلوا من فيها من اليهود فتستريح من الهم فبينماهم على أمرهم اذ أتى هرقل رجل اسمه عدى بن حاتم وهو رسول عظيم بصرى برجل من العرب يقوده وهو دحية بن خليفة الكلبى فقال أيها الملك ان هذا من العرب يحدّث عن أمر عجيب قد حدث ببلاده فقال هرقل لترجمانه سله ما هذا الحدث الذى ببلاده فسأله فقال دحية خرج من بين أظهرنا رجل يزعم انه نبىّ فاتبعه اناس وخالفه آخرون فكانت بينهم ملاحم فتركتهم على ذلك فلما أخبره قال هرقل اذهبوا به فجردوه فانظروا أمختون هو أم لا فجرّدوه ونظروا اليه فاذا هو مختون فحدّثوه انه مختون وسألوه عن العرب فقال هم يختتنون فقال هرقل هذا والله الذى رأيته هذا ملك هذه الامة قد ظهر أعطوه ثوبه ثم دعا صاحب شرطته فقال له قلب لى الشام ظهر او بطنا حتى تأتينى برجل من قوم هذا الرجل يعنى النبىّ صلى الله عليه وسلم* قال أبو سفيان ان هرقل أرسل اليه فى ركب من قريش صاحب شرطته وكان أبو سفيان وأصحابه حينئذ تجارا بالشام بمدينة غزة فى المدّة التى كان رسول الله صلى الله عليه وسلم هادن فيها أبا سفيان وكفار قريش اى فى زمان الهدنة فأتوهم بايليا وهو بيت المقدس وكان هرقل حينئذ فيه فدعاهم الى مجلسه وحوله عظماء الروم ودعا ترجمانه فقال أيكم أقرب نسبا بهذا الرجل الذى يزعم انه نبىّ فقال أبو سفيان أنا أقربهم نسبا فقال ادنوه منى وقربوا أصحابه فاجعلوهم عند ظهره

ثم قال لترجمانه انى سائل هذا أى أبا سفيان عن هذا الرجل يعنى النبىّ صلى الله عليه وسلم فان كذبنى فكذبوه قال ابو سفيان فو الله لولا الحياء من ان يأثروا علىّ كذبا لكذبت عنه قال ثم كان أوّل ما سألنى عنه أن قال كيف نسبه فيكم قلت هو فينا ذو نسب قال فهل قال هذا القول منكم أحد قبله قط قلت لا قال فهل كان من آبائه من ملك قلت لا قال فاشراف الناس اتبعوه أم ضعفاؤهم قلت بل ضعفاؤهم قال أيزيدون أم ينقصون قلت بل يزيدون قال فهل يرتدّ منهم أحد سخطة لدينه بعد أن يدخل فيه قلت لا قال فهل كنتم تتهمونه بالكذب قبل أن يقول ما قال قلت لا قال فهل يغدر قلت لا ونحن فى هدنة لا ندرى ما هو فاعل فيها قال أبو سفيان ولم يمكنى أدخل فيها شيئا غير هذه الكلمة قال فهل قاتلتموه قلت نعم قال كيف كان قتالكم اياه قلت الحرب بيننا وبينه سجال ينال منا وننال منه قال بماذا يأمركم قلت يقول اعبدوا الله وحده ولا تشركوا به شيئا واتركوا ما يقول آباؤكم ويأمرنا بالصلاة والصدقة والصدق والعفاف والصلة والطهارة فقال للترجمان قل له سألتك عن نسبه فذكرت انه ذو نسب وكذلك الرسل تبعث فى نسب قومها وسألتك هل قال أحد منكم هذا القول فذكرت أن لا فقلت لو قال أحد هذا القول قبله لقلت رجل يتأسى بقول قيل قبله وسألتك هل كان من آبائه من ملك فذكرت أن لا قلت فلو كان من آبائه من ملك لقلت رجل يطلب ملك أبيه وسألتك هل كنتم تتهمونه بالكذب قبل أن يقول ما قال فذكرت أن لا فقد علمت انه لم يكن ليذر الكذب على الناس ويكذب على الله وسألتك اشراف الناس اتبعوه أم ضعفاؤهم فذكرت أن ضعفاءهم اتبعوه وهم اتباع الرسل وسألتك أيزيدون أم ينقصون فذكرت انهم يزيدون وكذلك أمر الايمان حتى يتم وسألتك أيرتدّ أحد سخطة لدينه بعد ان يدخل فيه فذكرت أن لا وكذلك الايمان حين تخالط بشاشته القلوب وسألتك هل يغدر فذكرت أن لا وكذلك الرسل لا تغدر وسألتك بما يأمركم فذكرت انه يأمركم أن تعبدوا الله ولا تشركوا به شيئا وينهاكم عن عبادة الاوثان ويأمركم بالصلاة والصدقة والعفاف فان كان ما تقول حقا فسيملك موضع قدمىّ هاتين وقد كنت أعلم انه خارج ولم أكن أظنّ انه منكم فلو أنى أخلص اليه لتجشمت لقاءه ولو كنت عنده لغسلت عن قدمه ثم دعا بكتاب رسول الله صلى الله عليه وسلم الذى بعث به دحية الى عظيم بصرى فدفعه الى هرقل ملك الروم كما تقدّم آنفا فاذا مكتوب فيه*

,

صورة كتاب النبى الى هرقل

بسم الله الرحمن الرحيم من محمد رسول الله الى هرقل عظيم الروم سلام على من اتبع الهدى أما بعد فانى أدعوك بداعية الاسلام اسلم تسلم اسلم يؤتك الله أجرك مرّتين فان توليت فعليك اثم الاريسيين ويا أهل الكتاب تعالوا الى كلمة سواء بيننا وبينكم أن لا نعبد الا الله ولا نشرك به شيئا ولا يتخذ بعضنا بعضا أربابا من دون الله فان تولوا فقولوا اشهدوا بأنا مسلمون* قال أبو سفيان فلما قال هرقل ما قال وفرغ من قراءة الكتاب كثر عنده الصخب وارتفعت أصوات الذين حوله وكثر لغطهم فلا أدرى ما قالوا وأمر بنا فأخرجنا من عنده فقلت لاصحابى حين أخرجنا لقد عظم أمر ابن أبى كبشة انه يخافه ملك بنى الاصفر فما زلت موقنا انه سيظهر حتى أدخل الله علىّ الاسلام* وفى الاكتفاء وفى هذا الحديث عن أبى سفيان انه قال لقيصر لما سأله عن النبىّ صلى الله عليه وسلم جملة ما أجابه به أيها الملك ألا أخبرك عنه خبرا تعرف به انه كاذب قال وما هو قلت زعم انه خرج من أرضنا أرض الحرم فى ليلة فجاء مسجدكم هذا مسجد ايليا ورجع الينا فى تلك الليلة قبل الصباح قال وبطريق ايليا عند رأس قيصر قال قد علمت تلك الليلة قال فنظر اليه قيصر وقال ما علمك بهذا قال انى كنت لا أنام ليلة أبدا حتى أغلق أبواب المسجد فلما كانت تلك الليلة أغلقت الابواب كلها غير باب واحد غلبنى فاستعنت عليه بعمالى ومن يحضرنى فلم نستطع أن نحركه كأنما نزاول جبلا فدعوت النجارين فنظروا اليه فقالوا

هذا باب سقط عليه النجاف والبنيان فلا نستطيع أن نحركه حتى نصبح فننظر اليه من أين أتى فرجعت وتركت البابين مفتوحين فلما أصبحت غدوت عليهما فاذا الحجر الذى فى زاوية المسجد مثقوب واذا فيه أثر رباط الدابة فقلت لاصحابى ما حبس هذا الليلة الباب الاعلى نبىّ وقد صلى الليلة فى مسجدنا هذا فقال قيصر لقومه يا معشر الروم ألستم تعلمون ان بين عيسى وبين الساعة نبىّ بشركم به عيسى ابن مريم ترجون أن يجعله الله فيكم قالوا بلى قال فان الله قد جعله فى غيركم فى أقل منكم عددا وأضيق منكم بلدا وهى رحمة الله عز وجل يضعها حيث شاء* وفى رواية ان هرقل لما قرأ الكتاب أى كتاب رسول الله صلى الله عليه وسلم خلا بدحية وقال له والله انا لنعلم انه نبىّ مرسل وهو الذى كنا ننتظره وقرأنا نعته فى الكتب السماوية وانى أخاف الروم أن يقصدوا هلاكى والا تابعته فاذهب الى رومة فلن بها رجلا اسمه ضفاطر وكان رجلا عظيما من علماء النصارى وكان نظير هرقل فى العلم قال فأخبره بهذا الخبر* وفى رواية كتب اليه هرقل كتابا وقال لدحية ان ضفا طرفى الروم أعظم منى واعتقادهم لكلامه أكثر فانظر ماذا يقول فذهب دحية الى رومة وبلغ ضفاطر كتاب هرقل وأخبره بخبر النبىّ صلى الله عليه وسلم وأوصافه قال ضفاطر والله انه لنبىّ على الحق ونحن وجدناه فى كتابنا بالصفة التى ذكرت وقرأنا اسمه فى التوراة والانجيل ثم دخل ضفاطر بيته ونزع ثيابه السود ولبس ثيابا بيضا وأخذ بيده العصا وذهب الى كنيسة النصارى حين كان فيها جمع من أشرافهم وقال يا معشر الروم اعلموا انه جاءنا كتاب من عند أحمد العربى ودعانا فى ذلك الكتاب الى الحق* وأنا أشهد أن لا اله الا الله وأن أحمد عبده ورسوله* فلما سمعت الروم منه هذا الكلام وثبت عليه بأجمعها فضربته حتى قتلته فرجع دحية الى هرقل وأخبره بما رأى قال له هرقل أما قلت لك انى أخاف من الروم والله ان ضفاطر عند قومه أعظم منى عند هؤلاء القوم واعتقاد أهل الروم لكلامه أكثر من اعتقادهم لكلامى وقد ثبت ان هرقل لما بلغه خبر ضفاطر انتقل من ايليا الى حمص دار ملكه وسلطنته وكانت له هناك دسكرة أى قصر عظيم فأذن لعظماء الروم فى دسكرته ثم أمر بأبوابها فغلقت ثم اطلع فقال يا معشر الروم هل لكم فى الفلاح والرشد وأن يثبت ملككم فتابعوا هذا النبىّ فحاصوا حيصة حمر الوحش الى الابواب فوجدوها قد غلقت فلما رأى هرقل نفرتهم وأيس من ايمانهم قال ردّوهم علىّ فقال انى قلت مقالتى آنفا أختبر بها شدّتكم على دينكم فقد رأيت فسجدوا له ورضوا عنه فكان ذلك آخر شأن هرقل* رواه صالح بن كيسان ومعمر عن الزهرى كذا فى البخارى* وفى المنتقى وهرقل عظيم الروم ملك احدى وثلاثين سنة واختلف فى اسلامه* وفى ملكه توفى النبىّ صلى الله عليه وسلم وشرف وكرم*

(ذكر كتاب النبىّ صلى الله عليه وسلم الى كسرى ملك فارس)

* وهذا هو كسرى برويز بن هرمز بن أنو شروان ومعنى برويز بالعربية المظفر فيما ذكره المسعودى وهو الذى كان غلب الروم فأنزل الله فى قصتهم* ألم غلبت الروم فى أدنى الارض وأدنى الارض فيما ذكره الطبرى هى بصرى وفلسطين وأذرعات من أرض الشام* ذكر الواقدى أنّ رسول الله صلى الله عليه وسلم بعث عبد الله بن حذافة السهمى منصرفه من الحديبية الى كسرى وبعث معه كتابا مختوما وفيه مكتوب* (بسم الله الرحمن الرحيم من محمد رسول الله الى كسرى عظيم فارس سلام على من اتبع الهدى وآمن بالله ورسوله وشهد أن لا اله الا الله وحده لا شريك له وأنّ محمدا عبده ورسوله وأدعوك بداعية الله عز وجل فانى أنا رسول الله عز وجل الى الناس كافة لانذر من كان حيا ويحق القول على الكافرين أسلم تسلم فان أبيت فعليك اثم المجوس فلما قرأ كتاب رسول الله صلى الله عليه وسلم أخذه ومزّقه وشققه وقال يكتب الىّ بهذا الكتاب

وهو عبدى ثم قال لى ملك هنىء لا أخشى أن أغلب عليه ولا أشارك فيه وقد ملك فرعون بنى اسرائيل ولستم بخير منهم فما يمنعنى أن أملككم وانا خير منه فلما بلغ رسول الله صلى الله عليه وسلم أنّ كسرى شقق كتابه قال مزّق الله ملكه) * وفى المنتقى دعا عليه أن يمزّقوا كل ممزّق فقال مزّق كتابى مزّق الله ملكه* وفى رواية قال اللهم مزّق ملكه فانصرف عبد الله عنه الى رسول الله صلى الله عليه وسلم* وفى نظام التواريخ بلغ برويز فى الملك والتبختر والتنعم الى مرتبة لم يكن أحد من الملوك مثله ثمانيا وعشرين سنه وأعظم الاسباب فى زوال ملكه تمزيق كتاب رسول الله لما كتب الى ملوك الاطراف يدعوهم الى الاسلام* قال ابن هشام فى سيرته بلغنى أنه قال كتب كسرى الى باذان أنه بلغنى أنّ رجلا من قريش خرج بمكة يزعم أنه نبىّ فسر اليه فاستتبه فان تاب والا فابعث الىّ برأسه فبعث باذان كتاب كسرى الى النبىّ صلى الله عليه وسلم فكتب اليه رسول الله صلى الله عليه وسلم انّ الله وعدنى أن يقتل كسرى يوم كذا من شهر كذا فلما أتى باذان الكتاب توقف وقال ان كان نبيا فسيكون ما قال فقتل الله كسرى فى اليوم الذى قال رسول الله صلى الله عليه وسلم وقتل على يد ولده شيرويه* وفى المنتقى كتب كسرى الى باذان وهو على اليمن من قبله أن ابعث الى هذا الرجل الذى بالحجاز من عندك رجلين جلدين فليأتيانى به* وفى رواية كتب الى باذان بلغنى أن فى أرضك رجلا تنبأ فاربطه وابعث به الىّ فبعث باذان قهرمانه وهو بانويه وكان كاتبا حاسبا وبعث معه برجل من الفرس يقال له خرخسره وفكتب معهما الى رسول الله صلى الله عليه وسلم يأمره أن ينصرف معهما الى كسرى وقال لبانويه ويلك انظر ما الرجل وكلمه وائتنى بخبره فخرجا فلما بلغا الطائف وكان فيه حينئذ جمع من أشراف قريش مثل أبى سفيان وصفوان بن أمية وغيرهما فسألا عن النبىّ صلى الله عليه وسلم فقالوا انه بيثرب فلما سمع أبو سفيان وصفوان بن أمية مضمون كتاب باذان فرحا وقالا مثل كسرى قام بعداوته وقدم بانويه وخرخسره المدينة على رسول الله صلى الله عليه وسلم فلما قد ما عليه أنزلهما وأمرهما بالمقام أياما ثم أرسل لهما صلى الله عليه وسلم ذات غداة ولما دخلا عليه قال لهما اجلسا فبركا على ركبهما وكلمه بانويه وقال انّ شهنشاه ملك الملوك كسرى كتب الى الملك باذان يأمره أن يبعث اليك من يأتيه بك وقد بعثنى اليك لتنطلق معى فان فعلت كتب فيك الى ملك الملوك بكتاب ينفعك ويكف عنك به وان أبيت فهو ممن قد علمت وهو مهلكك ومهلك قومك ومخرب بلادك وأعطياه كتاب باذان ولما اطلع رسول الله صلى الله عليه وسلم على مضمون الكتاب وسمع حكايتهم المزخرفة تبسم ودعاهما الى الاسلام* وفى رواية أنهما حين دخلا على رسول الله صلى الله عليه وسلم كانا قد حلقا لحاهما وأعفيا شواربهما حتى وارت شفاههما فكره النظر اليهما وقال ويلكما من أمركما بهذا قالا أمرنا بهذا ربنا يعنيان كسرى فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم لكن ربى أمرنى باعفاء لحيتى وقص شواربى* وفى المشكاة عن زيد بن أرقم أنّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قال من لم يأخذ من شار به فليس منا رواه أحمد والترمذى والنسائى وأورد الكرمانى فى مناسكه اثم تطويل الشوارب وعقوبته فقال قال النبىّ صلى الله عليه وسلم من طوّل شاربه عوقب بأربعة أشياء لا يجد شفاعتى ولا يشرب من حوضى ويعذب فى قبره ويبعث الله اليه المنكر والنكير فى غضب انتهى* روى أنهما كانا يتكلمان بالتجلد وترجف بوادرهما من هيبة مجلس رسول الله فقالا له ان لم تأت معنا فاكتب جواب كتاب الملك باذان فقال لهما ارجعا حتى تأتيانى غدا فلما خرجا من عنده قال أحدهما لصاحبه لو مكثنا فى مجلس هذا الرجل أكثر مما جلسنا لخفت على نفسى الهلاك وقال صاحبه وانى أيضا ما لقيت قط مثل ما وقع لى اليوم فى محضر هذا الرجل من الخوف فيعلم أنّ له

شأنا فأتى جبريل عليه السلام الى رسول الله صلى الله عليه وسلم فأخبره أنّ الله عز وجل قد سلط على كسرى ابنه شيرويه فقتله فى شهر كذا وكذا ليلة كذا وكذا بعد ما مضى من الليل كذا وكذا ساعة فلما أتيا الى النبىّ صلى الله عليه وسلم من الغد قال انّ ربى قد قتل الليلة ربكما بعد ما مضى من الليل سبع ساعات سلط عليه ابنه شيرويه حتى بقربطنه وكانت تلك الليلة ليلة الثلاثاء العاشرة من جمادى الاولى من السنة السابعة من الهجرة قال اذهبا وأخبرا صاحبكما يعنى باذان بهذا الخبر فقالا هل تدرى ما تقول انا قد نقمنا منك ما هو أيسر من هذا أفنكتب بها عنك ونخبر الملك قال نعم أخبراه ذلك عنى وقولا له انّ دينى وسلطانى سيبلغ ما بلغ ملك كسرى وينتهى منتهى الخف والحافر وقولا له انك ان أسلمت أعطيتك ما تحت يدك وملكتك على قومك من الابناء* وفى الاكتفاء يروى أنّ كسرى رأى فى النوم بعد أن أخبر بخروج النبىّ صلى الله عليه وسلم من مكة ونزوله بيثرب ان سلما وضع فى الارض الى السماء وحشر الناس حوله اذ أقبل رجل عليه عمامة وازار ورداء فصعد السلم حتى اذا كان بمكان منه نودى اين فارس ورجالها ونساؤها ولامتها وكنوزها فأقبلوا فجعلوا فى جوالق ثم دفع الجوالق الى ذلك الرجل فأصبح كسرى تعس النفس محزونا لتلك الرؤيا وذكرها لاساورته فجعلوا يهوّنون عليه الامر فيقول كسرى هذا أمر يراد به فارس فلم يزل مهموما حتى قدم عليه عبد الله بن حذافة بكتاب رسول الله صلى الله عليه وسلم يدعوه الى الاسلام* وفى المنتقى ان كسرى كان اذا ركب ركب أمامه رجلان يقولان له ساعة فساعة أنت عبد ولست برب فيشير برأسه نعم قال فركب يوما فقالا له ذلك ولم يشر برأسه فشكوا الى صاحب شرطته ليعاتبه وكان كسرى قد نام فلما وقع صوت حوافر الدواب فى سمعه استيقظ فدخل عليه صاحب شرطته فقال أيقظتمونى ولم تدعونى أنام انى رأيت انه رقى بى فوق سبع سموات فوقفت بين يدى الله تعالى فاذا رجل بين يديه عليه ازار ورداء وقال لى سلم مفاتيح خزائن أرضى الى هذا فأيقظتمونى قال وصاحب الرداء والازار يعنى به النبىّ صلى الله عليه وسلم* وعن سلمة بن عبد الرحمن بن عوف قال بعث الله ملكا الى كسرى وهو فى بيت من بيوت ايوانه الذى لا يدخل عليه فيه فلم يرع الا به قائما على رأسه فى يده عصا بالهاجرة وفى ساعته التى كان يقيل فيها فقال له يا كسرى أتسلم أو أكسر هذه العصا فقال بهل بهل بالفارسية معناه خل خل وأمهل ولا تكسر فانصرف عنه ثم دعا حرّاسه وحجابه فتغيظ عليهم فقال من أدخل هذا الرجل علىّ قالوا ما دخل عليك أحد ولا رأيناه حتى اذا كان العام القابل أتاه فى الساعة التى أتاه فيها فقال له كما قال له ثم قال له أتسلم أم أكسر هذه العصا فقال بهل بهل فخرج عنه فدعا كسرى حجابه وبوّابيه فتغيظ عليهم فقال لهم كما قال أوّل مرّة فقالوا ما رأينا أحدا دخل عليك حتى اذا كان العام الثالث أتاه فى الساعة التى جاء فيها وقال له كما قال ثم قال أتسلم أو أكسر هذه العصا فقال بهل بهل فكسر العصا ثم خرج فهلك كسرى عند ذلك* وفى الاكتفاء ذكر الواقدى من حديث أبى هريرة وغيره ان كسرى بينما هو فى بيت كان يخلو فيه واذا رجل خرج اليه فى يده عصا فقال يا كسرى ان الله بعث رسولا وأنزل عليه كتابا فأسلم تسلم واتبعه يبق لك ملكك قال كسرى أخر عنى أثرا ما فدعا حجابه وبوّابيه فتوعدهم وقال من هذا الذى دخل علىّ قالوا له والله ما دخل عليك أحد وما ضيعنا لك بابا حتى اذا كان العام المقبل أتاه فقال له مثل ذلك وقال له ان لم تسلم أكسر العصا قال لا تفعل أخر ذلك أثرا ما ثم جاءه العام المقبل ففعل مثل ذلك وضرب بالعصا على رأسه فكسرها وخرج من عنده ويقال ان ابنه قتله تلك الليلة فأعلم الله بذلك رسوله فأخبر بذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم رسل باذان اليه ثم أعطى خرخسره منطقة فيها ذهب وفضة كان أهدا

هاله

بعض الملوك فخرجا من عنده وانطلقا حتى قدما على باذان وأخبراه الخبر فقال والله ما هذا بكلام ملك وانى لارى الرجل نبيا كما يقول ولننظرنّ ما قد قال فلئن كان ما قد قاله حقا سيأتى الخبر الىّ يوم كذا ولا كلام أنه نبىّ مرسل ولا يسبق علىّ أحد من الملوك فى الايمان به وان لم يكن فسنرى فيه رأينا فلم يلبث باذان ان قدم عليه كتاب شيرويه* أما بعد فانى قد قتلت كسرى ولم أقتله الا غضبا لفارس لما كان استحل من قتل أشرافهم فتفرق الناس فاذا جاءك كتابى هذا فحذلى الطاعة ممن قبلك وانظر الرجل الذى كان كسرى كتب اليك فيه فلا تهجه حتى يأتيك أمرى فيه* فلما انتهى كتاب شيرويه الى باذان قال ان هذا الرجل لرسول الله حقا فأسلم وأسلمت الابناء من فارس من كان منهم باليمن فبعث باذان باسلامه واسلام من كان معه الى رسول الله صلى الله عليه وسلم ويقال ان الخبر أتاه بمقتل كسرى وهو مريض فاجتمعت اليه أساورته فقالوا له من تؤمّر علينا فقال لهم ملك مقبل وملك مدبر فاتبعوا هذا الرجل وادخلوا فى دينه وأسلموا ومات باذان فبعث رؤسهم الى رسول الله صلى الله عليه وسلم وفدهم يعرّفونه باسلامهم* روى ان أهل اليمن كانوا يقولون لخرخسره ذو المفخرة ويقال لاولاده أيضا الان ذو المفخرة والمفخرة بلغة حمير المنطقة*

(ذكر كتاب النبىّ صلى الله عليه وسلم الى المقوقس)

* فى حياة الحيوان هو لقب لجريج بن مينا القبطى وكان من قبل هرقل ويقال ان هرقل عز له لما رأى ميله الى الاسلام انتهى* بعثه مختوما مع حاطب بن أبى بلتعة وانه لما انتهى الى الاسكندرية أتى أوّلا حاجب المقوقس وأخبره الخبر فأكرمه الحاجب وأدخله على المقوقس من غير توقف فأكرمه المقوقس* عبارة الاكتفاء فلم يلبث أن وصل الى المقوقس كتاب رسول الله صلى الله عليه وسلم ولقيه حاطب وأخذ كتاب رسول الله صلى الله عليه وسلم وكان فيه* بسم الله الرحمن الرحيم من محمد بن عبد الله رسول الله الى المقوقس عظيم القبط سلام على من اتبع الهدى* أما بعد فانى ادعوك بداعية الى الاسلام أسلم تسلم أسلم يؤتك الله أجرك مرّتين فان توليت فانّ عليك اثم القبط* يا أهل الكتاب تعالوا الى كلمة سواء بيننا وبينكم أن لا نعبد الا الله ولا نشرك به شيئا ولا يتخذ بعضنا بعضا أربابا من دون الله فان تولوا فقولوا اشهدوا بانا مسلمون* فكلمه حاطب فقال له انه قد كان قبلك رجل يزعم انه الرب الاعلى فأخذه الله نكال الاخرة والاولى فانتقم به ثم انتقم منه فاعتبر بغيرك ولا يعتبر بك غيرك الى غير ذلك من النصائح والمواعظ وأخذ كتاب النبىّ صلى الله عليه وسلم فجعله فى حقة من عاج وختم عليه ودفعه الى جارية له ثم دعا كاتبا له يكتب بالعربية فكتب الى رسول الله صلى الله عليه وسلم وشرف وكرّم* بسم الله الرحمن الرحيم لمحمد بن عبد الله من المقوقس عظيم القبط سلام عليك أما بعد فقد قرأت كتابك وفهمت ما ذكرت فيه وما تدعو اليه وقد علمت ان نبيا بقى وكنت أظنّ انه يخرج بالشام وقد أكرمت رسولك وبعثت اليك بجاريتين لهما مكان فى القبط عظيم وبكسوة وأهديت اليك بغلة لتركبها والسلام عليك* ولم يزد على هذا ولم يسلم وهاتان الجاريتان اللتان ذكرهما احداهما مارية أمّ ابراهيم ابن النبىّ صلى الله عليه وسلم والثانية أختها سيرين وهى التى وهبها النبى صلى الله عليه وسلم لحسان بن ثابت فولدت له ابنه عبد الرحمن والبغلة هى الدلدل وكانت بيضاء وقيل انه لم تكن يومئذ فى العرب بغلة غيرها وانها بقيت الى زمان معاوية وذكر الواقدى باسناد له ان المقوقس أرسل الى حاطب ليلة وليس عنده الا ترجمان له يترجم بالعربية فقال له ألا تخبرنى عن أمور أسألك عنها وتصدقنى فانى أعلم ان صاحبك قد تخيرك من بين أصحابه حيث بعثك فقال له حاطب لا تسألنى عن شئ الاصدقتك فسأله عن ماذا يدعو اليه النبى صلى الله عليه وسلم ومن أتباعه وهل يقاتل قومه فأجابه

حاطب عن ذلك كله ثم سأله عن صفته فوصفه حاطب ولم يستوف فقال له بقيت أشياء لم أرك تذكرها فى عينيه حمرة قلما تفارقه وبين كتفيه خاتم النبوّة ويركب الحمار ويلبس الشملة ويجتزى بالتمرات والكسرة ولا يبالى من لاقى من عم وابن عم قال حاطب فهذه صفته قال قد كنت أعلم انه قد بقى نبىّ وكنت أظنّ انّ مخرجه ومنبته بالشام وهناك تخرج الانبياء من قبله فأراه قد خرج فى العرب فى أرض جهد وبؤس والقبط لا يطاوعونى فى اتباعه ولا أحب ان تعلم محاورتى اياك وأنا أضن بملكى أن أفارقه وسيظهر على البلاد وينزل بساحتنا هذه أصحابه من بعده حتى يظهر على ماههنا فارجع الى صاحبك فقد أمرت له بهدايا وجاريتين أختين فارهتين وبغلة من مراكبى وألف مثقال ذهبا وعشرين ثوبا من لين وغير ذلك وأمرت لك بمائة دينار وخمسة أثواب فارحل من عندى ولا يسمع منك القبط حرفا واحدا* قال حاطب فرجعت من عنده وقد كان لى مكرما فى الضيافة وقلة اللبث ببابه انى ما أقمت عنده الا خمسة أيام وان فى الوفود وفود العجم من ببابه منذ شهر وأكثر* قال حاطب فذكرت قوله لرسول الله صلى الله عليه وسلم فقال ضنّ الخبيث بملكه ولا بقاء لملكه هذا ما فى الاكتفاء* وفى غيره أهدى الى رسول الله صلى الله عليه وسلم أربع جوار تركية منها مارية القبطية أمّ ابراهيم وأختها سيرين وكانت مارية من قرية يقال لها حفن من قرى كورة أنصنا بفتح أوّله واسكان ثانيه بعده صاد مهملة مكسورة ونون وألف ذكره فى معجم ما استعجم وجاريتين أخريين اسمهما غير معلوم وغلاما خصيا كان أخا لمارية وسيرين كذا فى بعض كتب السير* وفى حياة الحيوان اسمه مأبور وكان ابن عم مارية وكان يأوى اليها فقال الناس علج يدخل على علجة فبلغ ذلك النبىّ صلى الله عليه وسلم فبعث عليا ليقتله فقال يا رسول الله أقتله أو أرى فيه رأيى فقال بل ترى رأيك فيه فلما رأى الخصى عليا ورأى السيف تكشف فاذا هو مجبوب ممسوح فرجع علىّ الى النبىّ صلى الله عليه وسلم وأخبره فقال عليه السلام ان الشاهد يرى مالا يرى الغائب* وفى سح السحابة ان رجلا كان يتهم بأمّ ولد رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال عليه السلام لعلىّ رضى الله عنه اذهب اليه فاضرب عنقه فأتاه علىّ فاذا هو فى ركى يتبرز فقال له علىّ اخرج فناوله يده فأخرجه فاذا هو مجبوب ماله ذكر ومات الخصى فى زمن عمر وكان عمر رضى الله عنه جمع الناس لشهود جنازته وصلى عليه ودفنه بالبقيع* قال الدميرى فى حياة الحيوان ذكر ابن مندة وأبو نعيم مأبور القبطى فى أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم وغلطا فى ذلك فانه لم يسلم وما زال نصرانيا وفى زمنه فتح المسلمون مصر فى خلافة عمر رضى الله عنه وأهدى أيضا قدحا من قوارير كان عليه السلام يشرب فيه وثيابا من قباطى مصر وألف مثقال ذهبا وعسلا من عسل بنها فأعجب النبىّ صلى الله عليه وسلم العسل ودعا فى عسله بالبركة وفرسا يقال له لزاز وبغلة يقال لها الدلدل وحمارا يقال له عفير أو يعفور ووصلت تلك الهدايا سنة سبع وقيل سنة ثمان فقبل رسول الله صلى الله عليه وسلم هديته فاختار مارية لنفسه وكان صلى الله عليه وسلم معجبا بمارية وكانت بيضاء جميلة وضرب عليها الحجاب وكان يطؤها بملك اليمين فلما حملت بابراهيم ووضعته قبلته سلمى مولاة رسول الله صلى الله عليه وسلم فجاء أبو رافع زوج سلمى فبشر رسول الله صلى الله عليه وسلم بابراهيم فوهب له عبدا وذلك فى ذى الحجة من السنة الثامنة من الهجرة كما سيجىء* ووهب سيرين لحسان بن ثابت ووهب احدى الجاريتين لابى جهم بن حذيفة وبقيت البغلة الى زمان معاوية وهلك الحمار مرجعه من حجة الوداع ومات المقوقس فى خلافة عمر بن الخطاب على نصرانيته ودفن فى كنيسة أبى مجلس والله تعالى أعلم

* (ذكر كتاب النبىّ صلى الله عليه وسلم الى الحارث بن أبى شمر الغسانى)

* ذكر الواقدى ان رسول الله

صلى الله عليه وسلم بعث شجاع بن وهب الى الحارث بن أبى شمر فانتهى اليه بكتاب رسول الله صلى الله عليه وسلم وكان فيه* بسم الله الرحمن الرحيم من محمد رسول الله الى الحارث بن أبى شمر سلام على من اتبع الهدى وآمن به وصدّق وانى أدعوك أن تؤمن بالله وحده لا شريك له يبق لك ملكك* وختم الكتاب وأخذه شجاع وخرج به الى الحارث وهو بغوطة دمشق فوجده وهو مشغول بتهيئة الانزال والالطاف لقيصر وهو جاء من حمص الشام الى ايليا حيث كشف الله عنه جنود فارس شكر الله تعالى* قال شجاع فأقمت على بابه يومين أو ثلاثة فقلت لحاجبه انى رسول من عند رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال انك لا تصل اليه حتى يخرج يوم كذا وكذا وجعل حاجبه وكان روميا اسمه مرى يسألنى عن رسول الله صلى الله عليه وسلم وما يدعو اليه فكنت أحدّثه عن صفته وما يدعو اليه فيرق حتى يغلبه البكاء ويقول انى قرأت الانجيل فأجد صفته وما يدعو اليه بعينه فكنت أراه يخرج بالشام وأراه قد خرج بأرض القرظ وأنا أو من به وأصدّقه وأخاف من الحارث أن يقتلنى وكان الحاجب يكرمنى ويحسن ضيافتى ويخبرنى عن الحارث باليأس منه ويقول هو يخاف قيصر وخرج الحارث يوما فجلس على سريره ووضع التاج على رأسه وأذن لى عليه فدخلت عليه ودفعت اليه كتاب رسول الله صلى الله عليه وسلم فقرأه ثم رمى به وقال من ينتزع منى ملكى وأنا سائر اليه ولو كان باليمن جئته فلم يزل جالسا يتعرّض حتى الليل ثم قام وأمر بالخيل أن تنعل ثم قال أخبر صاحبك بما ترى وكتب الى قيصر يخبره بخبرى وما عزم عليه فصادف رسوله قيصر بايليا وعنده دحية الكلبى وقد بعثه اليه رسول الله صلى الله عليه وسلم فلما قرأ قيصر كتاب الحارث كتب اليه أن لا تسر اليه واله عنه ووافنى بايليا قال ورجع الكتاب وأنا مقيم ولما جاء جواب كتابه دعانى فقال متى تريد أن تخرج الى صاحبك فقلت غدا فأمر لى بمائة مثقال من الذهب ووصلنى حاجبه مرىء بنفقة وكسوة وقال اقرأ على رسول الله صلى الله عليه وسلم منى السلام واخبره أنى متبع دينه فقدمت على النبىّ صلى الله عليه وسلم فأخبرته به فقال باد ملكه وأقرأته من مرى السلام وأخبرته بما قال فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم صدق* ومات الحارث عام الفتح وكان نازلا بجلق وانتقل ملكه الى جبلة بن الايهم الغسانى آخر ملوك بنى غسان وكان ينزل الجابية أدركه عمر بن الخطاب بالجابية فأسلم ثم انه لاحى رجلا من مزينة فلطم عينه فجاء به المزنى الى عمر بن الخطاب رضى الله عنه وقال خذلى بحقى فقال له عمر الطم وجهه فأنف جبلة وقال عينى وعينه سواء قال عمر نعم فقال جبلة لا أقيم بهذه الدار أبدا ولحق بعمورية مرتدّا فمات هناك على ردّته هكذا ذكر الواقدى أنّ توجه شجاع بن وهب بكتاب رسول الله صلى الله عليه وسلم كان الى الحارث بن أبى شمر وكذلك ابن اسحاق وأمّا ابن هشام فقال انما توجه الى جبلة بن الايهم وقد قال ذلك غيره والله أعلم وسيجىء فى هذا الموطن فى كتاب جبلة بن الايهم بعض ما يخالف هذا وبعض أهل السير على أنّ الحارث أسلم ولكن قال أخاف أن أظهر اسلامى فيقتلنى قيصر والله أعلم*

(ذكر كتاب النبىّ صلى الله عليه وسلم الى ثمامة ابن أثال وهوذة بن على الحنفيين ملكى عمان مع سليط بن عمرو العامرىّ)

* ويقال لهوذة المتوّج وكان كسرى قد تؤجه وذكر الواقدى أنّ رسول الله صلى الله عليه وسلم كتب الى هوذة مع سليط حين بعثه اليه* بسم الله الرحمن الرحيم من محمد رسول الله الى هوذة بن على سلام على من اتبع الهدى واعلم أنّ دينى سيظهر الى منتهى الخف والحافر فأسلم تسلم وأجعل لك ما تحت يدك* فلما قدم عليه سليط بكتاب النبىّ صلى الله عليه وسلم مختوما أكرمه وأنزله وحياه وقرأ كتاب رسول الله صلى الله عليه وسلم وكان هوذة من الملوك العقلاء ولكن لم يوفق وكتب اليه ما أحسن ما تدعو اليه وأجمله وأنا شاعر قومى وخطيبهم والعرب تهاب مكانى

فاجعل لى بعض ملكك أتبعك وأجاز سليطا بجائزة وكساه أثوابا من نسج هجر فقدم بذلك كله على رسول الله صلى الله عليه وسلم وأخبره بما قال فقرأ كتابه وقال لو سألنى سيابة من الارض ما فعلت باد وباد ما فى يده فلما انصرف رسول الله صلى الله عليه وسلم من فتح مكة جاءه جبريل فأخبره أنّ هوذة قد مات فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم أما انّ اليمامة سيخرج بها كذاب يتنبأ يقتل بعدى فقال قائل يا رسول الله فمن يقتله فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم أنت وأصحابك فكان من أمر مسيلمة وتكذيبه ما كان وظهر عليه المسلمون فقتلوه فى خلافة أبى بكر رضى الله عنه وكان ذلك القائل من قتلته وفق ما قاله الصادق المصدوق صلوات الله وبركاته عليه* ذكر الواقدى باسناد له عن عبد الله بن مالك أنه قال قدمت اليمامة فى خلافة عثمان بن عفان فجلست فى مجلس بهجر فقال رجل فى المجلس انى لعند ذى التاج الحنفى يعنى هوذة يوم الفصح اذ جاءه حاجبه فاستأذن لاركون دمشق وهو عظيم من عظماء النصارى فقال ائذن له فدخل فرحب به فتحدّثا فقال الاركون ما أطيب بلاد الملك وأبرأها من الاوجاع قال ذو التاج هى أصح بلاد العرب وهى ريف بلادهم قال الاركون وما قرب محمد منك قال ذو التاج هو بيثرب وقد جاءنى كتابه يدعونى الى الاسلام فلم أجبه قال الاركون لم لا تجيبه قال ضننت يدينى وأنا ملك قومى فان تبعته لم أملك قال بلى والله لئن تبعته ليملكنك وانّ الخيرة لك فى اتباعه وانه للنبىّ العربىّ الذى بشربه عيسى ابن مريم والمكتوب عندنا فى الانجيل محمد رسول الله* قال ذو التاج قد قرأت فى الانجيل ما تذكر ثم قال للاركون فما لك لا تتبعه قال الحسد له والضنّ بالخمر وشربها قال فما فعل هرقل قال هو على دينه ويظهر لرسله أنه معه وقد سبر أهل مملكته فأبوا أشدّ الاباء فضنّ بملكه أن يفارقه قال ذو التاج فما أرانى الا متبعه وداخلا فى دينه فانى فى بيت العرب وهو مقرّى على ما تحت يدى قال البطريق هو فاعل فاتبعه فدعا رسولا وكتب معه كتابا وسمى هدايا فجاءه قومه فقالوا تتبع محمدا وتترك دينك لا تملكنّ علينا أبدا فرفض الكتاب قال فأقام الاركون عنده فى حباء وكرامة ثم وصله ووجهه راجعا الى الشام قال الرجل وتبعته حين خرج فقلت أحق ما أخبرت ذا التاج قال نعم والله فاتبعه قال فرجعت الى أهلى فتكلفت الشخوص الى النبىّ صلى الله عليه وسلم فقدمت عليه مسلما وأخبرته بكل ما كان فالحمد لله الذى هدانى ولم يسم فى حديث الواقدى هذا الرجل الا أنّ فيه أنه كان من طئ من بنى نبهان* روى انّ عامر بن سلمة من بنى حنيفة رأى رسول الله صلى الله عليه وسلم ثلاثة أعوام ولاء فى الموسم بعكاظ وبمجنة وبذى المجاز يعرض نفسه على قبائل العرب يدعوهم الى الله والى أن ينصروه حتى يبلغ عن الله فلا يستجيب له أحد وانّ هوذة بن على سأل عامرا بعد انصرافه عن الموسم الى اليمامة فى أوّل عام عما كان فى موسمهم من خبر فأخبره خبر رسول الله صلى الله عليه وسلم وأنه رجل من قريش فسأله هوذة من أىّ قريش فقال له عامر من أوسطهم نسبا من بنى عبد المطلب فقال له هوذة انما أمره سيظهر على ما هاهنا وغير هاهنا ثم ذكر تكرّر سؤال هوذة له عنه حتى ذكر له فى السنة الثالثة أنه رآه وأمره قد أمر فقال هوذة هو الذى قلت لك ولو أنا اتبعناه لكان خيرا لنا ولكنا نضنّ بملكنا وأخبر عامر بذلك كله سليط بن عمرو وقد مرّ به منصرفا اد بعثه اليه رسول الله صلى الله عليه وسلم وأسلم عامر آخر حياة النبىّ صلى الله عليه وسلم ومات هوذة كافرا على نصرانيته ذكر هذا الكلام كله الكلاعى فى الاكتفاء*

,

كتاب ملوك حمير

وفى هذه السنة قدم على رسول الله صلى الله عليه وسلم كتاب ملوك حمير مقدمه من تبوك سنة تسع وهم الحارث بن عبد كلال ونعيم بن عبد كلال والنعمان قيل ذى رعين وهمدان ومعافر ورسولهم اليه صلى الله عليه وسلم مالك بن مرّة الرهاوى فى الصحاح القيل ملك من ملوك حمير دون الملك الاعظم* وفى القاموس أصله قيل كفيعل سمى به لانه يقول ما شاء فينفذ* وفى القاموس أيضا وذورعين ملك حمير ورعين كزبير حصن له أو جبل فيه حصن ومخلاف آخر باليمن قال الواقدى بعث زرعة ذى يزن الى رسول الله صلى الله عليه وسلم مالك بن مرّة الرهاوى باسلام حمير ومفارقتهم الشرك وأهله وقد كان رسول الله صلى الله عليه وسلم فى مسيره الى تبوك يقول انى بشرت بالكنزين فارس والروم وأمددت بالملوك ملوك حمير يأكلون فىء الله ويجاهدون فى سبيل الله فلما قدم مالك بن مرّة باسلامهم كتب اليهم* بسم الله الرحمن الرحيم من محمد رسول الله النبىّ الى الحارث بن كلال والى نعيم بن كلال والى النعمان قيل ذى رعين ومعافر وهمدان أمّا بعد ذلكم فانى أحمد اليكم الله الذى لا اله الا هو أمّا بعد فانه قد وقع بنا رسولكم منقلبنا من أرض الروم فلقينا بالمدينة فبلغ ما أرسلتم به وخبر ما قبلكم وأنبأنا باسلامكم وقتلكم المشركين وانّ الله قد هداكم بهداه ان أصلحتم وأطعتم الله ورسوله وأقمتم الصلاة وآتيتم الزكاة وأعطيتم من المغانم خمس الله وسهم النبىّ صلى الله عليه وسلم وصفيه وما كتب على المؤمنين من الصدقة وبين لهم صدقة الزرع والابل والبقر والغنم ثم قال فمن زاد خيرا فهو خير له ومن أدّى ذلك وأشهد على اسلامه وظاهر المؤمنين على المشركين فانه من المؤمنين له مالهم وعليه ما عليهم ومن كان على يهوديته أو نصرانيته فانه لا يردّ عنها وعليه الحزية على كل حال ذكر أو أنثى حرّ أو عبد دينار واف من قيمة المعافر أو عوضه ثيابا فمن أدّى ذلك الى رسول الله صلى الله عليه وسلم فان له ذمة الله وذمة رسوله ومن منعه فانه عدوّ لله ولرسوله أما بعد فانّ محمدا النبىّ أرسل الى زرعة ذى يزن أن اذا أتاكم رسلى فأوصيكم بهم خيرا معاذ بن جبل وعبد الله بن زيد ومالك بن عبادة وعقبة بن نمر ومالك بن مرّة وأصحابهم واذا جمعوا عندكم من الصدقة أو الجزية من مخاليفكم فأبلغوها رسلى فان أميرهم ابن جبل فلا ينقلبن الا راضيا أمّا بعد فانّ محمدا يشهد أن لا اله الا الله وأنه عبده ورسوله ثم انّ مالك بن مرّة الرهاوى قد حدّثنى انك قد أسلمت من أوّل حمير وقتلت المشركين فأبشر بخبر وآمرك بحمير خيرا ولا تخاونوا و* لا تخاذلوا فانّ رسول الله صلى الله عليه وسلم هو مولى غنيكم وفقيركم وانّ الصدقة لا تحلّ لمحمد ولا لأهل بيته انما هى زكاة يزكى بها على فقراء المسلمين وابن السبيل وان مالكا قد بلغ الخبر وحفظ الطيب وآمركم به خيرا وانى قد أرسلت اليكم من صالحى أهلى وخيرتهم وأولى علمهم وآمركم بهم حيرا فانه منظور اليهم والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته* فهذا ما ذكره ابن اسحاق من شأن ملوك حمير وما كتبوا به وكتب اليهم وذكر الواقدى أيضا نحوه ولا ذكر للمهاجرين أبى أمية فى شئ من ذلك الا أنّ ابن اسحاق والواقدى ذكرا أن قدوم رسول ملوك حمير على رسول الله صلى الله عليه وسلم كان مقدمه من تبوك وذلك فى سنة تسع وتوجيه رسول الله صلى الله عليه وسلم الرسل الى الملوك انما كان بعد انصرافه من الحديبية آخر سنة ست فلعلّ المهاجر والله أعلم كان توجهه حينئذ الى الحارث بن عبد كلال فصادف منه عامئذ تردّدا واستنظارا ثم جلا الله عنه العمى فيما بعد وآثره بهدايته فاستبان له القصد فعند ذلك أرسل هو وأصحابه باسلامهم الى رسول الله صلى الله عليه وسلم وبذلك يجتمع الامران ويصح الخبران اذ لا خلاف بين أهل العلم بالاخبار والعناية بالسير أنّ ملوك حمير أسلموا وكتبوا باسلامهم

الى رسول الله صلى الله عليه وسلم كما انه لا خلاف بينهم أيضا فى توجيه

المهاجرين أبى أمية المخزومى وهو شقيق أمّ سلمة زوج النبىّ صلى الله عليه وسلم الى الحارث بن عبد كلال ويقول بعض من ذكر ذلك أنّ المهاجر لما قدم عليه قال له يا حارث انك كنت أوّل من عرض عليه النبىّ صلى الله عليه وسلم نفسه فخطئت عنه وأنت أعظم الملوك قدرا فاذا نظرت فى غلبة الملوك فانظر فى غالب الملوك واذا سرّك يومك فخف غدك وقد كانت قبلك ملوك ذهبت آثارها وبقيت أخبارها عاشوا دهرا طويلا وأملوا أملا بعيدا وتزوّدوا قليلا منهم من أدركه الموت ومنهم من أكلته النقم وانى أدعوك الى الرب الذى ان أردت الهدى لم يمنعك وان أرادك لم يمنعك منه أحد وأدعوك الى النبىّ الأمىّ الذى ليس شئ أحسن مما يأمر به ولا أقبح مما ينهى عنه واعلم انّ لك ربا يميت الحىّ ويحيى الميت ويعلم خائنة الاعين وما تخفى الصدور فقال الحارث قد كان هذا النبىّ عرض علىّ نفسه فخطئت وقد كان ذخرا لمن صار اليه وكان أمره أمر اسبق فحصره اليأس وغاب عنه الطمع ولم تكن لى قرابة أحتمله عليها ولا لى فيه هوى أتبعه له غير أنى أرى أمرا لم يؤسسه الكذب ولم يسنده الباطل له بدء سارّ وعاقبة نافعة وسأنظر*



كلمات دليلية: